صحوه الفكر مطلوبه فى عالمنا المتغير
 هناك حقيقة ظلت ومازالت تهيمن على خصوصية الفكر العربي الاسلامي. هذه الحقيقة تكمن في قوة تأثير الشعور الديني في المجتمع. وعليه فان  الاختلاف الفكري العربي الاسلامي لم يكن سببه الاعتراض على قيم الغرب ومفاهيمه السياسية ( بحكم الاسلام كدين وحضارة له القدرة على استيعاب التفكير الديمقراطي والعلمي وما يواكبها من متطلبات سياسية) كما لم يكن الاختلاف في الوقت نفسه اختلافاً على تحديد الهوية الجماعية طالما ان مختلف القوى السياسية تسعى للانضواء او الانتماء تحت رداء الجماعة الاسلامية ( الامة) كثقافة وحضارة.        هذه الحقائق تتطلب تساؤلاً يعطينا جوابه حلاً لاشكالية الفراغ الفكري والسياسي في المجتمع العربي الاسلامي . والتساؤل هو الى اي مدى يشكل الدين عنصراً مؤثراً في تشكيل الوعي السياسي والمدني في المجتمع العربي الاسلامي المعاصر ؟كانت الخلافة العثمانية كما  هو معروف تمثل السياده والقوه التي توارثتها الاجيال المسلمة منذ زمن الفتوحات والانتصارات التاريخية ,ولكونها تجمع تحت صفتها عناصر عربية وغير عربية فقد جسدت  لنفسها الولاء الرمزي والسياسي لجماعة رسخت صورتها في الوعي الفكري باعتبارها  جماعة المسلمين عامة.        هذا التجسيد جعل الخلافة مؤسسة عامة ذات اجهزة مادية مستقرة تفرض هيمنتها  واحترامها على رعاياها ,وبانهيار هذه الخلافة ظهر الى الوجود خلاف فكري وعقائدي تمثل بمستويات محلية واقليمية وقومية ما كانت قد وصلت الى حد التقاطع والاختلاف من قبل , ومثل هذه المستجدات ما كان امام العنصر العربي الذي عانى من التهميش السياسي ما عاناه  الا ان يقف بمجتمعة على عتبة الاستقلال ويقبل الانفصال من الدولة العثمانية بعد ان ازر اعدائها (الانكليز) املاً في ذلك حصوله على دولته العربية الكبرى ,وبدل ان يتحقق له ذلك انشطر الى اجزاء متناثرة يصعب لم شملهاً من جديد. ونتيجة لذلك تولد في المجتمعات العربية الاسلامية فراغ كبير على المستوى السياسي والفكري والعلمي . فعلى الصعيد السياسي ظهر مفهوم الدولة واشكالية الاسس التي يتحدد بموجبها نوع الممارسات السياسية (القومية - الدينية) وكيفية ارساء قواعد الحكم وتشخيص الهوية العامة للسلطة السياسية كغاية في الاجتماع المدني .    ان قيام دولة حديثة على اسس قومية باعثة على ولاء وطني محلي ومستندة على مبادىء دستورية لا يمكن ان يتم في اطار التمسك بالمرجعية الدينية الشاملة .بمعنى اخر ان قيام دولة  قطرية قومية تطلب معه التاكيد على تنمية الوعي القومي وليس الوعي الديني الذي يعني  للكثيرين العودة من جديد الى نظام شبيه بنظام الخلافـــــة (السلطة العثمانية )مما نتج عن ذلك قبول فكرة الاستقلال وبناء دولة حديثة على غرار الدولة الاوربية . اذن فالاستقلال الذاتي ورفض التبعية والهيمنة الاجنية افرز الى الوجود احتمالين من حيث صلاحيتهما لادارة سلطة الدولة ومعالجة مشكلات المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً . يعتمد الاول على مفهوم القومية العلمانية وقضية تشكيل الاحزاب التي ارتبطت بها لدعم اقامة دولة قطرية بسلطة  قومية علمانية ، ويبقى الاحتمال الثاني مبنياً على اساس المفهوم الديني وضرورة اقامة دولة اسلامية بسلطة دينية .      ان الصراع بين الفكرة الدينية والعلمية بقدر ما كان مرتبطاً بانهيار الخلافة العثمانية وظهور الفراغ الفكري والسياسي بقدر ما ارتبط بشكل مباشر بفكرة انهيار النظام الكنسي وابعاده عن السياسة والمجتمع . ممانتج عن ذلك قبول فكرةالاستقلال وبناء الدولة.   ان مفاتيح الوعي الديني او السياسي المدني تكمن اساساً في الواقع الاجتماعي ومخزون التجربة التاريخية لتطور المجتمع . حيث ان المفاهيم لايدرك معناها الحقيقي خارج اطار التجربة التاريخية وشحنتها المعرفية .ان مفهوم الدولة الاسلامية او القومية العلمانية ليس افكاراً ثابتة ومكرسة نصياً لايمكن تغييرها او تبديلها ,ولكنها اعادة ترجمة للحاجات التاريخية التي تدفع للضغط على استعادتها من جديد ,واعادة شحنتها بالقيم والمعاني الدينية .  والمقصود هنا ان امكانية تحول الافكار الانسانية الى مفاهيم فاعلة للممارسة السلوكية تظل متوقفة على طبيعة الوعي الذي هو تحصيل حاصل للتجربة والواقع الاجتماعي. ان سلبية   المفاهيم التي استوردها العالم العربي الاسلامي من المغرب تكشف نتائجها في ظل التناقضات التي يتحول بموجبها القوي ضعيفاً والضعيف قوياً. فالخوف الذي ارعب الغرب وحضارتة وجعله يتخبط في متاهات الحرب غير صاغياً للجوانب الاخلاقية والقانونية التي يجب الرجوع  اليها عند معالجة هذه الكوارث وغيرها جعله يتهاوى امام مصالحه واطماعه الانية ,متناسياً بذلك طبيعة الظروف التي قدم بموجبها كامل مساعداته المادية والمعنوية للشعب الافغاني وهو يقاتل الاستعمار الروسي. وسواء اوجبت افغانستان وغيرها الولاء او عدم الولاء للمصالح الامريكية الغربية علينا ان لانقع في الفخ مرات ومرات وندع تلك التناقضات السلوكية تفوت علينا دون الوقوف على مصداقية المفاهيم وادراك جوانبها الايجابية والسلبية . وبذلك تكون لدينا القدرة على التمييز بين ان يكون الارهاب ترهيباً تستخدمه الشعوب او الجماعات لتحرير نفسها من سيطرة الاخرين , وبين ان يكون قوة عمياء هدفها الاعتداء والتعدي على الاخرين والحاق الضرر المادي والمعنوي بحقوقهم .    .   اي ان الارهاب كمفهوم له جانبه الايجابي الذي يحث على الصمود والتحدي واسترداد الحق (( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به  به عدو الله وعدوكم واخرون من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم)) (الانفال 60 )  وهذا ينطبق على كفاح الشعوب المظلومة في العالم الثالث وعلى وجه الخصوص الشعب الفلسطيني والافغاني , وجانب اخر يمثل الوجه السلبي لمعنى الارهاب حيث الاعتداء على سلامة وامن  المواطنين زوراً وبهتاناً كما يفعله النظام الصهيوني وحلفاؤه. ومن هذا المنطق يترتب على جميع العقلاء من مفكرين ومثقفين ورجال دين ان يتعاملوا مع هذه المسألة بنوع من الحكمة  والتروي وعدم الانزلاق وراء العواطف والمصالح الانية ,وعليهم ان يدركوا ان حدود العلاقة والتفاعل بين الناس وواقعهم الاجتماعي تحددها .سنن الهية جعلت من الناس مختلفين ومتباينين في طبائعهم وميولهم بما يجعلهم يبحثون في شتى الوسائل والسبل لغرض الالتقاء  والتوافق (( ولوشاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولايزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملان جهنم من الجنة والناس اجمعين)) ( هود  118-119 ) .     واذا كان الخوف من الموت سمة عامة تنطبق على جميع البشر فانه يمثل حالة استثنائيه لدى المؤمنين الذين يرونه وسيلة لتحقيق غايتهم .وليس أثمن من الموت شيئاً وانت تطلبه في سبيل الله ونصرة دينه . وصدق القائل عندما قال اطلب الموت توهب الحياة   

المصدر: جوجل
selimadel

سليم عادل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 294 مشاهدة
نشرت فى 9 إبريل 2012 بواسطة selimadel

ابحث

تسجيل الدخول

سليم عادل إبراهيم

selimadel
»

عدد زيارات الموقع

441,654