يا عظيم الأنبياء
(في ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1393 ه 1973 م قبل حرب رمضان أكتوبر المجيدة)
سَيِّدَ الخَلْقِ، وزيْنَ الأنبيَاءْ = جِئْتُ في ساحِكَ أَسْتَجْدِي الضِّيّاءْ
فأنلني غوثك المأمول يا = موئل العاني وكهف الضعفاءْ
واعفُ عن شعري فما شعري سوى = قطرةٍ من فيض رب الفصحاء
الذي أدبه الله فلم = يعرف الهزل ولم يدرِ الهراء
والذي علمه الباري فما = خفيت عنه تهاويل القضاء
والذي نزهه المولى فلم = يقل الشعر ولم يروِ الهجاء
جِئتُكَ اليوم لا أرى = غير باب الطهر بابًا للنجاء
لائذًا بالستر أسعى مُهْطِعًا = لشفيعٍ صفحه كل الرجاء
* * *
كانت الدنيا ظلامًا دامسًا = والديانات بها محض هباء
فضعيفٌ من قويٍّ يشتكي = وظَلومٌ ليس يُعفى البؤساء
وأخو شركٍ على الأرض طغى = ولو استطاع تمادى في السماء
وأخو كأسٍ على الخمر ارتمى = يرشف الراح ويحسو ما يشاء
وبغاةٌ وعتاةٌ أمعنوا = في المعاصي وتمادوا في الدهاءْ
عُكَّفٌ حول الذي قد نحتوا = من شخوصٍ وتماثيلٍ خواء
عندما أقبلتَ موفورَ السَّنَى = حصحصَ الحقُّ ونورُ العدل جاء
وأقمتَ الحكمَ شورى لم يكنْ = حكمَ مستعلٍ ولا حكم افتراء
وسننت العدل قسطاسًا فما = عرف البغي ضعيفٌ في القضاء
مذ دنا ركبك من أم القرى = زهق الباطل والحقُّ أضاء
يا رسول الله يا خير الورى = نفحةٌ منك بها يدنو الشفاء
عالم اليوم طغى فيه الأُلى = سفَّهوا الدين وعابوا الأتقياء
زعموا قنبلةً ذَرِّيَّةً = سوف تفني الناس فالكون خلاء
ومضوا في غيّهم إن خرجوا = من شقاءٍ سربِلُوا ثوب شقاءْ
كفروا يالله يا ويحهمو = واستهانوا بكلام الأنبياء
ومشوا في موكبٍ من لهب = سقطوا فيه ضحايا الخُيَلاءْ
* * *
قَوْمُكَ اليومَ رَسُولَ اللهِ فِي = نَهْضَةٍ كُبْرَى يُرِيدُونَ العَلاءْ
جمعوا شملهمو وانطلقوا = يبذلون المال سمحًا والدماء
دانت الدنيا لهم مذ حملوا = سيفهم يبغون للدين العلاء
جمعوا صفَّهمو في وثبةٍ = بوركت من نهظةٍ نحو العلاءْ
عرفوا دينهمو فانتصروا = ذاكَ ما قال ربُّ السماءْ
* * *
إنما الحقُّ له السيف يد = وأرى الغفلة قبر البلهاءْ
ونبيُّ الله بالسيف غزا = وعدو الله بالخسران باءْ
فأقبموا الحق بالسيف ولا = تطلبوا المجد بمبذول العطاءْ
اطلبوا المجد بسيفٍ لَهْذَمٍ = يدع العاصين صرعى في العراء
نادت الدنيا بكم أن أقدموا = فأصيخوا واستجيبوا للنداء
وأقيموا الملك بالدين كما = كان في عصر نبيِّ الأنبياءْ
واذكروا سيرته واقتبسوا = من سناه يذهب الداء العياءْ
إن أخذتم قبسًا من هديهِ = حزتم النصر وفزتم بالعلاءْ
* * *
يا أبا الزهراء يا رمز الإباءْ = نحن للإسلام والعرب فداء
نفحةٌ منك بها نحمي الحمى = ونقي الدنيا مغبَّات العداءْ
شعر: د. مختار الوكيل