الثورة المصرية .. والقيادة الغبية
بقلم : المحامى تامر بركة – مصر2011
<!--بحكم عملى القانونى .. يتاح لى الاحتكاك بمصالح حكومية كثيرة .. وأيضا الاحتكاك المباشر بعدد كبير من الموظفين الحكوميين .. ودائما أنتهز الفرصة وأقوم بطرح سؤالا مع من أنهى معه عملى .. والسؤال كالتالى .. ما رأيك فى الثورة ؟! وأيضا سؤال أخر .. هل نجحت الثورة أن تغيرنا نحن المصريين ؟! .
<!--ودائما ما أفاجئ بالاجابات الغير متوقعة .. وأغلبها سلبية .. ويدل ذلك على أننا نحتاج الى كثير من الوقت لكى نتعلم ونعى الأمور الرئيسية فى حياتنا .. ونسترجع دور الأسرة فى التربية ودور الدولة فى التعليم .. ولكن ما جعلنى أكتب هذه السطور .. موقف تعرضت له كان اكثر المواقف التى أثرت فى نفسى بعد الثورة من حيث المردود السلبى .
<!--ويتلخص الموقف .. أننى ذهبت لانهاء أحد الأعمال الخاصة لدى هيئة كبيرة وقديمة وهى " دار المحفوظات المصرية " وتلاحظ لى أن اغلب موظيفيها من السيدات .. وقد اختلفت فى الرأى مع المسئولين هناك من حيث الحق القانونى فى انهاء عمل ما .. ودارت المناقشات حول هل الائحة الداخلية للمصالح الحكومية تتفوق على القانون من حيث التنفيذ .. حتى ان حدث تعارض بينهما .. وأذهلنى أننى لم أستطيع اقناع الكافة أن الائحة أيا كانت من أصدرها فهى فى مقام أقل من القانون .. فهى قواعد تنظيمية فقط .. وان حدث تعارض فالقانون هو الواجب تطبيقة .
<!--وكالمعتاد تدرجت فى المرور على كافة المسئولين بالمصلحة من المستوى الأدنى الى المستوى الأعلى .. الى أن وصلت الى الرئيس الأعلى للمصلحة وهى بدرجة وكيل وزارة .. والأهم أنها " سيدة " وبذلك قد اكتملت الدائرة .. وأود التوضيح أننى مع المساواة التى كفلها القرأن الكريم ثم كفلها الدستور والقانون .. ولكن منطق الاعتراض .. هو أن الثورة مازالت لم تغير شيئا فى جسد الدولة .. الذى يتكون أعضائة وأحشائة من الموظفين العمومين فى كافة المصالح الحكومية .
<!--واستكمالا للمناقشة من أجل اقناعهم أو على الأقل الوصول لنقطة اتفاق حول أن القانون هو الفيصل لتنظيم العلاقة وتقديم الخدمة لكافة المواطنين فى الدوائر والمصالح الحكومية .. الا أننى لم استطيع ذلك الا بعد وقت طويل معهم .. وما أثار حفيظتى أن السيدة وكيلة الوزراة " رئيس المصلحة " أجابتى بعد محاورتها بلفظ صريح على لسانها " أنها قيادة غبية " وأنها كذا وكذا وكذا .. وأيضا التحجج بالتعليمات واللوائح .. التى لا تستطيع مخالفتها لأنها صادرة من الوزير المختص .
<!--وأقول اذا ما ظل جسد الدولة المصرية هكذا بعد الثورة المصرية .. فلن تتقدم مصر .. ولن تتطور .. وأعتقد أن قيادات المصالح والدوائر الحكومية ينبغى عليهم تطوير أنفسهم بما يتماشى مع القانون .
<!--وبقراءة بعض الأبحاث المتخصصة فى التنمية البشرية حول التعامل مع المدير الغبى أو القيادة الغبية .. جاء تعريفة كالأتى .." المدير الغبى هو الشخص الموجود فى مركز إدارى و لا يمتلك أى مستوى من الذكاء المطلوب لتنفيذ عمله بصوره جيده ... هذا المسئول لديه مشكله فى فهم الحقائق المعقده ,ولا يمكنه متابعه المنطق المركب الذى يحتاج إلى مهارات شخصيه, كما يحتاج لإستخدام ذكائك مقابل غباء هذا المسئول .. وبهذا قد نحتاج ثورة ثانية وثالثة ولكن ثورة من نوع خاص .. وهى الثورة الفكرية والأخلاقية لكى تتقدم هذه البلاد بنا نحن المواطنين .
بقلم : المحامى تامر بركة – مصر2011
ساحة النقاش