{ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف : 31]
هذه الآية الكريمة تُعد مُعجزة من معجزات الطب الخالدة ، فهي تأمر بعدم الإسراف في الطعام والشراب لتنجينا وتحمينا ما يقع فيه المسرفون من أوجاع وأمراض ووهن وضعف.
يُروى أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال لعلي بن الحسين: ليس في كتابكم من علم الطب شي، والعلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان. فقال له علي: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابنا. فقال له: ما هي؟ قال قوله عز وجل:" وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا". فقال النصراني: ولا يؤثر عن رسولكم شي من الطب. فقال علي: جمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطب في ألفاظ يسيرة, قال: ما هي؟ قال: (المعدة بيت الأدواء والحمية رأس كل دواء وأعط كل جسد ما عودته). فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طبا[1][1].
الإسراف بتناول كمية من الطعام :
إن كثيراً من الناس يتوهمون أنهم بتناولهم كمية كبيرة من الطعام يزدادون صحة وقوة ، وخفي عليهم أن كمية الطعام الزائدة تسبب لهم عكس ما يرجون ، إذ تسير بهم إلى الضعف والهزال.
إن الجسم لا يستفيد من كل ما يلقى فيه من طعام ، وإنما يأخذ مجرد كفايته منه ، ثم يبذل بعد ذلك مجهوداً كبيراً مما زاد منه عن حاجته ، وبجانب هذا تصاب المعدة وسائر الجهاز الهضمي بإرهاق شديد يسلم المرء إلى أمراض معينة خاصة بذلك الجهاز .
- الإسراف في تناول مادة معينة من مواد الطعام:
وهنالك إسراف من نوع آخر، وهو تناول مادة معينة من مواد الطعام بنسبة كبيرة تطغى على النسب اللازمة من المواد الأخرى ، كالإسراف في تناول الزلاليات كاللحوم ، بحيث تطغى هذه الزلاليات على مايحتاجه الجسم من نشويات ، كالخبز والأرز ، أو مواد سكرية ، أو دهنيات ، كالسمن والزيت ، أو بالعكس .
فالطعام يجب أن يكون محتوياً على جميع العناصر اللازمة لعمليات البناء والهدم في الجسم بنسبها الصحيحة مع عدم إغفال الفيتامينات الموجودة في الفاكهة والخضروات ، وعدم إغفال مايلزم الجسم من ملح الطعام وغيره من سائر الأملاح والماء .
فاللحوم مثلاً ، والإكثار منها ، يعرض الإنسان للإصابة بأمراض الكُلى وضغط الدم وتصلب الشرايين ، والإسراف مثلاً في تناول السكر الأبيض النقي والحلويات المصنوعة منه يضر كذلك بالجسم ضرراً بليغاً للميل العجيب الذي في السكر إلى الأتحاد بالكلسيوم ، فعندما يزيد السكر الذي في الجسم عن حد معين فإن المقدار الفائض يتحد ببعض الكلسيوم الموجود في الأنسجة ، ويضطر الدم أن يعوض مافقده منه فيأخذه من العظام والأسنان ، ويؤدي هذا إلى نخر الأسنان وضعف العظام ، وهكذا الشأن في الإسراف في مادة معينة من مواد الغذاء .
- الإسراف بالإكثار من الأغذية المركزة :
ومن الإسراف الإكثار من الأغذية المركزة ، فتناول الأغذية البروتينية المركزة مثلاً، مثل البيض واللحوم والأسماك والجبن المركز والطيور ، يضر بالجسم ضرراً بليغاً من ناحية معينة ، فإن الجسم في حاجة إلى المأكولات التي تحتوي على مقدار كاف من الألياف والمواد السيلولوزية ، كالفاكهة والخضروات ، حتى لا تحدث الإمساك الذي يسبب الحموضة في الجسم ، فإن بقاء الكتلة البرازية في الأمعاء معناه أمتصاص الجسم لبعض ماتحتوي عليه من المواد السامة والنفايات الحامضية ، وهكذا .
- فرضية الأكل والشرب:
والآية الكريمة مع نهيها عن الإسراف في الأكل والشرب ، تأمرنا أن نأكل ونشرب محافظة على أبداننا وحيويتنا ، ولتعويض أجسامنا وخلاياها عما تفقده أثناء تأدية وظائفها الفسيولوجية الحيوية.
منقول من موقع جمعية القلب السعودية, (مع تصرف وإضافة وتعديل).