الرد على الدكتور أحمد شرجي
في نقده لكتابي (قراءة في تاريخ المسرح الكويتي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر الصديق الدكتور أحمد شرجي من العراق – والمقيم في هولندا – مقالة ضخمة (25 صفحة) في مجلة (البحرين الثقافية)، يوليو 2015 تحت عنوان (وثائق من المسرح الكويتي .. من صاحب مشروع النهضة المسرحي؟)، وفيها يناقش كتابي المنشور حديثاً (قراءة في تاريخ المسرح الكويتي من خلال وثائق غير منشورة 1961 – 1971)، الصادر من مركز البحوث والدراسات الكويتية .. وحتى لا أطيل عليكم، سأبدأ الرد:
أولاً: يقول صديقي د.أحمد شرجي عن الوثائق الكويتية التي كتبت عنها ونشرتها، الآتي: (ويحق لنا أن نتساءل .. هل دولة مثل الكويت التي عرفت بريادتها المسرحية في منطقة الخليج تترك تاريخها الفني والثقافي بهذه الطريقة؟)، وهنا يُشير صديقي إلى القصة المعروفة بأن الوثائق، كانت ملقاه في سرداب من أجل التخلص منها!! لذلك أقول لصديقي: نعم الكويت تركت تاريخها الفني والثقافي بهذه الطريقة، لأن الكويت في هذا الوقت كان يشغلها – أكثر من الثقافة الفن – إعادة بناء ما دمره الغزو العراقي، وتضميد الجراح العربية بسبب الغزو الغاشم، والحزن على شهدائها، وإعادة أسراها .. وهذه الأمور أهم من وثائق الثقافة والفن التي عادت إلى الكويت كاملة ومصونة بفضل وجودي وجهودي فيها في هذه الفترة! وأظنك قرأت مقولة المرحوم جابر العنزي عن هذه الوثائق، عندما شاهدتها أول مرة معه، قائلاً: (إن ما تراه نتيجة الغزو العراقي على المؤسسات الحكومية، ويجب التخلص من هذا الركام) (مقدمة الكتاب ص12)!! والغريب والعجيب يا صديقي إنك تسأل عن الوثائق التي احتفظت بها، ولم تعلق بكلمة واحدة عما قلته في مقدمة الكتاب، بخصوص ما تركته من وثائق تم تدميرها والتخلص منها، فقد قلت في مقدمة الكتاب (ص13): (أما الوثائق المنشورة في هذا الكتاب، فهي وثائق تغطي النشاط المسرحي في الكويت من عام 1961 إلى 1971م – بعيداً عن وثائق المعهد المسرحي - وهي وثائق أعدّها كنزاً معرفياً ثميناً؛ لأنني علمت أن السرداب تمّ التخلص من محتوياته – بعد زيارتي له بأشهر قليلة - مما يعني أنّنا فقدنا مخزوناً تاريخياً كبيراً، ولم يبق منه سوى ما أنقذته من وثائق)!! ألم يلهب حماسك المعرفي يا صديقي أن تسأل أين ذهبت محتويات السرداب؟؟ علماً بأن السرداب به ثلاث غرف مليئة بأطنان من الأوراق والملفات، وما حصلت عليه من وثائق، كان خلاصة بحثي في غرفة واحدة!!
ثانياً: تحت عنوان (مشروع زكي طليمات في مصر)، صال وجال صديقي د.أحمد شرجي، ليثبت أنني أخطأت في تاريخ اطلاع زكي طليمات على محاضرتي محمد عبد الرحيم رئيس جماعة أنصار التمثيل الذي ألقاهما عام 1914، قائلاً: (وبعد المقارنة زمنياً بين مولد طليمات 1894 وتبني بعض أفكار المحاضرتين 1923 نجد بأن طليمات كان عمره حينها 29 عاماً، والمحاضرتان تم إلقاؤهما عام 1914 سيكون عمر طليمات آنذاك عشر سنوات!، ولكن لم يخبرنا الباحث [يقصدني أنا] عن الكيفية التي حصل فيها طليمات على المحاضرتين حتى يتبنى بعد 19عاماً بعض أفكارهما: هل عن طريق الاستماع، أم عن طريق الطباعة، أم بشكل شخصي من رئيس جماعة أنصار التمثيل؟). ورداً على صديقي، أقول: من الممكن أن أخطأ في تاريخ ميلادي أو تاريخ ميلاد أولادي، ولكنني لا أخطأ في تواريخ كتاباتي!! لذلك أقول لك: إن طليمات مولود عام 1894 ومحمد عبد الرحيم ألقى محاضرتيه عام 1914، مما يعني أن زكي طليمات حضر المحاضرتين، لأن عمره كان (20 عشرين سنة) لا عشر سنوات كما قلت أنت متهكماً، ذلك التهكم الذي يمنعني مركزي من رده إليك؛ لأن هناك فرقاً كبيراً بين تهور التلميذ، ورزانة الأستاذ!!
ثالثاً: نقل صديقي عدة أسطر من كلامي (ص27) عن مشروع طليمات بعد عودته من فرنسا عام 1928، وتحديداً مشروعه في إنشاء معهد مسرحي. ويتهمني صديقي قائلاً: (ولكن الباحث [يقصدني] نسى بأنه أخبرنا بأن محمود مراد، كان قد طرح ذات المشروع عام 1924 ... ونستشف من ذلك بأن زكي طليمات أعاد مشروع مراد بحذافيره)!! وأتعجب منك يا صديقي!! ما هذا الاكتشاف العظيم الذي اكتشفته وتتهمني بالنسيان؟!! أنك تقول ما قلته أنا!! ألم تقرأ بداية كلامي عن محمود مراد (ص22) عندما قلت: (بجانب تأثر زكي طليمات بمشروع جماعة أنصار التمثيل وتبنيه، تأثر كذلك بجهود صديقه محمود مراد)، وكذلك قولي (ص23): (إن مشروع محمود مراد لإقامة نهضة فنية في مصر، ما هو إلا صورة شاملة من مشروع جماعة أنصار التمثيل لإقامة نهضة مسرحية! مما يعني أن زكي طليمات سيصبح بوتقة، تنصهر فيها عناصر مشروع جماعة أنصار التمثيل، ومقترحات مشروع محمود مراد)، وفي الهامش الرابع من (ص23)، قلت الآتي: (هناك شواهد كثيرة تثبت أن زكي طليمات وأعضاء جماعة أنصار التمثيل اشتركوا مع محمود مراد في أنشطة مسرحية متنوعة؛ تدل على أن مشروع نهضة الفنون في مصر، كان مشروعاً مشتركاً بين الجميع. والأدلة على ذلك كثيرة، منها ..... إلخ)!! ما رأيك الآن يا صديقي؟!!
رابعاً: يقول صديقي الدكتور أحمد شرجي: (ويناقض الباحث نفسه [يقصدني]، مرة أخرى، حين يخبرنا بعائدية مشروع التمثيل إلى شخص آخر) ويقصد بالشخص الآخر عبد الرحمن رشدي!! وهنا أسأل صديقي: أين التناقض في كلامي؟؟ واضح أن لديك مشكلة في التركيز، أو أنك تقرأ بسرعة دون تدقيق!! لذلك أعد قراءة هذه الجزئية، ستجدني أتحدث عن مشروع محمود مراد، ثم مشروع عبد الرحمن رشدي في محاولة كل منهما إنشاء معهد للتمثيل؛ ولكن مشروع كل منهما كان تنظيرياً على الورق فقط. أما طليمات فهو الوحيد الذي نجح في إنشاء المعهد نشأة فعلية!! فأين التناقض في ذلك؟!! عموما واضح أنك فهمت الموضوع بصورة خاطئة .. فهمته على أن محمود مراد أنشأ بالفعل معهداً للتمثيل، وأن عبد الرحمن رشدي كذلك أنشأ معهداً فعلياً للتمثيل، وأخيراً أنشأ بعدهما طليمات معهداً للتمثيل؛ لذلك توهمت بأنني جعلت طليمات هو الوحيد الذي أنشأ المعهد ولم أذكر المعهدين السابقين عليه!! هذا فهمك المتسرع، ولو تأنيت في القراءة ستجدني أقول وأشرح وأفسر بأن محمود مراد ورشدي كان مشروعهما لإنشاء المعهد بصورة تنظيرية ورقية، أما الإنشاء الفعلي فكان لطليمات ... هل أشرح لك الموضوع مرة ثالثة، أم ستكتفي بشرحه مرتين؟!!
خامساً: عندما تحدث صديقي د.أحمد شرجي عما كتبته بخصوص وصول طليمات لأول مرة إلى الكويت عام 1958، وقدم تقريره الشهير بعنوان (مظاهر النشاط الفني بالكويت ووسائل تدعيمه والاتقاء به)، ورفعه إلى الشيخ صباح الأحمد الصباح بخطاب رسمي، يقول صديقي عن هذا الخطاب: (ودون الباحث [يقصدني] تاريخ الخطاب في 12 مارس 1958، ومقارنة بسيطة قبل تحليل الكلمات التي دونها لنا الدكتور سيد علي، نسجل تحفظنا على تاريخ الوثيقتين، لأن فيه التباس كبير، فإن وصول زكي طليمات في 19 مارس، وخطابه إلى الشيخ صباح الأحمد الصباح في 12 مارس، لم يخبرنا الباحث: هل الخطاب قبل مجيئه أم بعده؟). وبعيداً عن تهكم صديقي، أقول له: واضح أنك تعاني مشاكل ضخمة في الأرقام والحسابات!! يا صديقي لا تتسرع .. يا صديقي ركز فيما تقرأه .. يا صديقي دقق في كتاباتي وأمعن النظر فيها!! من أين أتيت بهذا التاريخ الغريب؟؟ من قال لك إن طليمات جاء إلى الكويت يوم 19 مارس؟!! يا صديقي انظر جيداً (ص65) تحت عنوان (وصول زكي طليمات)، ستجدني أقول الآتي نصاً: (مكث زكي طليمات في الكويت شهرين وبضعة أيام من 4 يناير إلى 19 مارس 1958)!! وخبر وصول زكي طليمات إلى الكويت موجود مرجعه في الهامش الأول في (ص65)، وهو (جريدة (الجمهورية) - بتاريخ 15/1/1958)!! ماذا أفعل لك يا صديقي بعد هذا؟!! ولماذا تتسرع وتبني أحكاماً على أوهام تختلقها؟!!
سادساً: يقول صديقي عما كتبته بخصوص فكرة (المسرح المعدني): (سنتوقف عندها قليلاً ونستشهد بالتقرير الوثيقة التي اعتمدها الباحث، جاء فيه، في سادساً: "إجراء تصميمات هذا المسرح الذي أقترح إنشاءه السيد وكيل الوزارة، بأن يشترك الأستاذ زكي طليمات مع السيد علي نايف مهندس الاتصال بالوزارة، بحيث يتم إعداد خاماته قبل آخر ديسمبر 1963". لكن في نهاية الفصل السادس من الكتاب يخبرنا الباحث [يقصدني]، عن حقيقة أخرى، تتحدث عن فكرة إنشاء المسرح المعدني المتنقل .... إلخ. ولكن هذه الحقيقة والاقتباس الذي يستند إليه الباحث [يقصدني أنا]، مصدر زكي طليمات نفسه، ولم نجد أي وثيقة تشير إلى ذلك)!! ورداً على ذلك، أقول: أنا الآن على استعداد لأقسم بالله العظيم أن الدكتور أحمد شرجي لم يرَ كتابي نهائياً، وأقول له: بالله عليك يا صديقي، كيف تقول (ولم نجد أي وثيقة إلى ذلك)؟! ونص الوثيقة منشور (ص193)، وصورتها بالألوان منشورة (ص199) تحت عنوان (وثيقة 13 – و)!! وإن كنت ستتهرب من هذا المأزق، وتقول إنك لا تقصد الوثيقة، بل تقصد اقتباسي لكلام طليمات، الذي يقول فيه: (فتخرج قوافل للمسرح العربي من الكويت إلى إمارات الخليج، وأرجو ألا يكون بعيداً اليوم الذي تساهم فيه الكويت بإقامة مواسم تمثيلية في القاهرة أو دمشق أو لبنان)، سأرد عليك وأقول: إن هذا الاقتباس – الذي تدعي عدم وجود دليله – متن منطوقه منشور في الكتاب (ص222)، وتوثيقه منشور في الهامش الأول في الصفحة نفسها، هكذا: (نشاط فرقة المسرح الكويتي سيمتد إلى جميع أقطار الخليج العربي – مجلة الرائد العربي – عدد 19 – السنة الثانية – 1/5/1962 – ص38)!!
سابعاً: يقول صديقي أحمد شرجي: (وبما أن الرجيب يسعى لتطبيق مشروعه المسرحي، نجد في خطاب حسين صالح، أحد أفراد البعثة، يطلب فيه من الرجيب دراسة إدارة المسارح، ويخاطبه بوصفه الرائد الفكري والفني للنهضة المسرحية في الكويت، "... وباعتباركم الرائد الفكري والفني للنهضة المسرحية بالكويت لي أمل كبير في أن ينال طلبي هذا موافقتكم وتشجيعكم، والله ولي التوفيق". يوضح لنا ذلك، بأن الجميع يعتبر حمد الرجيب رائد المشروع النهضوي المسرحي في الكويت، إلا الدكتور سيد علي، الذي يجد بكل خطوات الرجيب، هي تأثرة بأستاذه زكي طليمات)!! ورداً على ذلك أقول: يا صديقي لماذا تتهمني بما يدور في عقلك من أوهام؟! كلامك هذا يثبت لي وبجلاء أنك لم تر الكتاب الذي تكتب عنه، ولم تتفحص وثائقه، وتسرعك هذا يوقعك دائماً في مزالق خطيرة؛ لذلك أرجو أن تدقق في الأمر قبل أن تتورط!! وإليك الآتي يا صديقي: الوثيقة التي بترت أنت سطورها عامداً متعمداً، طلب فيها حسين صالح الدوسري – التلميذ الكويتي الأول لطليمات في الإخراج المسرحي – طلب الآتي نصاً: (أرجو التكرم بالموافقة على إيفادي في دورة تدريبية بمؤسسة المسرح بالجمهورية العربية المتحدة [أي مصر] في المدة التي ترونها كافية لهذا الغرض على نفقة وزارتكم الكريمة لكي أطلع وألم على إدارة المسارح فنياً وإدارياً على أحدث النظم المتبعة هناك بالمسارح)!! لماذا بترت هذه الأسطر من الخطاب؟ّ هل لأنها تتحدث عن مصر بوصفها تمتلك أحدث النظم المتبعة في المسرح عربيا وقتذاك؟!! وهل كنت تتصور أو تتوهم أن حمد الرجيب سيوفد حسين الصالح إلى مصر دون الاستعانة بأستاذه زكي طليمات واستشارته؟؟!! وإليك المفاجأة يا صديقي، والتي تثبت أنك تكتب عن كتاب لم تره ولم تشاهد وثائقه حتى الآن؛ لأن وثيقة هذا الخطاب منشورة في الكتاب (ص453)، وستجد بالصورة – أو الخطاب المكتوب بالآلة الكاتبة - تأشيرتين من حمد الرجيب وبخط يده: الأولى موجهة إلى زكي طليمات، قال فيها: (السيد المشرف الفني العام الأستاذ زكي طليمات، رجاء العلم وإجراء اللازم مع الشكر)، والثانية موجهة إلى شئون الموظفين، قال فيها: (للحفظ بملف السيد حسين الصالح، مع إرسال صورة منه للأستاذ زكي طليمات للدراسة وعمل الترتيبات اللازمة خلال أجازته الصيفية بالجمهورية العربية المتحدة)!! ما رأيك الآن يا صديقي؟!!
ثامناً: ينقل صديقي أحمد شرجي من كتابي على لسان محمد النشمي هذا الهجوم على طليمات، قائلاً: (وقد يكون هجوم محمد النشمي في مذكراته على زكي طليمات مبرراً، لاقتراح الأخير إلغاء فرقة المسرح الشعبي، والذي يجد علاقة طليمات في المسرح الكويتي، بما يشبه المولود المشوه، وذكر: ابتدأت علاقة زكي طليمات بالمسرح الكويتي، ولكن تلك العلاقة لم تثمر، إلا مواليد مشوهة، لا تحمل هوية ولا روح هذا البلد ... إن زكي طليمات لم يخدم أو يقدم شيئاً للمسرح في الكويت، بل اكتفى بدور الخطيب المفوه، الذي يتحدث كثيراً، ولا ينجز قليلاً ... إن المسرح الكويتي، بُني ذاتياً، بماء كويتي، وروح كويتية، وطرح كويتي، وأن المساهمات الطليماتية كانت كالأمل العربي، قابل للوجود داخل الصدور، ولكنه بالتأكيد غير قابل للتحقيق)!! وكعادة صديقي غير المدقق فيما يقرأه أو ينقله، نجده هنا يخلط بين النشمي والشايجي، فهذا الهجوم لم يقله محمد النشمي بل قاله صالح الشايجي!! والغريب العجيب أن صديقي – بعد كل هذا – يقول: (ولم يكن النشمي الوحيد الذي انتقد تجربة زكي طليمات في الكويت، بل صالح الشايجي أيضاً في مقالات نشرت عام 1984، ولكن للأسف لا توجد أصول مقالات الشايجي لنستطيع معرفة رأيه بالمشروع النهضوي الذي حققه طليمات – حسب الباحث [يقصدني أنا])!! وهذا يعني أنني اعتمدت على مقالات لا أصول لها ولا أساس، وربما يفهم القارئ إنني اخترعتها أو لفقتها!! ولو كلف صديقي نفسه عناء ومشقة رؤية الكتاب الذي يهاجم صاحبه، وفتح صفحة (387) سيجد هامشين بهما توثيق مقالات صالح الشايجي، وهما: بلا قناع: سهرة وراء الكواليس!! – جريدة (الوطن) – عدد 3293 – 22/4/1984، بلا قناع: ليلة (الرد) على فاطمة – جريدة (الوطن) – عدد 3299 – 29/4/1984
تاسعاً: إن كلام صديقي - غير المدقق - عن صالح الشايجي، ربما يفهم القارئ منه إن صالح الشايجي هاجم طليمات أثناء وجود طليمات في الكويت، لذلك سأضع هنا الموضوع كله، والمنشور في كتابي (ص386، 387)، تحت عنوان (اعتذار بعد ثلاثين سنة)، قلت فيه الآتي: هجوم محمد النشمي على زكي طليمات، كان النموذج الكويتي المُحتذى لكل من هاجم زكي طليمات، أو أراد أن يهاجمه حياً أو ميتاً!! وقد لفت نظري – بعد وفاة طليمات بسنتين - هجوماً قاسياً نشره صالح الشايجي في سلسلة مقالات عام 1984!! وأجتزئ من إحدى مقالاته هذه العبارات: "... ابتدأت علاقة (زكي طليمات) بالمسرح الكويتي، ولكن تلك العلاقة لم تثمر، إلا مواليد مشوهة، لا تحمل هوية ولا روح هذا البلد .... إن (زكي طليمات) لم يخدم أو يقدم شيئاً للمسرح في الكويت، بل اكتفى بدور الخطيب المفوه، الذي يتحدث كثيراً، ولا ينجز قليلاً .... إن المسرح الكويتي، بُني ذاتياً، بماء كويتي وروح كويتية، وطرح كويتي، وأن المساهمات (الطليماتية) كانت كالأمل العربي، قابل للوجود داخل الصدور، ولكنه بالتأكيد غير قابل للتحقيق". وفي مقالة أخرى، قال: ".. بعد الفحص والتمحيص، بحثت عن دور لزكي طليمات في المسرح الكويتي، فلم أجده". وحاولت جاهداً أن أحصل على بقية هذه المقالات الهجومية، دون جدوى! وكنت أظن كاتبها شخصاً آخر غير الكاتب والشاعر المرموق (صالح الشايجي) – جريدة (الأنباء) – وكم كانت سعادتي عندما علمت أنه هو كاتب هذه المقالات!! فتواصلت معه منذ سنة تقريباً – وتحديداً في سبتمبر 2013 - كي أحصل على بقية المقالات، وأناقشه عن دوافع هجومه والظروف التي أحاطت بهذه المقالات .. إلخ، فكتب لي رداً ألّجم لساني، وأوقف قلمي عن التعليق!! فطلبت منه أن أنشر رده هذا؛ بوصفه أبلغ تعليق من كاتب على ما كتبه منذ ثلاثين سنة – من باب النقد الذاتي - فوافق على النشر .. وهذا نص رده: " عزيزي الأستاذ سيّد .. أقرن فرحي بأسفي .. فأرسلُهما إليك متلازميْن ملتصقيْن ببعضهما .. فأمّا الفرح فمردّه اهتمامك بمقالات قديمة لي كان النسيان والسنون قد طووها منذ زمن طويل .. وأمّا الأسف - يا سيّدي - فهو آسافٌ لا أسفٌ واحد .. أسفٌ: أن ليس عندي نسخ من المقالات المذكورة .. وأسفٌ: لأنّي نسيتُ ظروف هذه المقالات وظروف كتابتها ودواعيها وتداعياتها .. وأسف ثالث: - وهو الأهم - أسفي على كتابتها أساساً وتهجمي غير العقلاني وغير الموضوعي على الأستاذ زكي طليمات .. ولا أخفيك يا صديقي أنني أحسست بالخجل وأنا أقرأ المقالة التي أرسلتها لي والتي تجنّيْتُ فيها على الأستاذ طليمات .. واقبل يا صديقي تحياتي .. وفرحي وأسفي .. وخجلي أيضاً .. و .. سلمتَ ".
عاشراً: توهم صديقي أحمد شرجي بأنه يستطيع الدخول في ضميري، ويقرأ نوايايا، ويحاسبني عليها متجنياً، محاولاً إلصاق تهمة العنصرية بي فيما أورده من عبارات متنوعة في بقية صفحات مقالته!! وكفى أن أجتزئ بعضاً من هذه العبارات، التي تكشف عن السبب الحقيقي لكتابة المقال، ومنها: (ونرى مغالاة في تأكيد دور طليمات)، (سعى الباحث إلى حقيقة واحدة، تأكيد دور زكي طليمات الرائد بوصفه صاحب مشروع نهضة مسرحية في الكويت)، (نلاحظ من طروحات الدكتور الباحث، إنه يسعى بكل الطرق إضفاء صفة مشروع نهضوي على سفر طليمات إلى أي بلد)، (ويستمر تأكيد الباحث على ترسيخ دور طليمات)، (ولا أعرف لماذا هذا التهميش لدور حمد الرجيب النهضوي؟)، (يسعى الباحث إلى تأكيد دور زكي طليمات بوصفه صاحب مشروع نهضوي للمسرح في الكويت)، (وهو ما يدعم رأينا بأن حمد الرجيب صاحب مشروع نهضة المسرح الكويتي)، (ما الذي قدمه طليمات طيلة تلك السنوات؟)، (أراد طليمات الاستحواذ على جهود الآخرين في التأسيس وتطور المسرح في الكويت)، (إن طليمات سيكون القائد والموجه لكل الخطوات القادمة، ويهمش أي جهد لحمد الرجيب)، (إن الباحث يريد فقط أن يكون كل تطور أو خطوة إيجابية في المسرح الكويتي مصدرها زكي طليمات وليس حمد الرجيب)، (إن الباحث يريد تأكيد عائدية مشروع النهضة المسرحية في الكويت إلى زكي طليمات)، (وما يهمنا من كل ذلك، عائدية مشروع النهضة المسرحية في الكويت إلى حمد الرجيب، وليس طليمات)!! وقد أنهى صديقي مقالته، بهذه الكلمات: (الحقيقة ساطعة، ولا يمكن حجبها بغربال، حقيقة مهمة زكي طليمات في الكويت، عقلية تنظيمية، تدير الأمور بخبرة ودراية، ومشروع نهضة المسرح في الكويت عرابه ومؤسسه الراحل حمد الرجيب)!!
وردي على هذا الوهم الذي يدور في عقل صديقي، هو الآتي: ألم تنتبه إلى ما كتبته في الكتاب (ص61)، عندما قلت: (ولكون حمد الرجيب رجل المسرح الأول في الكويت وقتذاك، فكان له الحق بأن يكون صاحب أول نص مسرحي كويتي يُنشر في مجلة البعثة)! ألم تقرأ أيضاً قولي في الصفحة التالية (ص62): (وفي عام 1949 نشرت مجلة البعثة أطول نص مسرحي كويتي في ثمانية أعداد متتالية، وهو نص مسرحية (خروف نيام نيام) تأليف حمد الرجيب)! ولماذا لم تلحظ ما كتبته في (ص129)، قائلاً: (رسخ في وجدان مسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية أن الأمل في نهضة المسرح الكويتي، سيكون من خلال دعوة الفرق المسرحية. وهذا الرأي عبر عنه وكيل الوزارة حمد الرجيب، متحدثاً عن مشاريعه في إرساء قواعد الفن المسرحي في الكويت)! والغريب أنك تغافلت عما كتبته في الصفحة نفسها، قائلاً: (وهذا القول يعكس لنا مدى اهتمام المسؤولين في الكويت – خصوصاً حمد الرجيب – بالارتقاء بمستوى المسرح المحلي من خلال احتكاكه بالمسرح العالمي؛ وذلك من أجل نقل الخبرة من الخارج إلى الداخل في جميع مفردات العملية المسرحية)!! ولما لم تنقل ما قلته في (ص284): (إن الحكومة الكويتية في عام 1964 كانت تعد الطالب بلال عبد الله بلال ليكون خليفة الرائد المسرحي الكبير حمد الرجيب)!!
أما كون طليمات صاحب النهضة – وليس رائداً كما فهمت أنت – فقد قالت بذلك جريدة (الجمهورية) - بتاريخ 15/1/1958 - قائلة: "سافر الأستاذ زكي طليمات إلى الكويت، بدعوة من حكومة الكويت، تمهيداً لقيام نهضة فنية على أسس سليمة" (كتابي ص40)!! كما أن طليمات نفسه قال بهذه النهضة في خطابه إلى الشيخ صباح الأحمد الصباح رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية – وقتذاك – بتاريخ 12/3/1958، قائلاً: ".... وما استدعائي من القاهرة إلا دليل قاطع على مبلغ اهتمامكم بأن يكون الفن لخدمة المجتمع، وبأن تقوم في الكويت نهضة فنية" (كتابي ص70)!!
عموما أنا التمس لك العذر يا صديقي، لأن عدم اعترافك بدور طليمات في الكويت راجع إلى أنك كتبت (25) صفحة فقط لكتاب تبلغ صفحاته (522)، لذلك لم تقترب – في مقالك – نهائياً من أهم إنجازات طليمات الموجودة في الكتاب، ومنها: إنشائه لمركز الدراسات المسرحية، الذي أصبح النواة الأساسية لإنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية، وجهوده في تحويل الهواة إلى محترفين، واستقدامه لأول فنيين مسرحيين في الكويت بأكملها: إضاءة وديكور ومكياج وإدارة .. إلخ، وجهوده في إنشاء المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتكويته للمسارح إدارياً وفنياً، وإصراره تعليم جعفر المؤمن للمكياج، ليكون أول كويتي في هذا المجال، وجهوده في إلحاق بلال عبد الله بلال بمعهد التمثيل العربي، ليكون خليفة حمد الرجيب، وجهوده الجبارة في مباريات التأليف المسرحي الثلاث، وجهوده في ظهور سلسلة ترجمات المسرح الكويتية الشهيرة، وأخيراً أفكاره في تأليف الفرقة القومية، وإنشاء الأوبرا في الكويت ... إلخ!!
ساحة النقاش