سارة برنارد في مصر

د.سيد علي إسماعيل

ـــــــــ

تُعدّ (سارة برنارد 1844 – 1923) أشهر ممثلة في تاريخ المسرح الفرنسي والعالمي؛ بل هي أسطورة المسرح بصفة عامة؛ حيث إنها بلغت من المجد ما لم تبلغه أية ممثلة مسرحية أخرى حتى وقتنا هذا! وبالتالي لاقت سارة تكريماً وكأنها ملكة أو أميرة لا ممثلة مسرحية! فقد أهداها الفونس الثاني عشر ملك أسبانيا حُلية من الماس، ووضع أمبراطور النمسا فرانسوا جوزيف عقداً من الجواهر بيديه حول جيدها، وأهداها أمبرتو ملك إيطاليا مروحة عليها رسم يمثل ليلة من ليالي مدينة البندقية في عهدها الزاهر. وعندما ذهبت إلى فيينا، وضع الأرشيدوق فريدريك قصره رهن أمرها طوال مدة إقامتها؛ لأنه لا يريد أن يرى ملكة تعيش في فندق. وعندما ذهبت إلى كوبنهاجن دعاها الملك كريستيان التاسع إلى رحلة في (يخته) يبحر بهما إلى قبر (هاملت) الذي خلدت اسمه بتمثيلها مثلما خلده شكسبير بإبداعه. ولما كانت في بطرسبورج دعاها القيصر إسكندر الثالث إلى قصر الشتاء، ولما انتهت من التمثيل تقدمت إلى القيصر وأرادت أن تنحني أمامه، فبادر بإنهاضها قائلاً لها أمام رجال دولته: (لا يا سيدتي .. إنني أنا الذي أنحني لك) وانحنى القيصر أمام الممثلة!

وبسبب شهرة سارة برنار، نسجت الأقلام أساطير كثيرة حول ميلادها وجنسيتها وديانتها وحياتها العائلية والشخصية! وكيف شقت طريقها نحو التمثيل؟ وكيف اعتلت قمة المجد المسرحي؟ ورحلاتها الفنية في معظم بلدان العالم .. إلخ ما نجده في الكتب والمقالات المنشورة، أو في بعض مواقع الإنترنت؛ لذلك سأنحي كل هذا جانباً – لأنه في متناول القراء – وسأهتم بجانب آخر من تاريخ سارة برنارد – ربما كان مجهولاً عند بعضنا – وهو علاقتها بالمسرح المصري، وعلاقة المسرحيين المصريين بها!

في عام 1880 حُكم على سارة برنارد في فرنسا بدفع غرامة مقدارها مائة ألف فرنك؛ لأنها أخلت بعقدها مع مسرح الكوميدي فرنسيز! هذه الحادثة تناقلتها كل وسائل الإعلام العالمية، وبالتالي نشرت هذا الخبر جريدة (الأهرام) المصرية؛ ولكنها لم تكتف بنشر الخبر فقط؛ بل كتبت حوله مقالة كبيرة تحت عنوان (سارة برنار وفن الروايات) في يولية 1880، وتفننت الجريدة في استغلال معلومات هذا الخبر من أجل تنشيط المسرح العربي في مصر!

فعلى سبيل المثال لاحظت الجريدة أن الراتب السنوي الذي يعطيه مسرح الكوميدي فرانسيز لسارة برنارد، يعادل راتب الوزير في مصر!! وهذه المقارنة قصدتها الجريدة حتى تبرهن على قيمة الممثل المسرحي في فرنسا؛ بدليل تعليقها قائلة: " ومن طالع جرائد باريز أثناء هذه الحادثة التياترية عرف ما لهذه المُشخصة [ أي الممثلة سارة برنارد ] من الأهمية في عالم الأدب وتبين منزلة الروايات [ أي المسرحيات ] في العالم الأوربي خاصة في فرنسا ...... وفي ذلك أكبر دليل على ما صار للروايات وأهلها من الاعتبار والأهمية في هذا العصر".

ومن هذا المنطلق تطرقت الجريدة إلى الحديث عن المسرح العربي في مصر، فأشارت إلى إنه في طور البداية والتحديث، ويحتاج إلى تعليم، كما أشارت إلى عدم إقبال الجمهور على المسرح العربي، واختتمت الجريدة مقالتها باقتراح للقائمين على المسرح العربي في مصر، قالت فيه: " لو فكر أدباء هذا الفن ... ويهمهم رواج سوق بضاعتهم الجديدة لألفوا جمعية للنظر في هذا الشأن واعتنوا بتعليم فن التشخيص حتى إذا ما أدركوا الغاية حق لنا أن نعلل أننا بمثل سارة برنار وغيرها من مشخصات ومشخصي الملاعب [ أي المسارح ] الأوربية فكل من سار على الدرب وصل".

وفي عام 1888 استطاع المسيو تيودور جلازس مدير فرقة المسيو كوكلن الفرنسية أن يفوز بامتياز التمثيل في دار الأوبرا الخديوية المصرية لمدة موسم كامل، وذلك بعد موافقة وزير الأشغال العمومية عبد الرحمن رشدي باشا، الذي أخذ موافقة مجلس الوزراء على هذا الامتياز! هكذا أخبرتنا وثائق مجلس الوزراء المحفوظة بدار الوثائق القومية المصرية! والسؤال الآن: لماذا وافق الوزير المختص، ومن بعده مجلس الوزراء على منح امتياز الأوبرا لهذه الفرقة؟ الإجابة تتمثل في أن المسيو تيودور تعهد رسمياً – نظير منحه امتياز الأوبرا - أن يأتي بسارة برنارد لتمثل عشر ليالٍ في الأوبرا المصرية في ديسمبر 1888!

وتحدثت جريدة الأهرام عن هذا الموضوع في 28/4/1888، وزفت إلى قرائها بشرى قدوم سارة برنارد إلى مصر لأول مرة كي تمثل لياليها العشر في الأوبرا الخديوية، وبشرت كذلك أهالي الإسكندرية بأن سارة برنارد ستعيد تمثيل عروضها في تياترو زيزينيا بالإسكندرية. وبتاريخ 19/12/1888 أعلنت جريدة القاهرة أن سارة برنار تركت الأستانة منذ بضعة أيام، بعد أن مثلت بها عدة مسرحيات، وهي الآن في طريقها إلى مصر لتمثل بها لياليها العشر بصحبة فرقة مكونة من اثنين وثلاثين ممثلاً وممثلة.

وتوقعت وأنا أبحث في الدوريات المصرية أن أجد مقالات كثيرة، تُوصف هذا الحدث الكبير، وأن أقرأ إسهاب الكُتّاب في وصف قدوم سارة برنارد إلى مصر، وقدرتها على التمثيل، وتفوقها المسرحي .. إلخ هذه المعلومات؛ ولكني صُدمت عندما لم أجد أية مقالة منشورة عن هذا الحدث في الصحف المصرية في حينها؛ والسبب في ذلك راجع إلى أن متعهد الأوبرا الخديوية، استغل شهرة سارة برنارد وقدومها إلى مصر لأول مرة، فرفع أسعار تذاكر الدخول بصورة مبالغ فيها جداً جداً، فلم يقبل على رؤية تمثيل سارة إلا بعض الأغنياء، وبالتالي لم يستطع أي ناقد أو صحفي رؤيتها؛ لأن متعهد الحفلات طالبهم بثمن التذاكر، وهو أمر غير معهود! وتأزمت الأمور، عندما فتر حماس سارة وهي تمثل أمام العشرات، وهي معتادة على التمثيل أمام الألوف، فما كان منها أن خرجت على خشبة الأوبرا الخديوية في حفلتها الرابعة، وهي مرتدية ملابسها العادية – لا ملابس التمثيل – ووجهت خطابها إلى الجمهور قائلة: " إنني أعلم أن المصريين سلالة أمة عظيمة بلغت أرقى درجات الرقي في المدنية والحضارة؛ ولكن يظهر أن تقلبات الزمن قد أطفأت شعلة نيران ذكائهم. ولست أدري ماذا فعل الفرنسيون وقد عرفوا مصر وأهلها منذ أيام نابليون - فإما أن يكون الذين أتو إلى هذه البلاد من الفرنسيين قوم جهلة علاقتهم بفرنسا أسمية، وإما أنهم جدّوا واجتهدوا في تربية عواطف المصريين فلم يفلحوا ". وبعد هذا الخطاب الانفعالي، أُسدلت ستارة المسرح، وعادت سارة بفرقتها إلى فرنسا، دون أن تستكمل بقية لياليها العشر .. هكذا أخبرتنا جريدة الأخبار المصرية بعد عشرين سنة من هذا الحدث!!

وفي عام 1895 شاهد بعض السواح الفرنسيين دار الأوبرا الخديوية، وشاهدوا فيها عرضاً أجنبياً، ولكنهم طلبوا من صديقهم المصري رؤية مسرحية عربية، فأخذهم إلى مسرح إسكندر فرح وشاهدوا مسرحية (صدق الإخاء) بطولة الشيخ سلامة حجازي، فأعجبوا بقدرة هذا الشيخ ومهارته في التمثيل والغناء، وبعد انتهاء العرض قالوا لصديقهم: " يحق لكم أنتم العرب أن تفخروا بهذا الرجل [ أي الشيخ سلامة حجازي ] كما نفتخر نحن بسارة برنار. وأنّا لنثني أطيب الثناء على مدير هذا الجوق [ أي إسكندر فرح ] لجده في سبيل تقدم الآداب". هكذا اخبرتنا جريدة الإخلاص يوم 12/12/1895. ودلالة هذه الشهادة أن سارة برنارد أصبحت المثال المحتذى في التمثيل المسرحي عالمياً، وأنها مازالت النموذج المسرحي الأول في مصر، ومن خلالها يُقاس النجاح المسرحي!

وفي مارس 1897 كتبت جريدة الأخبار المصرية مقالة بعنوان (التمثيل)، تحدثت فيها عن عرض مسرحية (فيدر) للشاعر راسين، التي عُرضت منذ أيام في اليونان بطولة سارة برنارد، وكيف لاقت هذه الممثلة التكريم اللائق بها، حيث حضر العرض الوزراء والسفراء، ومنهم سفير اليونان وقرينته، وقدموا شكرهم لها باسم الملك جورج. كما أسهبت الجريدة في وصف مكانة سارة برنارد عالمياً، وأبانت كيف يحترم الأجانب التمثيل المسرحي، ويضعونه في مكانته اللائقة. ومن ثم عقدت الجريدة المقارنة بين حال المسرح عند الأجانب، وحاله في مصر، واستغلت الجريدة هذه المقارنة في دفع المسئولين للاهتمام بالمسرح العربي في مصر، وطالبت الحكومة أن تساعد الفرق المسرحية العربية بفتات ما يتبقى من إعانة الحكومة المصرية للفرق الأجنبية في مصر!! فقد ذكرت الجريدة أن الحكومة تساعد الفرق الأجنبية التي تزور مصر سنوياً بمبلغ 5000 جنيهاً، واقترحت أن هذه الإعانة من الممكن أن تخفض إلى 4800، والباقي (200ج) تكفي للفرق المسرحية العربية حتى تنشط في مصر!!

وفي مارس 1903 نشرت جريدة مصر خبراً عن قدوم المليونير الأميركي مستر لومبارد إلى مصر، وهو مولع بالمسرح، وينفق على الفرق المسرحية كل عام عشرة آلاف جنيه، وفي زيارته لمصر شاهد عرضاً مسرحياً في الأوبرا الخديوية، فتبرع للفرقة بمبلغ 500ج. أما الطريف في هذا الخبر، أن هذا المليونير خصص غرفة في قصره بها جميع صور سارة برنارد في أدوارها المسرحية الشهيرة.

وهكذا ظلت الصحف المصرية تتبع أخبار سارة برنارد، وتنشر كل شاردة وواردة عنها؛ وكأنها تكفر عن ذنبها في حق هذه الممثلة النابغة، التي جاءت إلى مصر عام 1888، فلم تجد الإقبال الجماهيري المستحق لها ولمكانتها، فعادت إلى فرنسا دون أن تستكمل عروضها!! وربما تمنى المصريون أن تأتي سارة برنارد إلى مصر مرة أخرى ليكفروا عن ذنبهم بصورة عملية!

ولُحسن الطالع أن هذا التمني تحقق بالفعل عام 1908! ففي هذا العام كان المسرح نشطاً في مصر، وكانت الفرق المسرحية متألقة، ومنها: فرقة الشيخ سلامة حجازي، وفرقة سليمان القرداحي، وفرقة عزيز عيد، وفرقة الشيخ أحمد الشامي، وجوق الاتحاد الوطني، وجوق دار الفنون الجميلة، وأيضاً الفرق العربية الزائرة، مثل: جوق المسرة العثماني، والجوق الشامي، بالإضافة إلى الأندية التمثيلية والجمعيات الخيرية، التي عرضت بعض المسرحيات في احتفالاتها الخيرية، مثل: مجتمع التمثيل العصري، وجمعية النهضة الأدبية، وجمعية المساعي الخيرية، وجمعية البهجة الأدبية، وجمعية نصرة العفاف، وجمعية الاتحاد الشرقي المتين، وجمعية ثمرة الحياة القبطية، وجمعية ترقي التمثيل العربي، وجمعية المعارف الأدبية، وجمعية الاتحاد القبطية الخيرية، وجمعية التوفيق القبطية المركزية، وجمعية النهضة الأدبية الخيرية، وجمعية الاتحاد الأخوي الخيرية، وجمعية الروم الكاثوليك الخيرية.

هذا النشاط المسرحي، أسهم في تهيئة المناخ المناسب لقدوم سارة برنارد إلى مصر للمرة الثانية، حيث أخبرتنا جريدة المؤيد في 7/11/1908 بأن سارة برنارد وصلت إلى مصر، وستعرض مجموعة من المسرحيات في تياترو عباس بالقاهرة، وفي تياترو زيزينيا بالإسكندرية، ومن أهم المسرحيات التي ستعرضها: غادة الكاميليا، والنجم الآفل، والنسر الصغير، والساحرة، وتوسكا، وذات الورود. كما نشرت الجريدة أسعار الدخول، قائلة: " أما أسعار الدخول في مصر فهي عن جميع الليالي: لوجات درجة أولى 20 جنيهاً و16 جنيهاً عن لوجات نمرة 1 إلى 8 و12 جنيهاً عن نمرة 9 إلى 16 و16 جنيهاً عن لوجات الدرجة الثانية الأول و650 قرشاً عن سواها وعن الفوتيلات المحفوظة 60 قرشاً في الليلة و40 الفوتيل العادي و30 قرشاً الكراسي المنمرة و20 قرشاً أجرة الدخول والوقوف فقط و8 قروش لأعلى التياترو".

والطريف في هذه الأسعار المبالغ فيها – في هذا الوقت – أن ثمن اللوج درجة أولى (20 جنيهاً)، كان ثمن مهر العروسة في مصر!! أي أن مصاريف زواج الفتاة في مصر – في هذا الوقت – كان مساوياً لثمن رؤية سارة برنارد على خشبة المسرح!! هذا بالإضافة إلى ذكر الجريدة صراحة أن المسرح – ولأول مرة – يحدد سعراً رسمياً لوقوف الجمهور لرؤية سارة برنارد على المسرح، وهذا أمر غير معتاد - في ذلك الوقت - أن الجمهور يقف لرؤية مسرحية، بل ويتم تحديد أجرة الوقوف بصورة رسمية!! وهذا إن دلّ فإنما يدل على مكانة سارة برنارد في تاريخ المسرح عالمياً!!

وقد تحدثت جريدة الشرق يوم 11/11/1908 عن أول عرض لسارة في مصر، قائلة: " مثلت حضرة الممثلة الطائرة الصيت سارة برنار مساء أول أمس في مرسح عباس في العاصمة رواية (ذات الورود) فازدحم المرسح على سعته حتى لم يبق به محل. وقد استؤجرت كل اللوجات والكراسي مدة وجود هذه الممثلة، ولذلك قرر رئيس الجوق أن يجعل ليالي التمثيل خمساً بدلاً من أربع. أما إيراد ليلة أول أمس فقد بلغ حوالي أربعة عشر ألف فرنك. وستحضر هذه الممثلة الشهيرة إلى الثغر [ أي إلى الإسكندرية ] في يوم السبت القادم فتمثل في مسائه رواية (الساحرة)، وهي من وضع القصصي الشهير فيكتوريان ساردو. وفي مساء الأحد تمثل رواية (النسر الصغير)، وفي مساء الاثنين رواية (توسكا)، وفي مساء الثلاثاء رواية (ذات الورود)، وقد بيعت جميع الألواج والكراسي، وستكون هذه الليالي الأربع من أبهج الليالي وألطفها ".

أما جريدة الأخبار، فنقلت لنا موقفاً آخر عن أول ليلة لتمثيل سارة في مصر، وهو موقف دلّ على قيمة هذه الممثلة، وإقبال الجماهير على رؤيتها، حيث قالت الجريدة: " استنجدت إدارة تياترو عباس بالبوليس لمساعدة عمالها في المحافظة على مدخل التياترو ممن يرغبوا حضور الرواية الأولى التي مثلتها سارة برنار، ولم يتمكنوا من إحراز تذاكر لنفاذها قبل ليلة التمثيل. فانتدبت المحافظة 12 جندياً من الفرسان عانوا مشقة عظيمة في القيام بواجبهم لتزاحم الجماهير". وفي اليوم التالي نشرت جريدة الأخبار مقالة تحت عنوان (رأي سارة برنار في المصريين)، قالت في بدايتها: " ذكرت مدام سارة برنار لمحدثيها إعجابها بمصر والمصريين ودهشتها من ارتقاء البلد وتغير مناظرها عما كانت عليه منذ رأتها في سياحتها الأولى. وأشارت إلى أنها لم تستنكف التمثيل في تياترو عباس مع صغره؛ لأنها كانت راغبة في أن تمثل في مصر ولو بأية قاعة ".

وهكذا نجحت زيارة سارة برنارد إلى مصر، وظلت أصداء هذه الزيارة لسنوات طويلة، ووصل الأمر أن اسم سارة برنار في مصر أصبح لقباً تطلقه الجماهير والصحف العربية على أفضل ممثلة مسرحية، وهذا اللقب كان محدداً بعبارة (سارة برنار الشرق)! وأول من نالت هذا اللقب، وأطلقت عليها جريدة الوطن يوم 16/2/1912 لقب سارة برنار الشرق، كانت الممثلة (ميليا ديان). وظل هذا اللقب طوال عام 1912 مُخصصاً لميليا ديان؛ ولكن في العام التالي 1913 أصبحت سارة برنار الشرق الممثلة (مريم سماط)!! ويشاء القدر أن تقوم الممثلة روز اليوسف بأداء دور البطولة في مسرحية (غادة الكاميليا) لمسرح رمسيس يوم 26/3/1923، وهو يوم وفاة سارة برنارد، فأطلقت الصحف المصرية على روز اليوسف لقب (سارة برنار الشرق)، وهذا اللقب انتقل من روز اليوسف إلى فاطمة رشدي عام 1928، عندما تألقت في مسرحية (النسر الصغير)، فقالت مجلة المصور يوم 20/1/1928: " لمناسبة تمثيل السيدة فاطمة رشدي لدور (النسر الصغير) بمهارة وتفوق لم يجاريها فيها أحد. ولم تجسر أي ممثلة على منازعتها في تمثيله حتى لقبت عن جدارة (بسارة برنار الشرق)".

وظلت الصحف المصرية تقيس نجاح المسرحيات بعروض سارة برنارد؛ وكأنها النموذج الكامل للمسرح عالمياً. وبناءً على ذلك وجدنا جريدة مصر تقول يوم 18/6/1912: " احتفلت جمعية الرابطة الزاهرة في تياترو عباس بتمثيل رواية (لويس الحادي عشر)، حيث مثلها جوق حضرة الممثل الشهير جورج أبيض، وقد كان التمثيل غاية في الإبداع والإتقان حتى خُيل للجمهور أنه في مرسح سارة برنار بفرنسا ". كما قالت جريدة السياسة في مارس 1923: " لكل من شهد أمس رواية (غادة الكاميليا) تمثل على مسرح رمسيس أن يقول بحق أن في مصر اليوم فناً جميلاً، بعثه من رقدته جماعة من شباب مصر الحديثة بعد أن عانوا في سبيل إحيائه ما عانوا من جهود ونفقات. يُخيل إليك لولا أن اللغة عربية وأن الجموع التي حولك جموع مصرية إنك بباريس تشهد تمثيل تلك الرواية الرائعة في أحد مسارحها؛ وكأن مدام سارة برنار هي التي تولت إبراز معجزتها الفنية بتمثيل ذلك الدور الدقيق الشاق المثير للعبر والعبرات".

 

رحم الله سارة برنارد الفرنسية، وأول سارة برنار الشرق ميليا ديان، وثاني سارة برنار الشرق مريم سماط، وثالث سارة برنار الشرق روز اليوسف، وآخر سارة برنار الشرق فاطمة رشدي ... رحم الله الجميع، فلم يبق منهن سوى الذكرى والتاريخ!!

 

المصدر: سارة برنارد .. في المحروسة – مجلة (كواليس) الإماراتية – عدد 32 – أكتوبر 2012 – ص (90 – 97)
sayed-esmail

مع تحياتي ... أ.د/ سيد علي إسماعيل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 642 مشاهدة

ساحة النقاش

أ.د سيد علي إسماعيل

sayed-esmail
أستاذ المسرح العربي بقسم اللغة العربية - كلية الآداب جامعة حلوان »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

826,372