اختلف العلماء قديماً في حكم التداوي بالمباح ؛ فعند أبي حنيفة أنه مؤكد حتى
يداني به الوجوب ، ومذهب الشافعي استحبابه ، ومذهب مالك أن التداوي وتركه
سواء ، وعند أحمد أنه مباح وتركه أفضل [13] . وأما التداوي بالمحرمات فمذهب
جماهير العلماء تحريمه لما رواه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه : « إن
الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم » [14] ؛ ولا سيما الخمر لما في الصحيح أنها
داء وليست بدواء .
قال ابن تيمية : « فإن الناس قد تنازعوا في التداوي : هل هو مباح أو
مستحب أو واجب ؛ والتحقيق أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما
هو مباح ، ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب وهو : ما يعلم أنه
يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ، فإنه واجب
عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء » [15] .
وقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي قراراً بشأن العلاج الطبي [16] جاء
فيه : « الأصل في حكم التداوي أنه مشروع ، لما ورد في شأنه في القرآن الكريم
والسنة القولية والعملية ، ولما فيه من حفظ النفس الذي هو أحد المقاصد الكلية من
التشريع ، وتختلف أحكام التداوي باختلاف الأحوال والأشخاص :
- فيكون واجباً على الشخص إذا كان تركه يفضي إلى تلف نفسه أو أحد
أعضائه أو عجزه أو كان المرض ينتقل ضرره إلى غيره ، كالأمراض المعدية .
- ويكون مندوباً إذا كان تركه يؤدي إلى ضعف البدن ولا يترتب عليه ما
سبق في الحالة الأولى .
- ويكون مباحاً إذا لم يندرج تحت الحالتين السابقتين .
- ويكون مكروهاً إذا كان بفعل يخاف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة
المراد إزالتها » .
وقال ابن عثيمين [17] : « فالأقرب أن يقال :
1 - إن ما علم ( أو غلب على الظن ) نفعه مع احتمال الهلاك بعدمه فهو
واجب .
2 - وما غلب على الظن نفعه ولكن ليس هناك هلاك محقق بتركه فهو أفضل .
3 - وما تساوى فيه الأمران فتركه أفضل لئلا يلقي الإنسان بنفسه إلى التهلكة
من حيث لا يشعر » .
* التداوي عند غير المسلمين [18] :
يكره أن يتداوى المسلم عند طبيب نصراني أو يهودي لغير ضرورة ؛ لأنه
غير مأمون ؛ فينبغي ألا نأمنهم وقد خونهم الله تعالى ، ولا يجوز التداوي عند غير
المسلمين إلا بشرطين : الأول : الحاجة إليهم ، والثاني : الأمن من مكرهم .
نشرت فى 1 مايو 2012
بواسطة tebnabawie
سالم بنموسى
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,214,493