وثائق مجهولة

ينشرها في حلقات ويكشف عن أسرارها

الدكتور سيد علي إسماعيل

كلية الآداب – جامعة حلوان

تاريخ المعلم عبد العزيز خليل يساوي 12 جنيها

ــــــــــــــــــــــ

 كثيراً ما نسمع حالياً عن أجور النجوم المرتفعة في المسرح؛ حتى ولو كان مسرح الدولة!! هذا الأمر دفعني لمعرفة أجور النجوم القدامى في (الفرقة المصرية الحديثة)، بوصفها فرقة الدولة الأهم، وذلك من خلال كشوف ماهيات شهر يونية 1957، التي بين أيدينا: الكشف الأول للسيدات والآنسات، والكشف الثاني والثالث للأساتذة. ومجموع أعضاء الفرقة في الكشوف الثلاثة حوالي ثلاثة وأربعين عضواً، أما الكشف الرابع والأخير فبه ثلاثة أسماء فقط وهو خاص بأسماء من هم على المعاش!!

وإذا أردنا أن نفرغ الأسماء من هذه الكشوف، سنخرج بقيمة توثيقة كبيرة، وهو معرفة جميع الأعضاء المنتسبين للفرقة المصرية في عام 1957. أما الإفادة الفنية الأهم، فتتمثل في ترتيب الأسماء وفقاً لقيمتها الفنية المتناسبة مع قيمتها المادية!! فالممثل الأعلى أجراً هو النجم، وهكذا تقل القيمة والنجومية كلما قلّ الأجر لنصل إلى أقل الأجور ونتعرف على الكمبارس، وسأستثني من الترتيب كشف المعاشات، وسأعود إليه فيما بعد!!

ووفقاً لهذ االمعيار سنجد أعلى أجر شهري، وهو (41 جنيهاً) يتقضاه ثلاثة: أمينة رزق، وأحمد علام، وحسين رياض. ومبلغ (36 جنيهاً) يتقضاه فتوح نشاطي فقط. ومبلغ (34 جنيهاً) تتقضاه نجمة إبراهيم، وفردوس حسن، وعلوية جميل. ومبلغ (33 جنيهاً) لفؤاد شفيق. ومبلغ (30 جنيهاً) لفاخر فاخر، وسعيد أبو بكر. و(28 ج) لنبيل الألفي، وحمدي غيث. و(27 ج) لروحية خالد، وإحسان شريف. و(26 ج) لحسن البارودي. و(24 ج) لنعيمة وصفي، ومحمد السبع، وكمال حسين، وعمر الحريري، ورفيعة الشال. و(23 ج) لنور الدمرداش، وسعيد خليل. و(22 ج) لنادية السبع، وملك الجمل، ومحمود عزمي، ومحمد الطوخي، وفوزية مصطفى، وعلي رشدي، وعبد المنعم إبراهيم، وعبد الغني قمر، وصلاح سرحان، وسناء جميل، وسميحة أيوب، وأحمد الجزيري، وإحسان القلعاوي. و(21 ج) لشفيق نور الدين. و(20 ج) لسامية رشدي. و(18 ج) للطفي الحكيم. و(17 ج) لقسمت شرين، وعفاف شاكر، و(15 ج) لنظيم شعراوي، ومحمد الدفراوي، وعبد الله غيث.

وإذا نظرنا إلى كشف المعاشات، سنجد به ثلاثة أسماء يقومون بالعمل والتمثيل، ولكنهم فوق السن القانوني بوصفهم موظفيين حكوميين، لذلك تتم معاملتهم مادياً بصورة غير لائقة ومهينة في بعض الأحيان!! والاسم الأول للفنان (جورج أبيض)، الذي كان يتقاضي معاشاً قدره (25 ج)، والاسم الثاني كان للفنانة (زينب صدقي) التي تتقاضى معاشاً قدره (24 ج)!!

أما الاسم الثالث في كشف المعاشات، فكان مفاجأة .. إنه الفنان (عبد العزيز خليل)!! أما معاشه فكان مبلغاً كارثياً (12 ج)!! وهذا المبلغ المهين هو أقل بكثير من أقل مبلغ لأصغر ممثل في الفرقة!! وربما الجيل الحالي لا يتعجب من ذلك، لأنه لا يعرف من هو عبد العزيز خليل، ومن يعرفه ربما يعرفة من خلال بعض الأدوار الشريرة في بعض الأفلام القديمة، الذي كان يؤدي فيها دور المعلم الشرير أو البلطجي .. إلخ، ولكن هذا في مجال السينما، أما دوره المسرحي فمجهول لأغلب الجيل الحالي، لذلك يجب أن أوضح لهم من هو (عبد العزيز خليل)، الذي تقاضى معاشاً أقل من أقل راتب كمبارس في الفرقة المصرية، وهو من درّب وعلّم جميع الأسماء الموجودة في جميع الكشوف بوصفه مخرجاً لهم في الفرقة المصرية، وفي أغلب الفرق المسرحية منذ عام 1915!!

بدأ عبد العزيز خليل مشواره الفني مع فرقة سلامة حجازي عام 1905، ثم انضم إلى فرق الهواة في الإسكندرية. وفي عام 1908 زارت سارة برنارد مصر ومثلت فيها عدة مسرحيات؛ بوصفها أشهر ممثلة مسرحية في العالم. وجاء عن هذه الزيارة في مذكرات عبد العزيز خليل – التي لم تنشر حتى الآن على ما أظن – والتي نشر أجزاء منها كمال سعد في مجلة المصور بتاريخ 23/4/1965 - قائلاً: "وأراد وقتها عبد العزيز خليل وعزيز عيد ونجيب الريحاني أن يشاهدوا الممثلة العالمية، وكانوا جميعاً في حالة إفلاس. فذهبوا إلى مدير الفرقة، وقال له نجيب الريحاني بطريقة مسرحية: أخصم لنا نص عمرنا وخلينا نشوفها. فضحك مدير الفرقة، وذهب ليروي قصة الهواة الثلاثة لسارة برنار التي طلبت رؤيتهم على الفور. وقررت أن يكونوا ضيوفها في البنوار المحجوز باسمها طوال فترة إقامتها في القاهرة. ولم تكتف بذلك، بل استغلت هوايتهم وأظهرتهم في أدوار صغيرة في بعض فصول مسرحياتها ..... وقبل أن تغادر سارة برنار القاهرة، قالت في حفلة وداعها: (في هذه الزيارة رأيت مجموعة من الشبان المتحمسين لضرورة إيجاد كيان فني في مصر، وأذكر من هؤلاء الشبان على سبيل المثال لا الحصر نجيب الريحاني وأحمد فهيم وعزيز عيد وعبد العزيز خليل، فهم في رأيي المشاعل التي ستنير للفن هنا طريقه)".

وصدقت سارة برنار، فقد تألق عبد العزيز خليل ممثلاً ومخرجاً ومدربا للممثلين في أغلب الفرق المسرحية، التي عمل بها منذ عام 1912، ومنها على سبيل المثال: فرقة جورج أبيض، وجوق أبيض وحجازي، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة أمين صدقي، وفرقة عزيز عيد، والفرقة القومية، والفرقة المصرية الحديثة. والغريب أن جميع الفرق المسرحية عندما اجتمعت عام 1924 لتكوين نقابة للممثلين رشحوا عبد العزيز خليل ليكون أول نقيب للممثلين في تاريخ مصر، وكان مقر النقابة بميدان باب الخلق في ملك الشيخ فراج عبد الدايم.

 

أما لو سردت لكم أسماء المسرحيات، التي مثلها أو أخرجها عبد العزيز خليل طوال حياته الفنية، سأحتاج إلى مساحة ثلاث مقالات فقط لسرد أسماء المسرحيات!! هذا هو الفنان (عبد العزيز خليل)، الذي أعطته الدولة معاشاً أقل من أدنى راتب لأصغر كمبارس في الفرقة المصرية .. أعطته (12 ج)!!

المصدر: جريدة مسرحنا - عدد 411 - 15 يونية 2015
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1216 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2015 بواسطة sayed-esmail

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

815,662