كيف توظف التعلم السريع في الفصول الدراسية؟
توظيف التعلم السريع في الفصول الدراسية
يتشتت (المدرّسون والمدرّبون) في خضم البحث عن نظريات تُصلِح حال صفوفهم، وتُعالج مشكلات بيئات التعلّم التي يُديرونها، فيقعون فريسةً لثورات التعلّم ذات العناوين البارزة ( مانشتات headlines)، فمنهم من يتبنى نظرية ما ويُدافع عنها ويُروّج لها قبل أن يُطبّقها ويكتشف مزاياها و عيوبها، ومنهم من ينغلق على فكره الخاص ويكتفي بما توصل إليه ويعتبره سقفاً لا يمكن تجاوزه، وقد يسوء به الحال نحو معاداة أيّ جديد لأنّ الجديد لم تثبت صحته بعد من وجهة نظره.
1- مفتاحَي التعلّم الـسريع:
عليك معرفة أنّ التعلم السريع يدعو إلى برامج تعليمية تقوم على التجربة العملية وليس المحاضرات. وحتى تتمكن من دخول بوابة عالم التعلّم السريع ينبغي امتلاك مفتاحين هما : الارتياب والانفتاح.
الارتياب: كثيرةٌ هي ثورات التعلّم، ولا يمكن حصر نظرياته ومدارسه، فلا تسمح لنفسك أن تتبناها قبل أن تُجربها بنفسك، فلا بدّ أنّ تكون شكّاكاً ومرتاباً في كُلّ فكر حتى تُثبت فعاليته بنفسك.
الانفتاح: بالرَّغم من أهمية التشكيك، لابدَّ من الحفاظ على الانفتاح تجاه التجارب التي حقِّقت نتائج ملموسة. لأنّه بمجرد أن نعتقد أنّنا قد رأينا كلَّ ما يمكن رؤيته، وعرفنا كلَّ ما يمكن معرفته، نكون قد وصلنا إلى نقطةٍ خطيرةٍ جداً. فالحياة عملية تطور مُستمرّة وغير قابلة للتوقف.
2- المبادئ الأساسية للتعلّم السريع:
– البيئة الإيجابية: وتمتلك صفتين : مريحة و محفّزة معاً.
– المشاركة الفعًّالة من قبل المتعلّمين: ليس التعلّم رياضة نشاهدها بل رياضة نلعبُها.
– التعاون بين المتعلّمين: يتعلّم الأفراد بشكل أفضل في بيئة تعاونية.
– التنوع الذي يقارب كلّ أنماط التعلّم: يسمح للمتعلّمين بالتعلّم وفق نمطهم الخاص والاستمتاع بأسلوبهم المفضّل.
– التعلّم ضمن السياق: تأتي فعالية التعلّم في بيئة العالم الحقيقي، وعندما نستمع للتغذية الراجعة، ونرى الانعكاس، ونمارس التقييم والتطوير.
3- التعلم السريع و التعلم التقليدي
يتساءل الكثير عمّا يمتاز به التعلّم السريع عن التعلّم التقليدي وفيما يلي مُلخص الفروقات بين النوعين:
أعطت واحدة من الدراسات نتائج مذهلة حول التعلّم السريع وعندما سُئل المدرسون وأهالي الطلبة : ما السبب الرئيسي الذي جعلك تهتم بتعليم أطفالك وفق تقنيات التعلّم السريع ؟
و قد جاءت الإجابات وفق المخطط الآتي:
4- توظيف التعلم السريع في الفصول الدراسية
عندما تعمل زميلي المعلّم أو المدرّب على التحضير لجعل صفك يتمثّل التعلم السريع، اجعل واحداً من أهدافك توجيه المتعلّم للتدرّب على الأشياء التي تُساعد على جعل تعلّمه فعالاً وسريعاً، لأنّه كمتعلّم ذاتيّ يجب أن يفهم لماذا تبدو عملية التعلّم صعبة وبطيئة ومتوترة.
أ- بعض التقنيات التي يمكن أن تُوصي بها المتعلّم:
- حافظْ على التعلّم والتدرب على أشياء جديدة.
- حسّن الذاكرة.
- تعلّم بطرق متنوعة.
- غذ دماغك بموقف ووجهة نظر عقلية صحية وإيجابية.
- اسأل الكثير من الأسئلة، غذي فضولك فكلّ سؤالٍ جديد يُقدم فرصة لتعلّم شيء جديد.
- افهم كيف تتعلّم بشكل أفضل.
- أعد تعليم ما تعلّمته لغيرك فإنّه يُساعدك على الاحتفاظ أكثر بالمعلومات الجديدة.
- عزّز تعلّمك باختبار ما تعلّمت.
- قمْ بربط المفاهيم القديمة بالمفاهيم الجديدة لأنّ ذلك يُسهل تذكرها.
- أفضل التقنيات أن تكتب وترسم ما تتعلّمه بأسلوبك الخاص كالمخططات والخرائط والجداول وغيرها…
ب- مراحل التعلّم الفعّال:
إذا لم توجد دورة التعلّم بمراحلها الأربعة جميعاً فإن التعلّم لن يكون حقيقياً و تاماً، فهذه المراحل تصلح لجميع أنواع التعلّم وهي أساسية في كلِّ زمانٍ ومكان، وهي الطريقة التي يتعلّم بها الطفل الرضيع عندما يبدأ خطواته الأولى، و المراهق عند تعلّمه لغة جديدة، والبالغ عند تعلّم العزف على آلة موسيقية، والمدير عندما يُفكر كيف يُصدّر منتجاته إلى الصين.
اقترح المربون لدورة التعلّم أربع مراحل، بينما اقترح آخرون خمسة مراحل، سنقدم هنا النموذج الأشمل والذي يتقاطع مع غالبية الدراسات، والمراحل الآتية تحمل بين طياتها نصائح لكلٍّ من المتَعلّم والمُعلّم:
1) التحضير:
لابدّ أن يرى المتعلّم الفائدة التي تنتظره من العملية التعليمية وأن يُثار اهتمامه وهنا نقدم مجموعة من النصائح:
- المُتَعلّم:
لتهيئة نفسك للتعلّم: اجلس، اغلق عينيك، خذ نفساً عميقاً، وابدأ بالتركيز على المهمة، فكر في أهمية ما تتعلّمه، وما قد يجلب لك من فوائد.
- المُعلّم:
ينبغي تشجيع المتدربين على الانخراط في العملية التعليمية من البداية، وتوضيح الفوائد التي سيجنيها المتعلّم، وإثارة فضوله، وطرح أسئلة ومشاكل للبحث عن أجوبة وحلول.
2) الاتصال:
كيف نحقق الاتصال الفعّال بين المتعلّم وكلٍّ من (المُعلّم، الزملاء، المحتوى التعليمي)؟
- المُتَعلّم:
ندخل كمتعلّمين بالغين – بشكل خاص – إلى الفصل مُحمَّلين بكامل تجاربنا الماضية، سواءً كانت سلبية أو إيجابية، فنُخفق في تقبل الجديد، أو نتعلّمه دون جدوى، و في هذا الجانب نقترح:
– قبل دخولك للفصل يمكن أن تقضي بضعة دقائق لكتابة بعض الأسئلة، وبعض الأهداف.
– فكر فيما قد يُفيدك هذا الفصل، ويزيد مهاراتك ومعرفتك، حتى إن كانت غير قابلة للتطبيق فوراً.
– تصور نفسك تضحك مع زملائك ومدربك.
– ساعد زملاءك أثناء العمل الجماعي.
– استمع جيداً قبل أن تتكلم.
- المُعلّم:
- قم ببناء شعور اجتماعي إيجابي.
- ساعد المتعلّمين للتخلص من مخاوفهم.
- قم بإزالة العقبات في حال وجودها.
3) العرض:
إنّ التقديم الأولي للمعرفة الجديدة بطريقة ذات معنى يُتيح الفرصة للجميع للاستفادة من أنماط تعلّمهم الذاتية، بحيث يتمُّ التعامل مع المتعلّم على أنّه مُنتِجٌ للتجربة لا مجرد مستهلك للمعرفة:
- المُعلّم:
– أوجد آليات تمكنك من الربط بين المعلومات المسبقة والمعلومات الجديدة.
– قم بحث المتعلّمين على مراقبة الظواهر في العالم الحقيقي.
– قدم عروضاً من النوع التفاعلي.
- المُتَعلّم:
قد يُخفق المعلم في مرحلة العرض، لذلك تكمن مهمتك كمتعلّم ذاتي في العمل على إيجاد الطرق التي تُعزز المعرفة وتساعدك على التقدم في الدرس:
– قمْ بتجربة متعلقة بالدرس خارج الفصل.
– ارسم خرائط ذهنية.
– ركب صوراً للاستعمال بدلاً من الكلمات.
– شاهد فلماً حول الموضوع.
– قابل خبراء واكتب ملخصاً حول المقابلة.
– تبادل الأسئلة مع زملاءك في الفصل.
4) التمرين:
تمثل مرحلة تكامل المعرفة الجديدة أو المهارة الجديدة لأنّ التعليم قد يتحول إلى عملية مُعَاقة إذا لم يُعطَ للمتعلّم الوقت الكافي لبناء الخبرة الجديدة، ومكاملتها في خبرته الذاتية وجعلها جزءاً من ذاته، فالمعرفة ليست شيئاً يمتصُّه المتعلّم بل شيءٌ يخلقه بشكل متجدد وفعال.
- المُتَعلّم:
– طبقْ تمارين، وقم بحل مسائل حول الموضوع.
– قم بالتحليل والتفكير الفردي (بصوت مرتفع).
– جرب بناء نماذج ومصورات حول الموضوع.
– البحث والقراءة للاستزادة.
- المعلم:
– طبق نشاطات تُتيح للمتعلّمين معالجة المعطيات وتحليل النتائج.
– صممّ أنشطة تضع المتعلّم أمام مهام تمكنّه من التجريب بنفسه.
– صممّ نشاطات تشمل محاكاة العالم الحقيقي.
– صممّ ألعاباً تعلّيمية.
– شجّع على الحوار الثنائي أو الجماعي.
5) الأداء:
لابدَّ من مرحلة تطبيق التعلّم على حالات من الحياة الحقيقية و إلا سيتبخر أغلب ما تمَّ تعلّمه مباشرةً، فالتعليم عن طريقة التخزين السلبي في الذاكرة لا يمكن أن يكون فعالاً، فمثلاً : أشارت إحدى الدراسات إلى أنه بدون التطبيق المباشر لما تتعلّمه فإنّ ما يتبقى في الذاكرة لا يتجاوز 5 % بينما تصل هذه النسبة إلى 90% إذا تمت مرحلة الأداء بشكلها المطلوب.
خاتمة:
إنّ أفضل أنواع التعلّم هو ما يأتي من خلال القيام بالمهمة بشكل مباشر. وكلُّ تعلّم يتصف بذلك هو تعلّم سريع. فالطريقة الوحيدة لتعلّم العزف هي العزف على الآلة الموسيقية المطلوبة، وليس حضور عرضٍ للشرائح أو قراءة كتاب فقط !
إنَّ هذه الحقيقة تنطبق على كلِّ شيء في عالم التعليم دون استثناء: فنحن نتعلّم من خلال الفعل، ومن خلال إعمال الفكر وليس السكون وتعطيل الفكر.
إذاً، مهمتك الجديدة كمعلّم أو مدرّب لم تعد تقديم المعلومات، أو إلقاء المحاضرات، بل خلق بيئة تعليمية حقيقية تضمن السِّياق الذي يُتيح للمتعلّمين، من خلال التعاون فيما بينهم، أن يُنتِجوا خبرتهم الخاصة، وأن يصِلوا إلى المعرفة المطلوبة، ويُنمّوا في طريق ذلك المهارات اللازمة.
المصادر:
– http://www.sdaccelerate.com/accelerated-learning-techniques/
– http://www.learningdoorway.com/accelerated-learning-cycle.html
– http://www.wolgarston.staffs.sch.uk/teaching-learning/
– كتاب التعلم السريع.
ساحة النقاش