من خطايا التائهين
من هؤلاء دوَّخوا الترابا = وأشبعوا وجه الثرى عذابا
في كل يومٍ يطرقون بابا = ويفجأون الزمن المنسابا
فيمسخون الخلد والشبابا = ويشكلون سحرهُ الوثابا
سيَّان إن هُمْ نادموا الأترابا = أو عاشروا الوحوش والذئابا
سيَّان يلقون المنى قبابا = أو يرضعون حظها يبابا
صار الوجود حولهم سرابا = وسحرهُ أضحى لهم عذابا
ونارهُ صُبَّت لهم شرابا = فأينما حلَّوا رأوا خرابا
وصادفوا الهموم والأوصابا = والغمَّةَ الهوجاءَ والضبابا
ونقمةً لا تعرف المتابا = ولا تذوق الندم الصخابا
وأينما طافوا رأوْا حجابا = وظلمةً لا ترفع النقابا
سدَّت عليهم سدلها المُرتابا = وضيعت في قلبها المآبا
سبحان من فرَّقهم شعابا = وقدَّر التيهَ لهم عقابا
* * *
وياٌ لهم قد عبدوا الترابا = وألَّهوا من الحصى أربابا
وقدَّسوا من زيفه كتابا = وبعثروا صلاتهم أسرابا
في كل أرضٍ تنشد المحرابا = وترصد الدينار أين غابا
ولو طوت لمعته الشهابا = ودفنت في برقها السحابا
الإثم من أجسادهم تحابى = وقبَّل الأبواب والأعتابا
وشقَّ عن مزاره الأثوابا = ومسَّهُ تيهُ الهوى فذابا
* * *
مدَّت فلسطين لهم رحابا = وأفسحت لضيفهم جنابا
فأترعوا السم لها والصَّابا = وحيَّروا في أمرهم الألبابا
أمضت إليهم سيفها الغلاّبا = فساقهم في نارها أحطابا
سيصبح التيه لهم ركابا = ويتركون الله والأعرابا
1949
شعر: محمود حسن اسماعيل