دُجى سيد سعيد وغسقُه
قال لي: أنا لا أقرأُ،
إنما أُقرأُ.
قال هامساً في دجاي:
شدَّني إلي البساتين في دياجيري،
وينبوعةٌ ترتدُ في اندهاشتي وصورتي،
إلي الخفاء
* * *
يكتبُ عندي:
أفتحُ الكتابَ - إذ أفتحُ الكتابَ - كي يعرفَ انتمائي
أُري نفسي لنفسي.
في حين سرَّ لي: وجهُها حزين.
أقول: أتلفَ الفؤادَ فيك شوّافونَ
أتلفَ الفؤادَ فيك العاشقونَ والشهداء
قال: فلتصغوا إلي ما أُصغي إليه في البيداء
إذا ما أتي لخيمتي قائلٌ يقول:
«اقتلوني يا ثقاتي
إن في قتلي حياتي»
فأصغينا إلي القتيل الجميل.
(2)
أ- أناملُ المساء لامستْ جدائلَ الخضراء.
ب- بَدَني يهاجمني في طريق ترابي ظليل
جـ- جبلٌ أمامَ حدقتي:
جريمةٌ تُري في مدي الكهرباء.
أم جسرٌ إلي الجنون الجليل؟
* * *
قال: واسعةٌ حقولُ الجهالة الورقاء
ضيقٌ هو الفسيح
(كان يجري حافياً،
كان مُمسكاً مشهداً حامضاً في يدين
ملسوعتين،
يشدُّ باكياً نجمه المضئَ،
يخلعُ ثوبه البليل في الكادر الباهتِ
( وقيل: كان غافياً
علي شرفةٍ وراءها خلاء)
* * *
أسرَّ للتي وجُهها حزين:
أنا الذي صحتُ: يا ضوءُ ِيا مضَّببُ انطفئْ،
كي أغني علي الجسور ما ادخرتُ من فرحي.
فانطفأ
حينما ابتدرتُ ذلك الطحلب الجميل غنوتي
وظل في جلبابي
يعضُّ أعضائي رقيقا.
* * *
تري هل أبتني بيتاً علي ناري؟
أم أبتني علي الوردةِ البيوت؟
* * *
قالت التي وجهُها حزين:
أكونُ في عريي وراءَ اللحن منتظره
أكونُ في الشجره.
* * *
(3)
كانت الخضراءُ تقرأ النوتةَ القديمة
وترتد جهة البرتقالِ حينما تبوح:
دو - دورٌ حزينةٌ مغطاةٌ بدّم العازقين
ري- ريحٌ، وأوطانٌ تدحرجتْ تجاه جرحها العميق
مي- ميقاتٌ، ومولدٌ، وموكبٌ مغايرٌ يجئ.
* * *
قالت الخضراء
نشتري عشباً لكوخنا، ونافذة.
وراحت في غناء - صولو:
ويحي علي قلبي
في عتمةِ الدربِ
دربُ المآسي طال
ليت الرَجَا ينطال
دمعُ المآقي ساح
والليلُ لا ينزاح
أشعلْ دجى قلبي
في عتمةِ الدربِ
فاشترينا حائطا وملاءةً وأرضاً وأسماء،
ورحنا إلي الذي رأي البستانَ، قال:
كونوا علي البحر حينما يكونْ
وافرحوا بالظنونْ
* * *
جاء صوتٌ صارخاً في الفضاء:
أيها الشوقُ الحبيسُ للجنائنْ
مبقورةٌ بطونُ هذه المدائن
(وكان صوتي)
(4)
أخذَتني إلي ساقيها المهندستين
صاحت: تكونُ في انفراجةِ الاسطوانةِ الجارحه
بينما المغني يطوف في تكوُّمي الضئيل:
قلبي يحدثني بأنكَ متلفي.
نامت علي التراب العليم
وكان نائماً يخبُّ في البحيرة العليمه.
* * *
هي الخضراءُ تبكي وتفتحُ القميصَ لي:
دلَّني علي الحقلِ الذي فيه أشجاري.
دللتُ خضرائي إلي أشجارها،
بادئاً رحيلي إلي وطنٍ تدحرجَ في اتجاه
جرحهِ العميق،
وخارجاً إلي البكاء.
وكان الصوت غارقاً في:
أتفرُّ من كَبدِي
يا طالعاً كبدي
أتموتُ في كبدي
يا مُحيياً كبدي
أتشقُّ لي كبدي
يا مُرتقاً كبدي؟
مثواكَ في كبدي
مثواكَ في كبدي
* * *
ما فررتُ في كبدِ الغناء
فكنا ممدّدينِ في اسطوانةٍ غريقةٍ جارحه
اسمها:
قريحةٌ
قارحهْ.
وما فررتُ.
نوفمبر 1977
- سيد سعيد مخرج سينمائي وقصاص
- اقتلوني يا ثقاتي : للحلاج
- قلبي يحدثني بأنك متلفي: لابن الفارض.