عندما احتلت بريطانيا الهند فرضت عليها شراء الأقمشة البريطانية ـ وكانت صناعة النسيج في الهند تمثل قوتها الاقتصادية ـ وكان هدف بريطانيا تحطيم الاقتصاد الهندي فقامت برصد الأقمشة البريطانية في الأسواق الهندية بأسعار زهيدة جداً ، في مقابل الأسعار الغالية نسبياً للبضاعة الوطنية الهندية ، ولا شك أنّ الناس سيلجئون إلى شراء الأرخص وخاصة لو كانت البضاعة جيدة ، ولم تمض بضع سنين إلا وقد اضطر معظم أصحاب مصانع النسيج إلى إغلاق مصانعهم والهجرة إلى المدن الكبرى للعمل عند البريطانيين.
ولكن غاندى استيقظ للمؤامرة فأحيا في الشعب الهندي روح التحدي لبريطانيا التي تحتل بلاده ، فأيقظ في الشعب إرادة الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي كما أيقظ فيه حب الصناعات اليدوية التي كانت الهند تشتهر بها تاريخياً ، واستطاع بالفعل إرجاع شعبه إلى تلك الصناعات اليدوية ، كما أمر شعبه أن يقاطع البضائع البريطانية فما كان من السلطات البريطانية إلا أن أخذت غاندي بالقوة إلى بريطانيا ومرت به عبر شارع طويل في “لانكشير” حيث أمروا العمال العاطلين عن العمل بسبب المقاطعة الهندية لمنتجاتهم أن يصطفوا على جانبي الطريق الذي بلغ عدة أميال ، وبعد أن شاهدهم “غاندي” سأله البريطانيون : هل شاهدت هؤلاء ؟ فقال نعم ، فقالوا له هؤلاء ضحايا تعليماتك للشعب الهندي بمقاطعة البضائع الإنجليزية ، فسألهم غاندي : أين يسكن هؤلاء ؟ وكيف يأكلون ؟ فقالوا له: إنهم يقطنون منازلهم والمصانع تعطيهم نسبة معينة من أجورهم ، فقال لهم غاندي : إن شعبى هناك ينامون فى الشوارع ، ويموتون جوعاً ، وليس هناك من يتصدق عليهم! وما فعلت ما فعلت إلا من أجل إنقاذ ذلك الشعب البائس ، لقد استطاع غاندى أن يزرع في قلب الشعب الهندي روح التحدى لمقاومة خطط المستعمرين لتدمير الاقتصاد الهندى وتدمير إرادة الشعب ولكن الشعب الهندى استطاع بروح التحدي أن بصناعة كل شيء من الإبرة وحتى القنبلة الذرية.
ساحة النقاش