مع كل الصراع بين الإخوان المسلمين وبين عميل الاحتلال البريطاني, النقراشي باشا, وعلى الرغم من جرائمه في حق مصر, لكن الإخوان المسلمين أيدوا النقراشي حين أعلن سفره للأمم المتحدة ليطالب باستقلال مصر, بل أرسل حسن البنا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وقتها يؤيد فيها النقراشي ويقول أنه يمثل الشعب المصري رداً على رسالة أرسلها النحاس للأمين العام يعلن فيها أن قضية الاستقلال يجب أن يعرضها زعيم الأغلبية !
الإخوان المسلمون إذن كان يشغلهم تحرر مصر من الاحتلال البريطاني, بغض النظر عمَّن يتصدر المشهد السياسي والنقراشي الذي دعمه الإخوان المسلمون هو نفسه النقراشي الذي تآمر بعد ذلك التاريخ بسنة, مع البريطانيين على فلسطين وأعلن قبوله الهدنة في وقت كانت القوات المصرية فيه قريبة من تل أبيب المحتلة , وهو نفسه النقراشي الذي قام بإعدامه أحد طلاب الإخوان دون الرجوع لقادته, وهو نفسه النقراشي الذي قال الشهيد حسن البنا عمن أعدموه أنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين !
قام الإخوان المسلمون بكل ما يجعلهم العدو رقم ( 1 ) للاستعمار البريطاني, فكان اداؤهم العسكري, الذي تفوق على الأداء العسكري للجيش المصري النظامي أحياناً ( معركة التبة 86 مثلاً ), يدق ناقوس الخطر في آذان البريطانيين, فكان ما كان من قرارات قبول الهدنة وحل جماعة الإخوان المسلمين واتهامها بأنها جماعة ارهابية تعمل على قلب نظام الحكم بحجة وجود اسلحة في سيارة جيب كانت متجهة للحرب في فلسطين وهي التهمة التي برأتهم منها المحكمة وقتما كان في مصر قضاة. وعلى الرغم من اغتيال حسن البنا والاجراءات القمعية التي اتخذتها الحكومة ضدهم, الا ان الاخوان المسلمين لم يتوقفوا عن مقاومة الاحتلال البريطاني, فكان مهدي عاكف يدرب طلبة الجامعات على استخدام السلاح وكان الطلبة وقتها بالإضافة للإخوان المسلمين هم العمود الفقري لحركة المقاومة في مدن القناة.
منذ بداية عام 1951, شن الإخوان المسلمون حرب عصابات شرسة ضد القوات البريطانية, بدءاً من تفجير القطارات التي تحمل دبابات وامدادات الجيش البريطاني, ومهاجمة نقاط التفتيش البريطانية على الطرق وحرق مخازن البترول البريطانية, واصطياد دبابات الاحتلال, وملئت أخبارهم الصحف البريطانية وقتها, ووصل ذعر قوات الاحتلال البريطاني, إلى الحد الذي منعت فيه القيادة البريطانية جنودها من مغادرة المعسكرات بعد وقت الغروب, بسبب عمليات اصطياد الجنود التي كان يقوم بها الإخوان ومعهم طلبة الجامعات الذين شكلوا مصدراً لا ينقطع لانتاج الفدائيين. ففي معركة التل الكبير التي بدأت بنسف خطة سكة حديد أكثر من مرة وتحول فيها جنود الجيش البريطاني إلى فرائس يصطادها الإخوان, وحاصرت فيها قوات الاحتلال القرية وقصفتها بالمدافع, تكبد الجيش البريطاني خسائر كبيرة, وهي المعركة التي عدد مقاتلي الإخوان فيها 30 فدائياً فقط, خرج حوالي ربع مليون في اليوم التالي لتشييع جثمان احدهم بعد استشهاده في المعركة وكان طالباً في كلية الآداب يبلغ من العمر 20 عاماً فقط !
عندما تكرر ما يقوله لك الإعلام وتمجد عبد الناصر وتصفه بالزعيم تذكر, أنه في ليلة 23 يوليو كان الإخوان يقومون بتأمين مداخل القاهرة والاسكندرية بالتنسيق مع الضباط الأحرار, لينجح ضباط الجيش في إجبار الملك فاروق على التنحي وكانوا يعتبرون عبد الناصر أحد رجالهم, بعد أن بايع الإخوان المسلمين على المصحف والمسدس في احد منازل حي السيدة زينب, وهو نفسه عبد الناصر الذي ملأ الدنيا ضجيجاً عن ( متاجرة ) الإخوان بالدين ووضعهم في السجون وقتل منهم الكثير ووقع على وثيقة تقنن إجراءات اعتقالهم وتحطيم هيكل جماعتهم وقتلهم, على الرغم من أنه هو نفسه عبد الناصر الذي وقف أمام قبر حسن البنا رحمه الله, سنة 1953 ليخاطبه قائلاً ( نحن على الدرب سائرون ) !
تذكر وأنت تشيد بذكاء عبد الناصر وكيف نجح في انشاء تنظيم الضباط الأحرار كما تقرأ في صحيفة الجمهورية مثلاً أو غيرها, تذكر وقتها ان من أسس التنظيم في الأساس كانوا هم الإخوان المسلمين, وكان التنظيم تحت قيادة الصاغ محمود لبيب ( الإخواني ) الذي سلم عبد الناصر قوائم تضم اسماء ضباط التنظيم وهو على فراش المرض, وكان حسن البنا قد تم اغتياله قبلها, مما منح عبد الناصر فرصة إعادة تشكيل التنظيم وفقاً لأهواءه ودون أي رقابة من الإخوان !
تذكر وانت تستمع لذلك المذيع الذي دأب على سب الإخوان المسلمين منذ سنة تقريبا, معركة ناحال عوز التي اقتحمت فيها عناصر من المقاومة الفلسطينية ( حماس الإخوانية ) موقعاً عسكرياً صهيونياً أثناء العدوان على غزة في رمضان الماضي وكيف تسللوا إلى عمق الأراضي المحتلة ونجحوا في قتل الجنود الصهاينة والعودة بسلاح أحدهم !
تذكر وأنت تسب الرجل المسن مهدي عاكف, وتصفه بالخروف, أن ذلك الرجل كان يدرب المتطوعين في حرب فلسطين وحارب الصهاينة في فلسطين ودرب طلبة الجامعات في معارك القناة ضد الانجليز وحارب ضدهم, بينما اعضاء المجلس العسكري الذين تكتب لهم أنت بأوتوماتيكية الروبوت ( تسلم الأيادي ), لم يقف أحدهم وجهاً, لوجه ضد جندي صهيوني أو بريطاني.
تذكر أن الرئيس المنتخب المغدور الذي سبه ذلك الطبال السابق, والذي سمح للإعلام بسبه سنة كاملة دون أن يتحرك ضد أحد, هو نفسه الرئيس الذي يخشى صوته ( غلمان ) المجلس العسكري, وهو نفسه الرئيس العنيد الصامد ( الذي يراه الملايين وأنا واحدة منهم رئيس مصر الشرعي ), الذي فشلوا في إجباره على تقديم استقالته او اقناعه بالتنحي.
يقولون أن الإخوان المسلمين يخلطون الدين بالسياسة, والحقيقة أن الدين يجب أن يحكم السياسة ويوجهها, والحقيقة أيضاً أن الإخوان المسلمين هم ملح الأرض, وهم يمثلون أروع ما في قيم هذا الشعب, ولا أزايد على نضالهم, فأقلهم كافح وتحمل من أجل الوطن ما لم يتحمله أشد مدعي الثورية, ولكني أحبهم حينما يثورون وأرجو الا يخلطوا السياسة بالثورة.
وللحديث بقية ان شاء الله
ساحة النقاش