التعليم التعاوني يُنمّي مهارات الطلبة الإجتماعية
أمينة منصور الحطاب - لم يخلق الإنسان للعزلة بل لإقامة الصلات، إننا لسنا ألف نقطة منفردة من الضوء ولكننا جزء من إشراق أعظم. وفي المدارس ليست الصفات العطوفة والملتزمة ترفاً بل هي ضرورة، والأطفال الذين لا يقبلهم رفاقهم قبولاً حسناً، يحتمل أن يتسربوا من المدارس أكثر مما يتسرب الأطفال الذين يلقون مثل هذا القبول. وتشير الدراسات الحديثة أن شعور المرء بأن الآخرين يقدّرونه ويحبونه ويريدونه ويحترمونه يعطي للحياة معنى وهدفاً، وأن الصلات الحميمة تخلق السعادة. وإن ذلك لصحيح في المدارس كما هو صحيح في الحياة عموماً.
صورة أكثر إيجابية وواقعية
إن التلاميذ عندما يعملون معاً لأداء مهمة ، فإنهم يحرصون على بعضهم بعضاً، ويزداد التزامهم بنجاح وسعادة بعضهم البعض ، أكثر مما يفعلون إذا تنافسوا ليروا من هو الأفضل، أو إذا عملوا مستقلين عن بعضهم البعض ، ويؤدي التعاون على أداء مهمة ، إلى أن يرى التلاميذ بعضهم بعضاً بصورة أكثر إيجابية وواقعية وخصوصاً إذا كانوا غير متجانسين وذلك على نحو أفضل مما لو كانوا يتنافسون أو يعملون فُرادى.
وكلما إزداد استخدام التعلم التعاوني ، أصبحت الصلات أكثر إيجابية وإذا قورن التعاون بالتنافس والجهود الفردية فإنه يؤدي إلى توثيق الصلات، والتعزيز الإجتماعي والحرص ، والالتزام المتبادل وإلى الترابط بين أعضاء المجموعة . ويستطيع كل تلميذ في الصفوف التعاونية أن يكوّن صداقات ، وفوق ذلك فإنه عندما تصبح الصلات أكثر إيجابية فثمة زيادة مناظرة في الإنتاجية والشعور بالالتزام الشخصي والمسؤولية نحو أداء الواجب الدراسي المخصص ، والرغبة في القيام بالمهمات الصعبة والمثابرة لإتمامها كما أن هناك إرتفاعاً في المعنويات وإلتزاما تجاه نجاح الرفاق وتطورهم.
بدء العمل بالمجموعات التعاونية
هنالك عدد من المراحل يمكن أن يمر بها المعلمون عندما يرتأون إستخدام مجموعات التعلم التعاوني . وقد يجد المعلم نفسه عندما يقرر تجريب التعلم التعاوني في وضع حرج في مرحلة التأسيس، فقد لا تسير الدروس على نحوٍ مُرضٍ لأن الطلبة والمعلمين على حد سواء يواجهون نظاماً جديداً في التعليم ، يقوم على إستخدام المجموعات التعاونية لأغراض تعليمية . ومن المعروف أن ثمة عدداً من المشكلات يكتنف مرحلة البدء باستخدام هذا النظام : كتعليم الطلبة المهارات التعاونية اللازمة لفعالية العمل الجماعي ، وتدريبهم على كيفية الإنضمام إلى المجموعات وكيفية تركها بسرعة وبهدوء . غير أنه ما أن يعتاد المعلم والطلبة استخدام نظام التعلم التعاوني ، إلا وتصبح إجراءات إستخدامه آلية ، يُنصح المعلمون بتنفيذ الأساليب العامة في التعلم التعاوني خطوة خطوة .
وأن يخططوا لكل درس .
وأن يراجعوا الإجراءات الموصى بها قبل كل درس .
المهارات الأكاديمية والتعاونية
يحتاج المعلمون الى ما يقارب السنة الكاملة، ليصلوا إلى مرحلة تدمج فيها استراتجيات التعلم التعاوني دمجاً كاملاً في مخزونهم المعرفي ويصلوا إلى مستوى الاستخدام الروتيني لهذا الأسلوب ، حيث يمكن أن يتم تنظيم الدروس على نحو آلي بمواقف التعلم التعاوني بدون عناء في التفكير أو التخطيط أو التركيز التلقائي على المهارات الأكاديمية والتعاونية المستهدفة .
وربما يحتاج المعلمون لسنتين ليصلوا إلى هذه المرحلة ،وفيما يلي بعض الإرشادات التي ربما تساعد المعلمين:
1.لا تتسرع . إبدأ بدرس واحد فقط . ثمّ علّم درساً تعاونياً واحداً على الأقل أسبوعياً، وعندئذ قم بتكييف وحدة منهجية لتصبح وحدة تعلم تعاوني في المقام الأول.
2.ثابر . لا تتوقف عن النمو في استخدامك للتعلم التعاوني حتى لو كان بعض الطلبة غير ماهرين ولم يظهر أحد آخر في مدرستك أي اهتمام بعملك. ضع خطة طويلة المدى والتزم بها. حافظ على سيرك في التعلم التعاوني وبالأخص مع الطلبة الذين يواجهون صعوبة في التعاون مع أقرانهم.
3.اطلب الدعم من رفاقك وشارك في نجاحات ومشكلات وأفكار جديدة وتعديل مناهج .
4.خطط بعناية بحيث تبدأ السنة الدراسية باستخدام التعلم التعاوني.
العناصر الأساسية للتعلم الإيجابي
1.الاعتماد المتبادل الإيجابي.
على الطلبة أن يشعروا أنهم يحتاجون لبعضهم بعضاً ليستكملوا المهمة المناطة بالمجموعة ، وأنهم إما أن يغرقوا أو يعوموا معاً ، أي أن النجاح هو نجاح الجميع .
ومن الطرق التي تساعد على خلق هذا الشعور وضع أهداف متبادلة ( يجب أن يتعلم الطلبة المادة وأن يتأكدوا أن جميع أعضاء المجموعة يتعلمون المادة ) . وضع مكافآت مشتركة ( إذا كان تحصيل جميع أعضاء المجموعة فوق نسبة معينة في الامتحان، يعطي كل عضو في المجموعة علامات إضافية ). والعمل بمواد ومعلومات مشتركة ( ورقة لكل مجموعة أو يستلم كل عضو جزءاً فقط من المعلومات اللازمة لعمل المهمة )، والقيام بأدوار معينة ( دور الملخص، ودور المشجع على المشاركة، ودور المحكّم).
2.التفاعل وجهاً لوجه .
لا يوجد سحر في الاعتماد المتبادل الإيجابي بحد ذاته ولذاته ، فالنتائج التربوية المفيدة تعود إلى أنماط التفاعل والتبادل اللفظيين التي تحدث بين الطلبة في مجموعات تعلم تعاوني منظمة بعناية . إن التلخيص الشفوي وإعطاء وتلقي التوضيحات، والربط ( ربط ما يتم تعلمه بالتعلم السابق ) نماذج هامة في التبادل والتفاعل اللفظي
3.المساءلة الفردية .
لا تعتبر مجموعات التعلم التعاوني ناجحة ما لم يتقن كل فرد تعلم المادة أو يساعد في عمل التعيين المخصص للمجموعة ويفهمه. وهكذا فإن التأكيد على تعلم الفرد وتقويم هذا التعلم باستمرار، سمة هامة وذلك حتى يتمكن أعضاء المجموعة من دعم ومساعدة بعضهم البعض على نحو ملائم. ومن طرق تنظيم المساءلة الفردية إعطاء كل عضو في المجموعة إمتحاناً فردياً أو اختيار عضو واحد عشوائياً ليقوم بالإجابة عن كامل المجموعة.
4. المهارات الخاصة بالعلاقات بين الأشخاص والمجموعات الصغيرة .
لا يأتي الطلبة إلى المدارس مُزودين بالمهارات الاجتماعية التي يحتاجونها ليتعاونوا بشكل فعّال مع الآخرين. وعلى هذا فلا بد أن يقوم المعلمون بتعليم الطلبة المهارات الملائمة في مجالات الإتصال ، والقيادة ، والثقة . وإتخاذ القرار وإدارة الصراع ، كما عليهم أن يسعوا إلى توفير التحفيز اللازم لاستخدام تلك المهارات ضماناً لعمل المجموعات بشكل فعّال
5.سير عمل مجموعات .
سير عمل المجموعات يعني توفير الوقت والإجراءات اللازمة للطلبة لتحليل سير عمل مجموعاتهم ومدى حسن استخدامهم للمهارات الاجتماعية الضرورية . وتساعد هذه العملية جميع أعضاء المجموعة على التحصيل وتضمن في نفس الوقت الاحتفاظ بعلاقات عمل فاعلة بين الأعضاء. وتساعد التغذية الراجعة التي تقدم من المعلمين أو الطلبة عن مدى تقدم عمل المجموعة على تحسين فعالية هذه العملية.
إن أفضل جواب للسؤال « ما هي أكثر طرق التعليم تأثيراً ؟ «.
هو القول بأن الأمر يتوقف على الهدف، والطالب، والمحتوى والمعلم. لكن الجواب الأفضل الذي يلي ذلك هو قيام طلبة بتعليم طلبة آخرين وهنالك دلائل وافرة تشير إلى أن تعليم الزملاء هو الأسلوب الأفضل في تعليم مدى واسع من الأهداف، والمحتوى، والطلبة بمختلف شخصياتهم ومستوياتهم التعليمية.
ساحة النقاش