الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة أتم التسليم على المبعوث بالرحمة للعالمين, وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين , وبعد:
فإنَّ العين حقٌّ ، قد أخبر بذلك سيد المرسلين, ولولا أن كل شيء بقدر الله تعالى ولا يقع شيء في ملك الله إلا بمشيئته لسبقت عين الإنسان كل شيء .
وهي حق ثابتٌ شرعاً وحساً, قال الله تعالى { وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ }[القلم:51]. قال ابن عباس وغيره في تفسيرها: أي يعينوك بأبصارهم.
وهي طبيعةٌ يخلقها الله تبارك في عبد من عباده ، عندما ينظر للشيء يعجبه يصيبه بالأذى، دون أن يدري أو يدري ، فهناك فريق من العائنين من يتحدَّى بعينه ، ويضر بغيره ، وهذا من الشرِّ المستطير الذي حلَّ ببعض الناس ابتلاء ، ولا علاقة للعين بالصَّلاح أو غيره ، فقد تكون العين في رجل صالح ، وهذا ما وقع في الصحابي عامر بن ربيعة رضي الله عنه ، وقد عانَ أحدَ الصَّحابة في ذلك ، ولكن على من ابتلاه الله بهذا البلاء أن يدعو بالبركة لكل ما يراه لئلا يصبه بأذى دون أن يدري ، وكذلك من سمع عن شيء أعجبه ، فليبرك لأصحابه ، لأن العين قد تصيب على السَّمع أيضاً .
قال ابن القيم: « أبطلت طائفة ممن قلَّ نصيبهم من السمع والعقل أمرَ العين، وقالوا: إنما ذلك أوهامٌ لا حقيقة لها، عن الأرواح والنفوس، وصفاتها أفعالها، وتأثيرها. وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمرَ العين، ولا تُنكره، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين ». الطب النبوي.
وقد تضافرت الأحاديث النبويَّة الصحيحة في بيان أنها حقٌّ, وكيف يتَّقي الإنسان العين, وماذا يفعل من ابتلي بذلك.
فعن عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما - عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «العَينُ حقُ ، ولوكان شيء سَابقُ القَدَرَ سَبقتْهُ العينُ ، وإذااسْتُغْسلتم فاغسِلوا» أخرجه مسلم.
وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ العين حقٌّ ». أخرجه البخاري، ومسلم.
وعن عائشة -رضي اللَّه عنها - قالت : «كان يُؤمَرُ العَائِنُ : فتيوضأُ ، ثم يغتسلُ منه الَمعيِنُ» أخرجه أبو داود.
وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العين لتولَع الرَّجل بإذن الله حتى يصعد حالِقاً ثم يتردَّى منه". قال الهيثمي: رواه أحمد والبزار ورجال أحمد ثقات. والحالق: الجبل.
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثر من يموت من أمَّتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره،بالأنفس". قال البزار: يعني بالعين. قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا الطالب بن حبيب بن عمرو وهو ثقة.
عن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرني أن أسترقي من العين» متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: " استعيذوا بالله تعالى من العين فإنَّ العين حق " . الصحيحة (737).
وقال صلى الله عليه وسلم: " إذا رأى أحدكم من أخيه و من نفسه و من ماله ما يعجبه فليبرِّكه، فإنَّ العين حقٌّ". الصحيحة (2572).
علاج العين
إذا عرف العائن, فإنَّه يؤمر بالاغتسال, فيؤخذ ويصب على رأس المعيون مرة واحدة. ودليله ما رواه مالك عن ابن شهابٍ عن أبي لمامة بن سهل بن حنيف قال : رأى عامر ابن ربيعة سهل بن حنيف يغتسل فقال : والله ما رأيتك اليوم ولا جلد مخبّأ فقال : فلبط سهل فأتى رسول الله صلى عليه وسلم عامراً فتغيَّظ عليه وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ألا برَّكت اغتسل له فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة أزاره في قدح ثم صبَّ عليه فراحَ مع الناس ".
وإن لم يُعرف العائن: فإنَّ المعيون يرقي نفسه بالأذكار المشروعة والآيات القرآنية.