كيف نجدد حياتنا ؟
تجديد الحياة يكون بزراعة شجرة “الأمل” وريّها بمياه “الروح المعنوية” وتغذيتها بعناصر مادة “روح التحدي” واكتشاف أمراضها بجهاز “المحاسبة” وعلاجها بعقار “بذل الجهد” ، يقول “شفا يتزر” عن الحضارة : أنها بذل الجهد من أجل التقدم .
استعادة الأمل :
التاريخ هو الشاهد الذي لا يكذب ، قد أخبرنا وأخبر غيرنا ، أنّ العرب ولمدة ألف عام كانوا هم العالم الأول في التقدم العلمي وصناعة الحضارة ونقلت أوروبا عنهم كل أنواع العلوم ، الجبر والهندسة والطب والكيمياء والطبيعة والفلك والجغرافيا ، وعلم الاجتماع وغيرها ، أو بعبارة أخرى قالها الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون: ”طيلة خمسة قرون من 700 م – 1200 م فإن العلم الإسلامي تقدم وتفوق على الغربي فيما يتعلق بالقوى الجيوبوليتيكية ومستوى المعشية والتحمل الديني وتقدم القوانين ومستوى تعلم الفلسفة والعلوم والثقافة”. (1)
ويجب على المهزومين نفسياً أن يعرفوا تاريخهم العربي المشرّف ليستطيعوا تغيير حاضرهم المؤسف ، فلن يكلفهم استعادة التقدم إلى عصر التقدم إلا عقل سليم وإرادة قوية ، والعربي حر لا يرضى بالذل ، والتخلف والتبعية فهما قلب الذل وعقله.
إنّ ليل العالم العربي والذي إزداد في طول فترته بسبب النفاق الدولي ضدنا ، يوجب علينا مضاعفة الجهد وتقوية الصف العربي واكتشاف عيوبنا والجدية في علاجها وبهذا يبدأ فجر نهارنا العربي وتشرق شمسه من جديد.
والنفاق الدولي ضدنا حقيقة وليست وهماً ، إنهم نادي الاستعمار القديم وأعضاؤه الجدد ، لقد قالها الدكتور “بطرس غالى”، وصرخ بكلمة حق في آذانهم الصماء التي لا تريد أن تسمعنا ، حينما صرح لمجلة شبيجل الألمانية بعد فوزه سكرتيراً عاماً للأمم المتحدة حيث قال: العرب يعانون من النفاق الدولي ضدهم ، فالقرارات التي تصدر لصالحهم لا تنفذ ، والتي تصدر ضدهم تنفذ فوراً.
إنهم يحاولون تأخير شروق شمسنا ولن يستطيعوا ـ بإذن الله ـ لأننا نعرف محاولاتهم المستميتة من أجل ذلك.
لقد صرح وزير الخارجية المصرى “عمرو موسى” ( الأخبار المصرية 14/6/1993 ) في ندوة الحقوقيين عن مصر وأفريقيا، قال: “إنّ عالم الأمس يختلف عن عالم اليوم بسياساته وتوجهاته ، لأن الاستعمار الذي خرج من الباب يريد أن يعود من النافذة للسيطرة على مقدرات أفريقيا ، ولهذا نجد أن المديونية الأفريقية وصلت إلى 300 مليار دولار، وبها يحاول الاستعمار الجديد عن طريق الديون إعادة أفريقيا إلى تبعيته ، للحيلولة دون تطورها الاقتصادي.”
ولن ننسى سنة الله تعالى ، فالظلم مهما طال فلابد إلى زوال ، فالقرن الثامن عشر كان قرن الإمبراطورية الفرنسية، والقرن التاسع عشر كان قرن الإمبراطورية البريطانية التي كانت يومها لا تغيب عنه الشمس ، فكم نهبت من خيرات شرقنا العربى والإسلامي، وكم ساعدت في تجهيلنا وتضليلنا ، ثم ماذا ؟ لقد انحسرت حدودها إلى جزرها فقط فى أوربا وِانزوت داخل أرضها ، بعد أن كانت قائدة النظام الدولي عشرات السنين عادت فى آخر القرن العشرين لتكون تابعاً يرضى بالفتات الذي يسقط من قائد النظام الدولي الجديد “أمريكا” وصدق الله العظيم: “وتلك الأيام نداولها بين الناس”
إنّ ظلام الدنيا لو اجتمع فلن يستطيع أن يخفي ضوء شمعة ، فكيف إذا كان معك ضوء الشمس.
الروح المعنوية :
إن الروح المعنوية هي الماء العذب الذي يروى شجرة الأمل وبغير ذلك يكون الإنسان هو ميت الأحياء:
ليس من مات فاسـتراح بميت إنما الميت ميت الأحيـــاء
إنما الميت من يعيش كـــــئيباً كاســفاً باله قليل الرجـــاء
إن طموحاتنا للتقدم إلى صف العالم الأول ؛ سياسياً واقتصادياً وعسكرياً … إلخ
ليس بغريب علينا فهو مكاننا الأصيل ، لقد كان العرب من مائتي سنة تقريبا يسيطرون على البحر الأبيض المتوسط فلا تمر به أساطيل أجنبية ، إلا بعد أن تستأمن دولنا المطلة عليه ، تشهد بذلك الرسائل المكتوبة بالإنجليزية والتي أرسلها جورج واشنطون بعد أن انتصر فى حرب الاستقلال واستقرت الأحوال في الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي أرسلها إلى حاكم الجزائر “الداى حسن” ليطمئن على سلامة السفن الأمريكية مبدياً مودته لحاكم الجزائر ، ولعل تفاصيل الوقائع يكون مفيداً ، ففى يوم السبت 21/2/1210 هـ الموافق 5/9/1795 عقدت معاهدة بين “الداى حسن” حاكم الجزائر وبين “جورج واشنطن” رئيس الولايات المتحدة كي يؤمن الجزائريون الطرق البحرية للسفن الأمريكية، حيث كان الأسطول الجزائرى سيد هذه المناطق.
هكذا قالت الوثائق ، وهكذا نطقت الحقائق ، أن الحكومة الأمريكية كانت تطلب الحماية لأسطولها البحرى إذا أبحر في مياه البحر المتوسط ، فما الذي أوصلنا إلى مرحلة أن نطلب نحن من أمريكا أن تحمينا ؟ !! ما الذي أوصلنا إلى أن تتحكم أمريكا في التوجيه والسيطرة على كثير من الأنظمة العربية ؟؟ من الذي ساعد على انتقالنا من العالم الأول الذي كنّا فيه إلى العالم الثالث الذي كانت أمريكا في زمرته ؟؟ نحن المسئولون عن أخطائنا وعن تصحيحها إذا شئنا.
أمّا الناحية الاقتصادية فقوتنا فبها لا تثبتها الوثائق فقط ولا كتب التاريخ وحدها ، بل يشهد بها مفكرو الغرب وكتبوها في كتبهم ودراساتهم وبلغتهم القومية ، يقول المفكر الفرنسى المسلم “
” : لقد أطعمت الجزائر جيوش الثورة الفرنسية والإمبراطورية الفرنسية بفضل صادراتها من القمح ، وكان حاكم الجزائر قد نفذ صبره وطرد القنصل الفرنسي ، بعد رفض الحكومة الفرنسية دفع ديونها للجزائر في الفترة بين 1815 إلى عام 1830 ؟!!! واستخدمت فرنسا هذا الموقف ـ طرد سفيرها ـ كذريعة لاحتلال الجزائر لمدة تقرب من قرن ونصف القرن . بعد أن كانت الجزائر تصدر القمح ، أصبحت تعتمد على الصادرات الفرنسية من أجل غذائها … وبلغت ديون الجزائر الآن 3مليار دولار (1)
هذه حقائق تؤكد لنا كيف كان العالم العربي هو الأول عسكرياً واقتصادياً وغير ذلك ، كانوا يطلبون منا الحماية العسكرية لتأمين أساطيلهم البحرية ويطلبون منا المعونة والغذاء ليطعموا شعوبهم وجيوشهم ، فلماذا أصبح هؤلاء هم العالم الأول وأصبحنا نحن العالم الثالث ؟؟
فلابد أن نفكر جميعاً في علاج أمراض أمتنا ليعود العرب كما كانوا هم القوة العسكرية والاقتصادية الأولى ولكن المهم أن تتحرر عقولنا أولاً وتتحرك عزائمنا ثانياً ونستعين بالله فى كل خطواتنا فلا معنى للحياة بدون إيمان .
ساحة النقاش