الشقيقة التي أراها
حزنٌ حفيفٌ على قصّة الشّعر،
وحنينٌ إلى أن يراني من لم يكن يراني،
وأنا على باب "المواساة".
هو ضابطٌ لكنه يشبه المُرْسَلينَ،
بينما تُشبهين غادةَ التي أنجبت منذ شهرين.
واربتْ خزانةَ المكنون:
أنا في زيّ جماعة الرحلات،
أمي حين حصلتُ على شهادة التفوّق،
أبي قبل أن يطيرَ بليلةٍ.
مضى الباصُ قبل أن أُتمّ: "لا ينبغي أن نتوه"،
فلماذا حطّ عليّ الاسمُ والمُسمّى وهرسُ الذاكرة؟
حدّثني عن خبرة السجن وعادات الكتابة،
وأطلعني على صورتكَ في عام المظَاهرات.
مضى الباصُ قبل أن نوثّقَ بيننا سِجالَ الخصائص.
يروقني أن ألمحَ بعضَ علائم الشّر
تحت حاجبيكَ الغليظين.
ليست الملائكةُ من ضيوفي،
ولكنني حين طلبتُكَ في هاتفِ الماليّة
لم أكن أريد سوى أن أسمع:
آلو،
- أيوه،
مين؟
البنت التي لم تود أن ينطلي اسمها على جسمها
أراحت رأسها على الزجاج وأسلمت روحها للدوران
كان تعثر الحروف قد أتى على الشخص
رفعت رأسها ببطء
وحاولت ألا يضيع صوتها في ضجة الجارين
أنت حيّ
عندما مسك السؤال
"لماذا يذهب المحبون"
أدركت أن على البوابة عبدين
الليل
وعنتر بن شداد
فجعلت أصابعي في مستوى الذكريات
وسمعتك تغمغمين:
نعم يا عمّ.
"مقبولةٌ"
حكاية عن شوق الناس للحظة الأولى
كان ضابطا لكنه يشبه المرسلين
وهبته نجمة عكس نجمة المعسكر
"مقبولةٌ"
حكاية عن الأواني المستطرقات
ثم دونت في دفترها
أنت تعرف ما الأذى.
هذه هي الشقيقة التي ما رأيتُ
- لماذا أتاكَ الشعرُ فصرفته؟
- لأنكِ تكرهين المُلهِمات.
ليلةَ ابتدت بيننا حاجة إلى أن نكون في حاجةٍ
صار أبي صديقي
واكتشفت أباجورة الظل
لم أحتمل غيبوبة الشريان
فكيف نفسر هذا التشابه بين أبيكَ وأبي؟
بالأمس
غادر الفراش غير متكيء على عاجِه
خيبةُ الرجاء في البكري نفسها
أرجعتُ إليه الوصيّة
لأنني سأجعله فَرِحًا في آخر الصيفِ.
- ألم تحكيها لمدرسة الفرنسية؟
- لم أحكها لمدرسة الفرنسية،
- ولا لرفيقتك التي صاحبتك في لقاء الزعيم؟
- ولا لرفيقتي التي
- إذن:
يمكن للقسوة أن تنسى.
وضعت نظارتي على عينيها:
كانت تزيح خصلة وهمية
عن جبين وهميّ
وتضغط على المخارج بزيادةٍ
كانت نظارتها مجلوّة
وضعتها على عينيّ
كنت أمسح عرقا وهميا
وأزر عيني في ازدراءٍ وهميّ.
النظارتان على المفرش
تماستا عظما بعظم
فظللنا نرقبهما صامتين
بعيوننا الخالية من النظارات
عيوننا التي هي 6 على 18
هكذا:
أربعة أشعة
مصوبات
إلى نقطة
واحدة.
هذه أمي على باب وسط الدار
دلالُها بادٍ في حسرها غطاء الرأس
ومدنيتها في الابتسامة
لكن نصفها الأسفل
-من الضلوع حتى البانتوفل-
متآكل
يلزمني أن أراها واقفة
لأنني عدت من دفنها
قبل أن يتاح لي أن أفرد أصابعها.
- كيف عرفت أنني أود أن أسافر معك؟
- حينما سألتني:
- لماذا اشتركت في حصاري؟
- وفي الصباح قلت:
- "نمت عميقاً لأنني جاموسة".
-
أأعدت شايا لضابط الإحضار
ولامت الأخت لأنها طبخت لأولادها أكل الأعياد
لهذا ظل الورم حول عينيها
إلى أن عدت من قلعة صلاح الدين.
مثل كل يوم رجعت بدون قلم الرصاص
لكنها في ذلك المساء فقدت براحها
وحينما أشرت لها على ابن جارتنا
هرسته بجبروت لم نعهده في يديها
يخيل لي أنني جرحت الطالبة أنت تمقتُ السلطة
لكنك في لحظة السرقات كنت سلطويا ، حينما قلت
للفتاة في حيرتها : ليس لدي وقت لتصحيح أخطائك
الفنية. ومع ذلك هزمتك الطفلة عندما قالت لكِ في
المطابع: خذ هيئة فرحان. يُخيل لي أنها سترتاح إلى
اقتراحي بأن نشتري كمية كبيرة من البالونات.
أن تلقط المعنى الذي يحتويه كي امرأة ملابسها التي
لم تكوها بنفسها منذ عام ونصف
أن ترى فيّ الذي فيّ
ألم تقل للمريدين في الحضره:
اكسروا النموذجَ؟
يا شقيقي: أمامنا عمل كثير
وعقد لا بد من فكها بشويش.
لماذا اعتقدت طول الوقت
أنك تضع حول رقبتك سلسلة؟
عندي ثلاث إجابات:
الأولى: لأنك رقيع
الثانية: لأنك تبدو مثل أبناء الذوات
الثالثة: لأنك مسوق رغم لغوك عن الأحرار.
دعنا من السلاسل الليلة وانتبه:
عينا أخي سوداوان
فأرجوك لا تكن مهيمنا هكذا.
سأفرق شعري كنجوم الشباك
وآتي على شاكلة الأخيار
ليس لي غرض سوى عريضة الجبين
لا مفر من أن نحسّن الكمان
لأننا عابرون في الردهة
سأفرق شعري
من غير أن أفعل الشيء الذي يوجع القلب
هل ترين هذا الشاهق الجميل:
لقد أخذت أمي إليه
قبل أن تذهب إلى الكناريا.
أنا لا أجيد الصفير بشفتيّ
وأنت لا تجيدين
إذن: هيا نحاول أن ننفخ مطلعا ممكنا
مثلا: هذا الولد حلو.
بهذا التحريك الخفيف للهواء
لن أنسى الرائحة.
هذه هي البالونة التي قصدناها. هل تراها محاذية
للبرج تعبر سماء اللاعبين ثم تحفّ بمجلس الثورة؟
هي على القلع أخضريكا. وأنا أعود إلى طب الأمهات:
أنقّر العروسَ بالإبرة.
ربما استعملته حينما تنازلت لأبي عن الفدان الذي
نابها من أبيها ، وربما استعملته حينما وافقت على أن
يكون للذكور الجانب الإفرنجي من الدوار ، وربما
استعملته وهي تستلم معاش السادات ، لكن الأكيد أن
يدا بعد يدها لم تلمسه إلا يداك ، وأنك ستلفينه في
قماشة نظيفة ، وسوف تحفظينه تحت شعر السر ، وكلما
التقينا في الظهيرة اطمأننت إلى أن عينيك تصونان
ختم: زاهية السيد نصار.
ستذهب الآن لتكتبَ:
"فتشت في حقيبة اليد عن قداحةٍ"،
وحينما أصرّح : شدّنا التضام،
ستذهب لتكتبَ:
"قالت: دارِني واكتشف مكاني"،
وليس مستبعداً أن تُنهي القصيدةَ هكذا:
"تشرب من فنجانك
واشرب من عينيك"،
أو هكذا:
"لستُ بريئةً ولا ماريونيت".
ولهذا: لن أفتح فمي
ولكنك أيضا ستذهب لتكتبَ:
"لم تفتح فمها
لأن قلبها مفتوح".
بيننا مناطق مظلمة كثيرة
لكن بيننا نقطة واحدة منيرة،
تكفينا هذه النقطةُ الواحدة.
هيا نغيرْ المكان.
(مايو ، يونيو، يوليو 1994)