كتب الشاعر عبدالرحمن يوسف مقالا بعنوان "خمس بقرات مقدسات" يقول فيه ان الإعلام المصري يسعى بشتى الطرق لجعل الشعب يقدس مجموعة من المُسَلّمات كما يقدس الهندوسُ الأبقار, وأن نلغي عقولنا أمام ذلك.
يقول عبدالرحمن قى مقالته ان غاندي كتب مقالة فى ستينيات القرن الماضي يشرح فيها أسباب تقديسه للبقرة التى هي رمز الديانة الهندوسية, يقول الزعيم الهندي المهاتما غاندي: "إن حماية البقرة التي فرضتها الهندوسية هي هدية الهند إلى العالم، وهي إحساس برباط الأخوة بين الإنسان والحيوان، والفكر الهندي يعتقد أن البقرة أم الإنسان، وهي كذلك في الحقيقة، إن البقرة خير رفيق للمواطن الهندي، وهي خير حماية للهند."
يشبه عبدالرحمن يوسف بين عقيدة الهندوس تجاه البقر و بين ما يجري على الساحة السياسية فى مصر: "اليوم ... في عالم السياسة في مصر أصبح مطلوباً منا أن نلغي عقولنا، وأن نقدس مجموعة من المُسَلّمات كما يقدس الهندوسُ الأبقارَ، ومن يتابع الإعلام المصري سيرى بأم عينيه كيف يطالبنا مجموعة من "أشباه البقر" بتقديس وعبادة "البقر"!؟
ويرى الكاتب أن الإعلام المصري لديه خمس بقرات مقدسات: البقرة الأولى " عبدالفتاح سيسي، قائد الانقلاب العسكري، ولا أستطيع أن أفهم ما سر تقديس هذا الرجل؟ والغريب أن المطالبة بتقديسه تزداد كلما قَلَّتْ شعبيته في الشارع، وكلما ظهر فشله الذريع في إدارة الدولة المصرية، برغم كل الدعم المبذول له محلياً وإقليمياً ودولياً، وبرغم كل القتل والتنكيل وسفك الدماء والإجراءات الاستثنائية، ولست محتاجاً إلى تذكير القارئ بعشرات المواقف المثيرة للغثيان التي تمجده، وتشبهه بالرسل، وتمدحه مذ كان نطفة في بطن أمه ... وإلى آخر هذا الهذر !"
أما ثاني المقدسات كما يقول الكاتب فهى "بقرة الجيش": " تقديس الجيش لم يكن أمراً مطلوباً حين كان الجيش يؤدي مهمته المقدسة في قتال الأعداء الحقيقيين (إسرائيل)، فكان الشعار (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، اليوم ... أصبح الجيش في عصر سلام، ولكن ترى عابدي البقر يقولون لك (الجيش خط أحمر)، وكأن من يطالب بإبعاد الجيش عن السياسة يهين الجيش أو يسيء إليه."
و يقول "عبدالرحمن يوسف": "يا عابد البقر ... تذكر أننا لا نسمح بسقوط الجيش، ولا ننادي بذلك، وحين نقول (يسقط حكم العسكر)، فنحن لا نقول (يسقط الجيش، أو يسقط العسكر)، بل نقول (حكم العسكر)، الجيش يسقط إذا حكم، أما إذا تفرغ لواجبه المقدس، فهو على رؤوسنا."
البقرة الثالثة : بقرة الدولة" والدولة هنا بالمعنى السطحي، فليس المقصود أرض مصر، أو شعب مصر، أو حتى المؤسسات المصرية التي بنتها الأمة بسواعدها خلال قرنين من العمل الدؤوب، بل المقصود بالدولة المقدسة دولة الأجهزة الأمنية التي قتلت واغتصبت واعتقلت وتجسست ... المقصود الأجهزة التي سلطها الحكام الظلمة على المصريين عشرات السنين لكي تعمل خارج إطار القانون دون حساب أو عقاب."
ويقول الكاتب: "إنها الدولة التي يقودها جنرال، ويحكمها مدير مكتبه، ويحرك قضاءها عضو في مجلس عسكري، ويوجه إعلامها متحدث رسمي لفلان أو علان، ويقتل أبناءها مع سبق الإصرار والترصد أمين شرطة بسبب استفزاز متهم مقيد بالكلابشات في سريره !"
ويستكمل الكاتب ليقول إن البقرة الرابعة هى بقرة الأمن القومي: "وهي بقرة تظهر في اللحظات التي تأتي الأوامر بظهورها، فهم يتذكرون الأمن القومي حين تظهر كلمة فلسطين، ولكنهم ينسونها حين تظهر كلمة إسرائيل، ويتذكرونها مع قانون التظاهر، وينسونها مع فض الاعتصامات وقتل الناس وحرق جثثهم. إنها بقرة مقدسة تظهر وقتما يشاؤون، فهم يحددون مفهوم الخطر على الأمن القومي، ومن يهدد الأمن القومي، طبقاً لأهوائهم لا أكثر."
ويوضح الكاتب أن "الأمن القومي يقتضي أن نسكت عن المطالبة بحقوقنا، ولكنه لا يقتضي أن نتحرك لحماية حدودنا، ويقتضي أن يقتل ويسجن عشرات الآلاف من المدنيين، ولكنه لا يقتضي محاسبة المقصرين الذين لم يأمنوا جنودنا الواقفين في الخدمة والعربات المفخخة تمزق أشلاءهم بكل سهولة."
وآخر المقدسات التى تحدث عنها الشاعر عبد الرحمن يوسف هى "بقرة الصناديق" و يقول ان كل لعنو الصناديق فى عهد ما لأنها أتتلنا بفلان أو علان ... هؤلاء أنفسهم يطالبونك بتقديس الصندوق الذي جاء "ببقرتهم" المقدسة, و أن "من طالبوك باعتبار الصندوق بقرة مقدسة بالأمس فهم يطالبونك اليوم بذبح هذه البقرة، وذلك ليس عيباً، بل العيب أنهم يطالبون بذلك لأسباب غير موضوعية، وقد يطالبونك بتقديس الصناديق مرة أخرى حين تتغير الظروف."
ويختم "عبدالرحم يوسف" مقالته: "هذه بقراتهم المقدسة، يطالبوننا بعبادتها، ومن يخرج عن ذلك سيصبح مصيره كسائح أجنبي، يذبح بقرة مسالمة في شارع رئيسي في مدينة نيودلهي في عز الظهيرة ! كلمتي لكل من يعبد البقر: لن نعبد أبقاركم، ولن نقدس إلا ما أمرنا الله بتقديسه : (حياة الإنسان، دم الإنسان، كرامة الإنسان، عرض الإنسان، حرية الإنسان، رغيف الإنسان)." مؤكدا أن "الإنسان هو الكائن الأسمى الذي خلقه الله واستخلفه في الأرض، وكل بقراتكم المقدسة ليست أكثر من زور وبهتان، ولكم في تقديسها أغراض وأمراض".
نشرت فى 15 فبراير 2015
بواسطة tarek2011
قصاقيص الصحافة البيضاء
متابعة مقالات تترجم وتلخص أحداث مصر والعالم وكذلك مواضيع أخرى متنوعة »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
33,101
ساحة النقاش