رمضان والقراءة!
حسن أبومطير – يقظة فكر
ما أن يُقبل شهر رمضان الفضيل إلا و تجد المسلمين في كافة أنحاء العالم ينكبون على كتاب الله الكريم بنَهم شديد وحماسة عالية وهمة متوقدة مستشعرين أن رمضان هو شهر القرآن فيه أُنزل على محمد صلى الله عليه و سلم, وربما تجد بعض الأشخاص يفتخر بالقول بأنه يختم المصحف في كل ثلاثة أيام أو أقل, وتجد أيضا من يقول أنه ختم المصحف خمس أو ست مرات في رمضان و ربما يزيد!, وهذا أمر جيد لا اختلاف عليه.
ولو سألت كثيراً من أصحاب الرصيد الوافر في ختم المصحف في شهر رمضان عن مدى استفادته مما قرأ من كتاب الله طيلة شهر رمضان فستجد رصيداً متواضعاً جداً من الفائدة لأن الغالب يقرأ بهدف زيادة عدد مرات ختمه للقرآن بحُجَة أن رمضان شهر القرآن! وأن كثيراً من السلف الصالح كانوا إذا أقبل رمضان أغلقوا مكتباتهم وكتبهم واهتموا بالقرآن الكريم, وهذا فهم منقوص ونظرة قاصرة في غير محلها لحال السلف مع القرآن في رمضان من جهة, ولحالهم مع القراءة والتأليف وطلب العلم من جهة أخرى.
فحينما نطالع مثلا سيرة ابن تيمية مع العلم نجد أن له بصراً نافذاً ونفساً نَهِمة لا تكاد تشبع من العلم، ولا تكل من البحث ولا تُروى من المطالعة حتى إنه لم ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته في الشام أو في مصر، في السجن أو في البيت، بل إنه كان يتوجع ألما وحسرة حينما أخرجوا الكتب والأوراق من عنده في آخر أيامه.
ويروي ابن الجوزي فيقول عن نفسه في كتابه “صيد الخاطر” “و إني أخبر عن حالي: ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتابا لم أره، فكأني وقعت على كنز، ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر، وأنا بعد في الطلب” وهو يوصي طلبة العلم بقوله: “ليكن لك مكان في بيتك تخلو فيه، وتحادث سطور كتبك، وتجري في حلبات فكرك”.
وهذا ابن عباس يقول: “لأن أقرأ سورة من القرآن وأرتلها وأتدبرها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله”, ومعلوم أنه ورد عن الصحابة أنهم كانوا لم يتجاوزا العشرة آيات إلا ويعلمون في من نزلت وأين نزلت و علموا تفسيرها و اجتهدوا في تطبيق معانيها.
هؤلاء السلف الصلح وهذا هو حالهم مع العلم والقراءة, وما هذه الأمثلة إلا شيء متواضع من أحوال السلف الذين ندعيَّ أننا نقتدي بهم!
إن كثيراً من عادتنا في رمضان مُهدِرة لكثير من الأجر والوقت, وإن كان يظهر لنا في الظاهر أننا نصلي التراويح ونقرأ القرآن مرات عديدة خلال شهر رمضان, فكثير من الكبار و الصغار يقضون معظم أوقاتهم غالبا أمام شاشة التلفاز لساعات طويلة وفي الزيارات فقط, وليس هذا هو الاستثمار الأمثل لشهر رمضان, ونحن عندما نفهم أن الله سبحانه وتعالى جعل رمضان شهراً كاملاً فإن هذا لحكم كثيرة منها ترويض الأنفس على كثير من العادات والعبادات التي من المفُترض أن نستمر عليها بعد شهر رمضان, فالنفس البشرية – كما يقول علماء التغيير- تحتاج لمدة شهر كامل حتى تستطيع أن تغير من سلوكياتها وعاداتها إلى شيء أخر, فسبحان من قدَّر هذا (ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير).
ينبغي علينا أن ندرك أننا مُقبِلون على شهر عظيم يفتح الله فيه كل أبواب الرحمة ويسد فيه كل أبواب العذاب والغضب, وعلينا أن ندرك أن النفس تكون في حالة إقبال شديد على الطاعات في شهر رمضان وهذا هو سبب إقبال كثير من الناس على قراءة القرآن لمرات عديدة في شهر رمضان وهو أمر ربما قد لا يستطيعه الشخص العادي في غير شهر رمضان المبارك.
حريٌ بنا أن نستفيد من شهر رمضان المبارك في تقويم كثير من سلوكياتنا وعادتنا، وأهم ما ينبغي أن نهتم به هو القراءة التي تنمي ثقافتنا ووعينا و تكسبنا حصيلة فكرية ممتازة, فلو وضع الشخص المبتدئ في القراءة -مثلا- لنفسه هدفا بأن يُنهي كتابين أو ثلاثة من الحجم المتوسط بالإضافة لقراءة القرآن الكريم, فإن هذا من شأنه أن يعطيه دفعة قوية للاستمرار ومواصلة القراءة بعد رمضان.
في شهر رمضان نجد لإدارة الوقت متعة خاصة حيث أن كثيرا من الوقت مقسم في طاعات جماعية تتمثل في السحور والصلوات والقيام والدعاء والذكر والتهجد, وهذا من شأنه أن يختصر علينا كثيراً من العناء في إدارة الوقت وإيجاد الوقت المناسب للقراءة في أوقات الفراغ والأوقات البينية, وهذا يحتاج إلى براعة في استغلال تلك الأوقات وهو أمر سهل للغاية في رمضان وفرصة نادرة لا تتكرر في غير رمضان.
لنجعل من رمضان هذا العام فرصة حقيقة لتغيير ثابت الأركان , ولنخرج من شهر رمضان كما كان يخرج منه أهل الهمم من السلف رضي الله عنهم و نكون من الذين أحسنوا الاهتداء بهديهم واقتدوا بحالهم وقد تزودنا بطاقة إيمانية عالية وحصيلة معرفية وفكرية ممتازة.
والله الموفق و هو الهادي للصراط المستقيم.
وكل عام و أنتم إلى الله أقرب ودمتم أصحاب همم عالية وأرواح محلقة في رضوان الله.
إلى هنا… وأسمحوا لي أن ننتقل سويا لنسافر عبر الزمن وبصحبة شهر رمضان المبارك مع “تذاكر سفر” أرجو أن تجدوا فيها المتعة و الفائدة.
مقترح
” نحو تشكيل حصيلة فكرية ممتازة”
م | اسم الكتاب | المؤلف |
1 | في إشراقه آية | أ.د. عبد الكريم بكار |
2 | العقيدة و الإعجاز | د. محمد راتب النابلسي (صوتي- كتاب) |
3 | شرح مدارج السالكين | د. محمد راتب النابلسي (صوتي- كتاب) |
4 | بين التاريخ و الواقع | د. راغب السرجاني |
5 | فقه الظواهر الدعوية | د. حمدي شعيب |
6 | الثوابت و المتغيرات في العمل الإسلامي المعاصر | د. صلاح الصاوي |
7 | فلسطين ..واجبات الأمة | د. راغب السرجاني |
8 | في التاريخ فكرة و منهاج | سيد قطب |
9 | تكوين المفكر | أ.د. عبد الكريم بكار |
10 | هكذا ظهر جيل صلاح الدين و هكذا عادت القدس | د. ماجد الكيلاني |
11 | مدرسة الدعاة | د. عبد الله علوان |
12 | العلم و بناء الأمم | د. راغب السرجاني |
13 | هذا الدين | سيد قطب |
14 | جدد حياتك | محمد الغزالي |
15 | رمضان ثورة التغيير | د. خالد أبو شادي |
16 | يا صاحب الرسالة | د. خالد أبو شادي |
17 | رؤى تخطيطية | محمد أحمد الراشد |
18 | مهارات صناعة العقول | د. حسن الشريف |
19 | و شهد شاهد من أهلها | د. راغب السرجاني |
20 | دفاع عن الإنسان | عبد الوهاب المسيري |
21 | آيات الله في الأفاق | د. محمد راتب النابلسي |
22 | آيات الله في الإنسان | د. محمد راتب النابلسي |
23 | دراسة في فقه مقاصد الشريعة الإسلامية | د. يوسف القرضاوي |
24 | الإسلام و الوعي الحضاري | د. أكرم العمري |
25 | الوقت في حياة المسلم | د. يوسف القرضاوي |
26 | أزمة العقل المسلم | د. عبد الحميد أبو سليمان |
27 | نزهة في شوارع العقل | م. وائل عادل |
28 | اليهود التاريخ المصور | د. طارق سويدان |
29 | مرن عضلات مخك | د. طارق سويدان |
30 | القراءة التصويرية | م. جمال الملا |
31 | مشكلة عالم الأفكار في العالم الإسلامي | مالك بن بني |
32 | فلسفة التاريخ | د. جاسم سلطان |
33 | فقه الجهاد | د. يوسف القرضاوي |
34 | تجديد الوعي | أ. د. عبد الكريم بكار |
35 | نحو فهم أفضل للواقع الإسلامي | أ. د. عبد الكريم بكار |
36 | السنة مصدر للمعرفة و الحضارة | د. يوسف القرضاوي |
37 | الذاكرة التاريخية | د. جاسم سلطان |
38 | مفاهيم قرآنية في البناء و التنمية | أ.د. عبد الكريم بكار |
ساحة النقاش