الإدارة والتخطيط التربوي
التخطيط التربوي في الأردن
التخطيط طريقة للوصول إلى قرارات معينة، وما يتبعها من أعمال وأنشطة، بإستخدام العقل والعلم والخبرة، للوصول إلى تحقيق أفضل النتائج، وهو سعي مستمر يحكمه العقل والعلم في تحليل مشكلات المجتمع، وإستخدام الوسائل اللازمة لمعالجتها، من أجل الوصول إلى أقصى درجات الكفاية.
لا بد أن توضع بعض الأمور بعين الإعتبار عند إعتماد التخطيط كفلسفة ومنهاج مثل توفير الكوادر الفنية القادرة على إستيعاب أساليب التخطيط الحديثة، وإعتماد أسلوب تحليل النظم في التخطيط عن طريق طرح البدائل، والتخطيط طويل المدى، وتوفير متطلبات إعداد وتوفير المعلومات، ويجب الأخذ بشمولية التخطيط، بحيث يشمل الجوانب الكمية والكيفية بالإضافة إلى تحقيق التوازن بين الطلب الاجتماعي على التربية، ومؤسساتها وبين حاجات التنمية الشاملة، وبين الكم والنوع في إطار من التنسيق والتكامل بين قطاعات المجتمع المختلفة(1).
يشتمل التخطيط التربوي على جانبين أساسين هما الجانب الكيفي (محتوى التربية) والجانب الكمي، فالجانب الكيفي، يشتمل على أهداف التعليم وفلسفته، بنية التعليم ونظامه، والمناهج الدراسية في مرحلة التعليم وفروعه، وطرائق التربية، وخطة الدراسة، والوسائل التعليمية المتنوعة، وإدارة التعليم، والكتب المدرسية، وإعداد المعلمين وتأهليهم، وأجهزة التدريب والإشراف، والمباني الدراسية والمختبرات والمكتبات والملاعب. أما الجانب الكمي فيرتكز على حجم المتعلمين في مراحل التعليم المختلفة وعلى استمرار التدفق الطلابي في مختلف مراحل التعليم أو توزيعها على أنواعه وهو مرتبط بمتطلبات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويشتمل على المعلومات الخاصة بالمستوى التعليمي للسكان، ومعلومات عن المؤسسات التربوية، ومعلومات عن القوى البشرية العاملة في المجال التربوي، ومعلومات عن الطلاب (2).
إن أهمية التخطيط التربوي لا تقتصر على حل المشكلات التربوية بل تتعددى ذلك إلى الإسهام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ولهذا جاءت الخطط التنموية الاجتماعية والاقتصادية في الأردن مشتملة على التخطيط التربوي، حيث للتربية دورها في زيادة الدخل القومي للفرد ورفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للفرد والمجتمع.
إن المشكلات التربوية كبيرة ومعقدة لأنها ترتبط بالإنسان ولهذا فإن الحاجة ماسة دوماً على وضع الخطط والبرامج والمشاريع لمعالجة هذه المشكلات، ووضع حلول لها ولأن التربية كل متكامل فهي ذات مشكلات متكاملة ولا بد أن تكون حلولها متكاملة، وهذه تتطلب تناول كافة مدخلات النظام التربوي.
إن المشكلات التربوية لا يمكن معالجتها بدون النظر إلى الجوانب الأخرى ذات العلاقة في المحيط العام للمجتمع، حيث يتطلب من التخطيط التربوي أن يهتم في ميادين الدراسات السكانية والدراسات الاقتصادية والدراسات الاجتماعية بالإضافة إلى الدراسات التربوية(3).
إن أهمية التخطيط التربوي وأسبقياته تتطلب النظر إلى ما يلي:
- التربية كل متكامل وأي تغيير في أي جانب من جوانبها يؤثر على الجوانب الأخرى، ولذا ينبغي أن تكون حلولها متكاملة، وهذا يتطلب أن ننظر إلى مشكلات التربية ومختلف قضاياها من خلال نظرة شاملة متكاملة لنتمكن من وضع الحلول المناسبة لها.
وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا إذا تم الأخذ بأسلوب التخطيط التربوي.
- كما أن التربية لا تكون وسيلة فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إلا إذا اتصفت بمواصفات معينة تربط بين بنيتها ومحتواها وبين أهداف التنمية الشاملة، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا تم الأخذ بأسلوب التخطيط التربوي.
- ولتحقيق التكامل بين الكفاية الداخلية والكفاية الخارجية للتعليم ينبغي إعتماد التخطيط فلسفة "ومنهاجاً" ومن الأمور التي ينبغي أن توضع في مرتبة الأسبقيات ما يلي:
أ- توفير المتخصصين والأطر الفنية القادرة على إستيعاب أساليب التخطيط أو العمل في مجاله وألا يتحول التخطيط إلى شعارات.
ب- شمول التخطيط بحيث لا يقتصر على الجانب الكمي وإنما يشمل الجانب الكيفي فيتناول البنى والمحتوى والعلاقات في النظام التربوي، ويتجاوز حدود التربية المدرسية ليتضمن العناية بالتربية اللامدرسية، ويشمل المستويات الإقليمية والمحلية بل والوحدات العاملة الصغيرة مثل المدارس والمؤسسات.
ج- تحقيق مبدأ التوازن بين الطلب الاجتماعي على التربية ومؤسساتها وبين حاجات التنمية الشاملة وبين الكم والجودة.
د- أن يكون التخطيط للتربية في إطار من التنسيق والتكامل بين القطاعات الأخرى: الثقافة والصناعة والزراعة، وفي ضوء المشكلات القائمة والإمكانات المتوافرة.
ه- أن يتجه التخطيط إلى المناطق الريفية للتوازن بينها وبين الحضر وأن يركز على الفئات المحرومة فيها من أميين وإناث بغية تحقيق التوازن بيم حقوقهم في التربية وضرورة مشاركتهم في تطوير بيئاتهم.
كان الأردن غير مهيأ لعمل التخطيط التربوي نظراً لعدم توفر الخبرات والكفاءات الوطنية لديه في هذا المجال في الوقت الذي كانت فيه الحاجة ماسة إلى تخطيط تربوي للقوى البشرية، ونتيجة لذلك فقد كان للسياسة التربوية المفتقرة إلى التخطيط مشاكلها وإنعكاساتها على النظام التربوي فظهر إختلال التوازن في النظام التعليمي، وإتساع الفجوة بين الإقبال على التعليم وقدرة وزارة التربية والتعليم على مواجهة هذا الإقبال، وعدم قدرة موازنة التعليم على مجارات إرتفاع تكاليف التعليم وأعداد الطلبة المتزايدة، وعدم واقعية الأهداف التربوية، وقلة الكفاءات الإدارية اللازمة للتخطيط، وصعوبة توفيرها لطول فترة الإعداد والتأهيل(4).
وفي الوقت الحاضر هناك مصدران لما يمكن أن نسميه بالتخطيط التربوي في الأردن، أولهما مديرية التخطيط التربوي، وهي تقوم بإعداد الخطة السنوية، فتقوم بإعداد الإحتياجات من معلمين، وغرف صفية، وأبنية مدرسية، والأثاث اللازم، وتقدير أعداد الطلبة المتوقع قبولهم بما فيهم المسجلين القدامى، وثانيهما هو مجلس التربية الذي يقوم برسم السياسات التربوية وتقديم التوصيات وإقرار الخطة التربوية التي تشمل الأعمال الأساسية، وتقوم لجنة التربية والتعليم ببعض الأمور الإدارية للتخطيط التربوي وتقديم النصيحة في القضايا ذات العلاقة بعمل وإدارة البرامج الثقافية(5).
بدأ التخطيط التربوي في الأردن عام 1961، بإنشاء مديرية للبحث والتخطيط، تشتمل على أربعة اقسام، التخطيط التربوي، البحث والتوثيق التربوي، المكتبات والإحصاء، والتقرير السنوي، وهو يعمل الآن تحت إسم المديرية العامة للتخطيط والتطوير والبحث التربوي، حيث اشتملت المديرية العامة على مديرية التخطيط، ومديرية للبحث والتطوير التربوي، ومديرية للتوثيق والمطبوعات، وتشمل مديرية التخطيط أقسام خاصة بالتخطيط، تقوم بأعمال التخطيط والإحصاء، والموازنة، ترتبط بمديري التربية والتعليم في المحافظات والألوية(6).
لقد دعت جميع الخطط التنموية في الأردن منذ عام 1973 وحتى الآن إلى ربط عملية التطوير التربوي بالحاجات الاقتصادية والاجتماعية وبالمتطلبات المستقبلية التي وردت في هذه الخطط. كما أن الخطة العامة للتطوير التربوي قد أشارت إلى ما يلي:
أ- المرتكزات :
لقد تم إعتماد مجموعة من المرتكزات الأساسية الخاصة بتطوير، وتحسين النظام التعليمي في الأردن، وفيما يلي أهم هذه المرتكزات:
- إن تحسين وتطوير النظام التعليمي يشمل كل عنصر من عناصر مدخلات هذا النظام، وتحديد فعالية وقدرة المخرجات الناتجة عنه.
- إن للبحث العلمي، والبحث التربوي دوراً هاماً في عملية التطوير التربوي، من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف المنشودة للنظام التربوي.
- إن المناهج والكتب المدرسية، كمدخل من مدخلات النظام التعليمي، وذات أهمية خاصة تتعلق بحاجات الفرد والمجتمع تتطلب المزيد من التحسين، والتطوير، والتقويم المستمر.
- إعداد المعلمين، ورفع كفاياتهم من المرتكزات الأساسية، لإنجاح العملية التربوية، مما يفرض مساعدة المعلمين في تحسين كفاءاتهم الأكاديمية والتربوية.
- إن للبناء المدرسي دوره في توفير المناخ الملائم، لكل من الطالب والمعلم لإنجاح سير العملية التربوية، ولهذا فلا بد من تحسينه وتزويده بكل ما يلزم من الأجهزة والبرامج، التي تساهم في تحسين طرائق التعليم.
- تنظيم بنية التعليم الثانوي، وتنويعه، وفتح القنوات بين فروعه واستخدام العلم والتكنولوجيا، من أجل تحقيق ربط التربية بالتنمية(8).
ب- الأهداف
من خلال الخطة العامة للتطوير التربوي برزت مجموعة من الأهداف، التي حددها التخطيط التربوي، لمعالجة المشكلات، والمعوقات التي يعاني منها النظام التربوي في الأردن، وفيما يلي أهم هذه الأهداف:
- مواصلة التوسع في التعليم الأساسي، لإستيعاب جميع السكان من الفئة العمرية (6-16).
- التوسع في تنويع التعليم الثانوي والشامل والتطبيقي، وفتح القنوات بين جميع فروعه، ومساراته ليصبح أكثر إرتباطاً بحاجات المجتمع.
- إعداد القوى البشرية اللازمة، لتلبية احتياجات مختلف القطاعات.
هذا وقد تم تحديد أهداف التطوير التربوي كما يلي:
- رفع مستوى مخرجات التعليم العام.
- تحقيق المواءمة مع سوق العمل.
- التفاعل مع التطور العلمي والثقافي العالمي.
وقد حدد رفع مستوى مخرجات التعليم العام من خلال:
- تطبيق سلم تعليمي جديد (10 سنوات إلزامية).
- تأهيل المعلمين (إجازة تعليم، تقييم، حوافز).
- تطوير المناهج والكتب المدرسية.
- تحسين البيئة التعليمية (تقنيات التعليم، الأبنية والمرافق المدرسية).
- تحسين الإدارة التربوية (إدارة مدرسية، إرشاد وإشراف).
- تطوير أساليب التقويم والإمتحانات.
- زيادة فعالية دور المؤسسات المساندة(9).
ج- الإجراءات التنظيمية :
ولتحقيق الأهداف التي ورد ذكرها لا بد من مجموعة من الإجراءات التنظيمية التي يمكن إجمالها فيما يلي:
- إعادة النظر في التشريعات، الأنظمة والقوانين التربوية.
- جعل التعليم الأساسي عشر سنوات بدلاً من تسع سنوات.
- إعتماد التعليم الثانوي الشامل، وهو تعليم متخصص لمدة سنتين.
- إعتماد التعليم التطبيقي الخاص ببرامج التدريب المهني، والتلمذة المهنية.
- إعتماد أسس جديدة للقبول للمرحلة الثانوية (التعليم الشامل والتطبيقي).
- تطوير المناهج والكتب المدرسية للمرحلتين الأساسية، والثانوية.
- تطوير نظام إمتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة.
- التنسيق مع الجامعات الأردنية، لتحديد متطلبات القبول في ضوء امتحان شهادة الدراسة الثانوية.
- تطوير نظام الإرشاد التربوي، والتوجيه المهني في المدرسة.
- إعداد المعلمين وتأهليهم، وفق معايير إجازة التعليم.
- تأمين الأبنية، والمرافق والتسهيلات المدرسية اللازمة(10).
ساحة النقاش