باب الرسول
يا أيها المضنى المعنى العليلْ = قد دان ما رُمتَ ونلت القبولْ
مذ حمت بالشعر على بابه = والشعر مطواع لقلبي ذلولْ
ومذ قبست النور من وحيه = نوّر قلبي واستبان السبيلْ
* * *
وقفت بالباب ذليلاً وما = يُفتح إلا للفؤاد الذليلْ
أُقبِّل الأرض ويا حبّذا = لثمُ غبارٍ منه تحيا العقولْ
وألزم الصمت وفي خافقي = تسمو الأهازيج بمدح الرسولْ
أنت هنا يا سيدي ماثلٌ = وافرحتاه لو لقانا يطول
أنت هنا يا سيدي ماثلٌ = والناس جاءوا كالخضم المهول
يا حيرتي في موقفٍ مذهلِ = الدمع منه في المآقي يسيلْ
الذنب كفارته أدمعي = ماذا يقول الشعر ؟ ماذا أقولْ؟
والحشد في بابك مثلي بكوا = فكن رفيقًا بالبكا والعويلْ
وأنت من جاء لنا رحمةً = فاشفع حبيب الله واشف الغليلب
* * *
أنت هنا يا سيدي ماثلٌ = وافرحتاه لو لِقانا يطول
أنت هنا يا سيدي ماثلٌ = وحائط الوحي هنا والصليل
جبريل غادٍ رائحٌ مسعدٌ = بالذكر والآيات كالسلسبيل
* * *
أنت هنا يا سيدي ماثلٌ = وها أنا المذنب جمُّ الذهول
عريان من كل غرور بدت = سوءات نفسي من جلال المثول
حلفت بالنجم وأسرارها = كن لي شفيعًا عند ربي الجليل
ياسين طه سيدي نظرة = تحيا بها النفس ويمحى الذبول
قد طال شوقي للقاء الذي = أحظى به ياليته لا يزولْ
في البعد أشتاق إلى وقفتي = هذي وأهفو للِّقاء النبيل
وأبعث النجوى إلى المصطفى = في هدأة الفجر وعند الأصيل
حبُّك في قلبي له نشوة = تسكر روحي في المساء الطويل
في الليل مالي من رفيق سوى = نجواكَ يا آسى الفؤاد العليلْ
* * *
نصبت في جوف الدجى خيمتي = وقمت فيها ذاكرً لا أحولْ
الله ربي جلَّ من منعمٍ = فأنت ظلٌّ في الفيافي ظليل
حديثك العذب غذا مهجتي = بوابل عذبٍ فراتٍ هطول
وفي صميم الليل أصغي إلى = قرآن ربي عبر هذي السهول
فتنتشي الروح وتسمو هدى = وتمتطي الأجواءَ عشقًا تجولْ
* * *
صلى عليك الله يا سيدي = صلى على طه الحبيب الجميل
وكل من في الكون صلى رضًا = فأنت شمس مالها أفول
إني أصلي في صميم الدجى = على الذي فيه تهيم العقول
المصطفى المختار من هاشمٍ = خير البرايا من أضاء السبيل
حبيب رب العرش وافرحتي = عند مثولي ومناي الوصول
لكنما الحيرة تنتابني = فألثم الأركان عند المثول
* * *
يا أيها المختار من هاشم = خير البرايا من أضاء السبيل
يا أيها المختار يا نعمةً = أحيا بها المولى مواتَ العقول
جئت وعهد الشرك في عنفه = والظلم يطغى بين شعبٍ جهولْ
في البيت أصنامٌ أطافوا بها = يرجون جدواها بطرف كليل
وفي فيافي البيدِ في مهمهٍ = قفرٍ عواءُ الريح جنٌّ تصولْ
سودٌ وحمرٌ في الدياجي بدتْ = تلك الغرابيب العوالي تهولْ
في المهمه القفر الذي تنثني = أسد الشرى عنه بقلبٍ ذليل
الباسط الفتاح في لطفه = ألقى به النور فغنى الهديلْ
نور سراج الله يا سيدي = أنت فأنعم بالحبيب الدليلْ
نورك والقرآن في أمة = أعزّها الرحمن بعد الخمول
* * *
يا رحمة الرحمنِ يا دعوةً = روحيةً مقبولةً للخليلْ
إني هنا أنشد شعري وما = أُنشد إلا نفحةً في المثول
فاقبله إنّي ههنا واقف = بالبابِ كي أمدح طه الرسولْ
شعر: د. مختار الوكيل