المشكلة هي طريقة النظر إلى المشكلة / 55
يبتهج الناس حينما يرون حياة الأفراد ، العائلات ، والمؤسسات القائمة على مبادئ صلبة تذخر بالأحداث السعيدة ، ويستولي عليهم الإعجاب بذلك النضج وتلك القوة الشخصية ، وهذه الوحدة والروح الجماعية العائلية ، وهذا التراث المؤسس المحكم والمرن .
وتكشف طلباتهم في جوهرها وبكل وضوح عن تصوراتهم الذهنية: " كيف أنجزتم ذلك؟ هل لك أن تعلمني وسائلكم إليها؟ " والحقيقة أن ما يقصدونه هو ، " زدني ببعض النصائح أو الحلول السريعة التي تعمل على تخفيف الآلام التي أعاني منها "
ولسوف ينجحون في العثور على بعض الناس يستجيبون لرغباتهم وتعليمهم هذه الأشياء ، ولفترة وجيزة قد يبدو أن هذه المهارات والوسائل قد حققت أغراضها ، بل أنها قد تحد من بعض المشكلات الحادة أو المزمنة عبر المسكنات والوسائل الإعلامية الاجتماعية .
غير أن الأمراض المزمنة الكامنة ستظل قائمة ، وستظهر أعراض حادة أخرى لها ، وكلما انغمس الناس في توخي الحلول السريعة والتركيز على المشكلات والآلام الحادة ، كلما أسهمت هذه الوسيلة بالتحديد في تفاقم الحالة المزمنة الكامنة .
إن الطريقة التي نرى بها المشكلة هي في حد ذاتها المشكلة .
ولك أن ترجع مرة أخرى إلى بعض الاهتمامات التي تحدث عنها هذا الفصل من الكتاب ، والى تأثير الفكر الخاص بالأخلاقيات الذاتية .
" لقد حضرت دورة تدريبية بعد أخرى في مجال الإدارة الفعالة . إنني أتوقع الكثير من مرءوسي وأبذل قصارى جهدي لأكون ودوداً معهم وأحسن معاملتهم ، غير أنني لا أشعر بأي ولاء منهم تجاهي . وأظن أنني لو تغيبت يوماً واحداً لمرض بي ، فسوف ينفقون معظم وقتهم في الثرثرة حول نافورة المياه . لماذا لا أستطيع تدريبهم على أن يكونوا مستقلين ومتحملين للمسئولية ، أو أن اعثر على موظفين يكونون قادرين على ذلك ؟ "
وتوحي اليّ الصفات الأخلاقية الذاتية أنه يمكنني إما القيام بفعل دراماتيكي ما – يقلب الأشياء رأساً على عقب ، يدير الرءوس – يجعل من مرءوسي يغيرون من أنفسهم ويقدرون ما بين أيديهم حق قدره ، أو الوقوع على برنامج تدريبي تحفيزي يجبرهم على التمسك بالالتزام ، أو حتى اللجوء إلى إبدالهم بآخرين قادرين على أداء مهامهم بصورة أفضل .
ولكن هل يمكن في إطار هذا السلوك الظاهري من عدم الولاء أن يسأل هؤلاء الموظفين أنفسهم عما إذا كنت اعمل من أجل صالحهم حقاً ؟ هل يشعرون أنني أعاملهم كما لو أنهم آلات ميكانيكية ؟ وهل هناك قدر من الحقيقة في ذلك ؟ وهل الحقيقة أن هذه الصورة التي أراهم بها في أعماق نفسي ؟ هل هناك احتمال ما في أن تكون الطريقة التي انظر بها إلى من يعمل معي تشكل جزءاً من المشكلة . ؟
إن هناك الكثير الذي يمكن فعله ، غير أنه لا يوجد وقت كاف مطلقاً إنني أنوء تحت ضغوط وأشعر بالضيق طوال اليوم ، في كل يوم ، سبعة أيام في الأسبوع لقد حضرت ندوات إدارة الوقت وجربت العديد من نظم التخطيط المختلفة . وعلى الرغم من تحقيق بعض التقدم ، ما زلت غير قادر على الشعور بأنني أعيش الحياة السعيدة ، المثمرة ، الهادئة التي أتمناها .
توحي الصفات الأخلاقية الذاتية لي أنه لابد أن يكون هناك مخرج ما – خطة جديدة أو ندرة جديدة تساعدني على التعامل مع كل هذه الضغوط بطريقة أكثر فاعلية . ولكن هل هناك فرصة ألا تكون الكفاءة هي الإجابة ؟ هل يحقق أداء المزيد من الأعمال في وقت أقل فرقاً ما – أم أنه لن يسفر سوى عن زيادة المعدل الذي أتعامل به مع الناس ومع الظروف والذي يبدو أنه يتحكم في حياتي ؟
هل يمكن أن يكون هناك شيء أحتاج لان أراه بطريقة أكثر عمقاً وأبعد غوراً تصور ذهني ما كامن في نفسي له هذا التأثير على الطريقة التي أنظر بها لوقتي ، وحياتي ، وطبيعتي ؟ .
لقد أخفق زواجي . إننا لا نتشاجر أو نفعل أي شيء آخر . لقد كففنا فقط عن أن يحب احدنا الآخر ، لقد أخذنا إلى اخذ المشورة ، وحاولنا العديد من الوسائل ، ولم نفلح في أن نستعيد جذوة المشاعر التي كانت لدينا يوماً ما . "
وتوحي اليّ الصفات الأخلاقية الذاتية بضرورة وجود كتاب ما جديد أو ندوة يتجمع فيها الناس للتعبير عن جميع مشاعرهم علانية مما قد يساعد زوجتي على فهم أفضل لي ، أو قد يكون ذلك بلا جدوى ولا محيص عن علاقة جديدة توفر لي الحب الذي أفتقده .
ولكن هل من الممكن ألا تكون زوجتي هي المشكلة الحقيقة ؟ هل يمكن أن أكون هو من يدعم نقاط الضعف في زوجتي ، وأجعل من حياتي مجالاً للطريقة التي أعامل بها ؟
هل لدى تصور ذهني أساسي بالنسبة لزوجتي ، والزواج ، وماهية الحب الحقيقي ، هل الذي يغذي هذه المشكلة في واقع الأمر ؟
والآن هل تستطيع أن ترى كيف تؤثر كيف تؤثر الصور الذهنية للصفات الأخلاقية الذاتية بشكل جوهري صلب طريقتنا في محاولاتنا إيجاد حلول لها ؟
وسواء كان الناس يرون ذلك أو لا يرونه ، فقد أصبح الكثير من الناس متحررين من الوهم الذي تحمله الوعود الجوفاء للصفات الأخلاقية الذاتية . وكلما ضربت في الأرض مسافراً في عملي مع الشركة واتصالي بالمؤسسات ، فإنني اكتشف أن المدراء من أصحاب الفكر بعيد المدى قد أداروا ظهورهم دونما عناء لعلم النفس التحفيزي والمكتملين " المحترفين للإثارة " الذين لا يوجد في جعبتهم سوى القصص المسلية الزاخرة بالتفاهات .
إنهم الآن يرغبون في الجوهر ، ويريدون التدرج الطبيعي . إنهم يريدون أكثر من مجرد الضجيج الإعلامي والمسكنات . إنهم يريدون حل المعضلات الكامنة المزمنة والتركيز على المبادئ التي تفرز نتائج مستديمة .
ساحة النقاش