وقالت حبة الرمل
(من وحي رمال سيناء وقد عبرها الشاعر يوم 22 مايو 1967 وهي تتوهج بنار البطولة والنضال تأهبًا للثأر)
وقالت حبَّةٌ للرمل مر بها كليم اللهْ = على شفتيَّ سرُّ اللعنة الكبرى لشعبٍ تاهْ
وظلّ يدور لا تهديه خطوتُهُ = ولا تسقيه غير الذلِّ حيرتُهُ
ومازالت رياح التيهِ في الدنيا تُشتِّتُهُ = وكل مقابر الأشباح والأرواح تمقتُهُ
تطاردهُ بكل مكانْ = وتلعنهُ بكل لسانْ
ولا تبقي له دربًا إلى إنسانْ = يصافح منه غيرَ فحيح خائنةٍ
تدس السمَّ ثم تنوح شاكيةً له بلواهْ
* * *
سأحكيه لمن وجميع ما في الكون يعرفه ويدريهِ = ومازالت شفاهُ الشمس باللعنات فوق الطور ترويهِ
ومازالت رمال التيه حولي للدجى والريح تحكيهِ = وتعرفهُ خطا الأبطال شبّت نارُها بالموت تُفنيهِ
وتُرجعهُ إلى التشريد في الآفاق والذل الذي يلقاهْ
* * *
سأحكيهِ لظلِّ التين في سيناءَ والزيتونْ = لينسَخَهُ لظىً للتائه المتبجحِ الملعونْ
فيحرقَ كل ما تركتْهُ من دنس خطا صهيونْ
على أرض تألَّق نورها الوهَّاجْ = وخصَّتها السماء بقبلة المعراجْ
وكان ترابها إصغاءة الومضِ = تفضُّ عبيره لسريرة الأرضِ
وكانت برزخ الدعوات والصلوات والرسلِ = فصيَّرها الأذلة مرتع الشُّذاذ والهملِ
وظنُّها لهم ولإفكهمْ وطنا = ستصبح في غدٍ لوجودهمْ كفنا
وأسمع في صدى الصحراء صيحةَ فارسٍ ينقضُّ كالقدرِ = تزمجر في سماء القدس هادرةً ليوم عاصف النُّذرِ
يؤدب عار خطوتهم ويقذفهم لذُلٍّ لا تقرُّ خطاهْ
ويرفع راية الأحرار فوق مسابح الشهبِ = تردُّ كرامة التاريخ والأيام والعربِ
شعر: محمود حسن اسماعيل