* احتمال تقديس الراقين :
قال ابن عثيمين : « لكن إذا كان الشفاء بالقراءة الشرعية فإن التقديس
للإنسان أكثر توقعاً مما لو كان بغير ذلك ؛ لأنه ربما يعتقد أن لهذا المعالج منزلة
عند الله عز وجل ، وأنه في ظل هذه المنزلة فقد كتب الله الشفاء على يديه ؛ لكن
الواجب أن يعلم الإنسان أن القراءة هي سبب للشفاء والدواء الذي حصل به الشفاء
إنما هو سبب والله سبحانه وتعالى هو المسبِّب ، وأن الإنسان ربما يفعل الأسباب
فتوجد موانع تمنعه من تغييرها ؛ فالأمر كله بيد الله سبحانه » [27] .
* إقامة مراكز خاصة بالرقية الشرعية :
سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ عن جواز إقامة مركز خاص بالرقية
الشرعية فأجاب : « الرقية الشرعية الأوْلى ألا يتوسع فيها التوسع الزائد ، وإنما
الأمر متروك لكل فرد يحسن الرقية أن يرقي ، وأما وضعها كمركز صحي أو نحو
ذلك فهذا مبالغة فيها ؛ وقد تكون سبباً لإخراجها عن شرعيتها » [28] .
* الرقية بمكبرات الصوت وعبر الهاتف وعلى مجموعة من الناس :
في بعض البلدان التي يعتمد فيها بعض الناس على الرقى ، يتزاحم الناس
كثيراً عند بعض المشهورين من القرَّاء ، ممَّا يجعله يقرأ عليهم الأوراد باستخدام
مكبرات الصوت ، وقد ورد سؤال عن ذلك إلى اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية
[29] فكان الجواب : « الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة ولا تكون
بواسطة مكبر الصوت ولا بواسطة الهاتف ؛ لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان في الرقية ، وقد
قال صلى الله عليه وسلم : » من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد « [30] .
وسئل عن ذلك ابن باز رحمه الله فأجاب : » هذا لا أصل له ولا أساس في
الشرع ، إنما الأصل في القراءة أن ينفث على المريض : على يده ، وعلى صدره ،
وعلى وجهه ، وعلى رأسه ، وألا ينفث في الهواء والناس بعيدون عنه ؛ فكل
مريض بحسبه أن يقرأ في ماء يشربه أو يستحم به المريض .
أما ما يفعله بعض الناس عن طريق المكبرات فلا أصل له ولا نعلمه مما جاء
به الشرع أو فعله المسلمون ؛ فالواجب تركه .
ويقرأ المريض آية الكرسي وبعض الأدعية المعروفة بالرقية الشرعية حتى
ولو لم يكن هناك إطالة في القراءة .
فلا حاجة للمكبرات أو جمعهم بصالة ؛ فهذا مما لم يُعلَم بالشرع ولم يفعله
السلف فيما نعلم ، بل هذا بِدعٌ اخترعها بعض أهل هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا
بالله « [31] .
* جهاز التسجيل والرقية :
ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية سؤال عن تشغيل
جهاز التسجيل على آيات من القرآن لعدة ساعات عند المريض وانتزاع آيات معينة
تخص السحر وأخرى للعين وأخرى للجان ؛ فأجابت اللجنة : » تشغيل جهاز
التسجيل بالقراءة والأدعية لا يغني عن الرقية ؛ لأن الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد
ونية حال أدائها ومباشرة للنفث على المريض ؛ والجهاز لا يتأتى منه ذلك « [32] .
* هل للراقي مس شيء من بدن المرأة وقياس ذلك على عمل الطبيب ؟
ورد إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية سؤال حول مس
الراقي جسد المرأة بحجة التضييق والضغط على ما فيها من الجان [33] ؛ بحجة أن
مثل هذا اللمس يحصل من الأطباء في المستشفيات ، فأجابت اللجنة : » لا يجوز
للراقي مس شيء من بدن المرأة التي يرقيها لما في ذلك من الفتنة ، وإنما يقرأ
عليها بدون مس ، وهناك فرق بين عمل الراقي وعمل الطبيب ؛ لأن الطبيب قد لا
يمكنه العلاج إلا بمس الموضع الذي يريد أن يعالجه ؛ بخلاف الراقي ؛ فإن عمله
وهو القراءة ، والنفث لا يتوقف على اللمس « [34] .
* جعل الرقية وسيلة تشخيص :
قد جعل الله تعالى الرقية المشروعة سبباً من أسباب الشفاء ينفث بها الراقي
على المريض أياً كان المرض وسببه ، سواء عُلم أم لم يعلم ؛ فهي تضرُّع إلى الله
تعالى وطلب منه أن يكشف المرض ويرفع الضر ، ولم يجعلها الله تعالى وسيلة
للتشخيص وطريقة لاختبار أسباب المرض كما يفعله بعض الرقاة اليوم ممن توسعوا
في تنويع طريقة الرقية والآيات المستخدمة فيها على نحو يريدون من خلاله
الوصول إلى معرفة سبب المرض ( أهو عين أم مس أم سحر ) ، ولذا كثر
اختلافهم فيما بينهم في الحالة الواحدة ؛ بل إن الراقي قد يشخص اليوم تشخيصاً
ينقضه في غده ، ثم ينقضه أخرى ؛ وذلك لأجل اعتماده على تأثر المريض بآيات
دون غيرها في كل مرة ، وجعل ذلك وسيلة لتشخيص المرض ؛ فإن تأثر المريض
عند قراءة آيات السحر شُخّص بأنه مسحور ، وإن تأثر عند قراءة ما يتعلق بالعين
شُخّص بأنه مصاب بعين ، وهكذا مع المس ؛ وإن تأثر بذلك كله شُخّص بأنه
مصاب بالثلاثة ( سحر ، وعين ، ومس ) .