الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

مرفرفات على الجسر

 

لن تذهبَ إلى قاعة العزف،

لأن صبيان النقاشة محيطون بالممشى

فاشطب من مهامك أن تردني للطفولة،

واطمئنْ: إنني أعبر الكوابيسَ قفزاً على الزّانةِ.

 

صبيان النقاشة هنا،

وهناك صلاةُ الشكر.

 

طائرة في المدرجات

لكن دمعها عند مقطع الجلطة

أزال الساتر الترابي

وهي مهوّمة على رءوس التلاميذ

تقلّم العواطف.

 

كانت محنيّة على تحنّن الدّجاجة

(في المسودات قال الأصل:

عينا بقرة على السطر

وأصابع مربوكة في جوار القدح)،

لكن المرأة التي ستقول بعد أن يقتنصها الفخّ:

"هل هذا هو الجنس؟"

اقترحت على رتوش الإنهاء هذه الكمالة:

وبين الوجهين هواءٌ مسكوتٌ عنه،

ومليون خليّة في رأس دبّوس.

 

تطفح الجثث،

والثكالى مرفرفات على الجسر،

في ظهيرة:

ستموّهين مواجدَك،

حتى تتمكن الضفادع

من انتشال أطفال المقطورات.

 

حينما تشمين الكلاسير وحدك في الليل

ستعرفين كيف عشت عشرين عاماً

قبل أن ألاقي امرأة تقول لي:

لعل ارتدائي القميص المرّبعات نداءٌ للذكورة.

 

حينما تشمّين الكلاسير:

ستجدين عرق يديّ،

وحبر الذكريات.

 

وحدكِ في الليل

فاحفظي به القصائد التي لم تتم

وحدها

وأنت جالسة فوق المكتب القرفصاءَ

وحدَكَ

ولا ترتبكي إذا طفرت منه في السكون

سلامةُ الروح.

 

نحن شقان من فعل بلطة يا سيدي،

يمكن استبدال هذه الدراما بجار ومجرور مرتين:

"على الحافَة

على الحافة".

هكذا نصحته المرأةُ التي كرهت مواليدَ ما بعد

خمسين،

مستثنية: تحياتِ الطبيعة.

 

كدت أترك: عينا بقرة على السطر

لكنني ملت للبياض الذي تجرحه لمسة العداوة،

بينما ثعبان معصمها على طب الأمهات:

وضعُ الندى على حروق الجلد.

 

كلّهم يخافون البلياتشو

غير أنني أفضل المفعول به

على معراج العسكريين

فهل تأخني إلى لغة

لا أذر رمادها على الرأس؟

 

صرخةُ الميلاد دوّت بعد يوم من قوله: "وقد اتخذت قرارا أريدكم أن تساعدوني عليه" ، قيل للوليدة: كان هنا العادلون. ترامت على الظهر الضفائر تحت كراسة الإملاء ، فقيل للصبيّةِ: كان هنا المنتصرون. أطلق المثّال للناهدين شهدَهما ، فقيل للجميلة:

هنا ماءُ النار،

هنا جنازير الهداية.

 

-        من زاهيةُ؟

-        البرد والسلام.

 

أمامك الوئام

وخلفك المخاليق في مصنع الحبر

فاستعد هواءك الذي فقدته مع الحرس

وقف على شفا الأخت التي عفت عن عينيك وعن

بطنها

قف ولا تطل رنّ الجرس.

 

لم انتبه لارتعاش الجانب الأيسر من الفم

ولا لخدر الساق في الليالي

وعندما قال الطبيب:

ابعدوها عن الانفعالات،

حدثتها أن أصدقائي ميراثُ أبنائي،

وأن السيرة مشروع الدنيا.

 

لم أنتبه لغيبوبة الدقائقِ الثلاث،

خَيْ:

كان لابد أن أنتبه.

 

لا تنصرف إلى غبار مدنّس على أرنبة الأنف،

ما جرى هو أن رسائل التابوت جاءت لحظة الحبو،

وانطوى النسرُ الذي منحتُه نجمةً عكس نجمة المعسكر،

بعد شهرٍ بالتمام سأغير بعض عاداتي:

سأشتاق مثلاً،

سيُشتاقُ إليّ، مثلا،

سأعتزّ بطبلةِ الأُذُن.

 

جهّزَ الفضةَ بنفسه،

وجهز الحلوى بنفسه،

كي يعيشا معاً في الحبسِ

عندنا شغلٌ معطّل يا حبيبتي،

فلا تهتمّ بارتعاش يديّ بعد الشعر.

 

شاركت في الغسل

نعم يا شقيقة ثمةَ مرحومون،

لكن السلام كان قد هيّأَ نفسه للنزول،

قهوتان يا أخ،

نعم يا ابنة الضابط الأسْودُ في مكانين:

بينهما بياضُ رجلٍ

لم يشترك في الغسل.

 

تلهو يد بالشريط البطيء

فينطُّ للأمام مثل آلة الزمن،

وعندما نوقفه في لهثنا بضغطة:

سنرى خشونة الكليم تحت ظهرها

ونرى فوق ظهره الوطاويطَ

يؤرجحون طفلةً من بزِّ الرجل.

 

أخرُ ما تبقّى من جهازها القديم. استللتُها من قبضة الأوصياء.

كانت مطمورة في غرفة الكراكيب تحت غبرة السنين.

بركتُ عليها أهركها بتراب المحماة

والليمون. لا بد أن تراها إذا كان لابد أن تراني . بان

نقشُها الدقيقُ وانجلى منطق الطير على حواف الدائرة.

سندتها على الشال في جوار سريري. لو عدت لها

الليلة ربما أرى وجهك في زجزاجها . وربما ألتقط

منطق النحاس:

تستطيع المحباتُ ا، تنهض من غفوتها على:

صينية الوالدة.

 

يجرّ خلفه أحشاءه

ماشيا كمن يقدر أن منهكة ستنجو

وأنها بعد أزمنة كثيرة

ستحرك الآلام من موضعها بالليل

وتعيدها كما كانت إذا أصبح الصبح

ثم تمعن التدقيق في أيامها

وفجأة:

تهنيء نفسها في صرامة قادة الأركان

على احتيازها هذه الصفوف المرصوصة من المفقودات

وهو وهو يجر خلفه أحشاءه

بينما الصغار يصنعون منها كرات غزل.

 

رجال صامتون في الدنيا،

وألفةُ الفصل تصنّف الكوابيس في درجها،

وتميّز المحفوظات بعلامة صح

وعلامة غلط

فأدرك الفتى أن الوصال يكشف الصدع

طبعا علامةُ: صح

على الأدراج التي فيها بقايا الخراطيش

واللبس والماسكات وما أشيه

وطبعا علامة غلط

على الأدراج التي فيها المدارس والانسجام

والخبز والحرية وما أشبه

أما ختم التي انحرف فكّها يساراً

فسوف تدارينه حيث يجدر بالغفران.

 

اختفي في هيئة الشخص

الذي جعل أصابعه في مستوى الذكريات

ثم اتخذ من رحيل الأم ستراً يلمح من ورائه

امرأة يسلخ الأطباء جلدها

لأن بصيرتها حذّرتها من مصيدة

ستصير فيها مشدودةً من أنفها بالحديد المطاوع

إلى روائح اسكندرية

 

لا تحدقي في الفنجان الذي شربته من لحظةٍ

فكثرة التحديق تُطلق الخيال من عقاله.

ليس لدينا زيتٌ كافٍ لنحرق النفس،

لذا: علينا أن نقتسمَ الموسيقى بالعدل.

 

(أغسطس 1994)

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 86 مشاهدة
نشرت فى 25 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

128,697