إجرِ يا نيلُ باكيا فعهلى أرْ = ضكَ تجري الحظوظ جورا وظلما
حُرمَ المالكُ الأصيلُ وعاف الضّـ = ـيْفُ ما يقتنيه أكلا وهضما
***
أيها الشاربون من كرم النّيْـ = ـل رويدا فالظامئون كثير
لكم القصر والبناء عليهم = وهدى العدلِ بينكم يستجير
***
وحدتي هجرةٌ إلى الفكر في الكوْ = ن وكوني في الناس هجرة فكري
ليت حبل الوجود يُقطع عنّي = ليمدَّ الفناءُ أسبابَ قبري
***
عبث الناس بالصداقة ألها = ني عن الفكر في حياة الصداقهْ
ليتهم قابلوا حناني بتحْـ = ـنا نٍ وخلّوا زور الثرى ونفاقهْ
***
أنا من عالم الأراجيف أقبلـ = ـتُ فمن أيّ عالمٍ أقبلتِ
آه لو كُنتِ غبر ما أنت في قلْـ = ـي ومنْ أنتَ يا تُرى من أنتِ
***
صرخة الشك في دمي أفزعتني = فأريني اليقينَ حتى أرَاكِ
أو فغيبي عني فما أنت إلا = ردةٌ في خواطر النساكِ
***
أنا قدّستُ في الغرام سناه = وخلقت النهار من إظلامهْ
ليتها حين قدّستْه ظلامًا = سجدتْ مرّةً على أقدامهْ
***
أيها القائلون بالنارِ والجنّـ = ـةِ والحشرِ في غدٍ والحسابِ
حسبكم أنكم تخافون أوها = مًا وحسبي بقيّةٌ من صوابِ
***
كدتُ أُفني روحي وعقلي وجسمي = باحثًا عن مظنةٍ من حقيقهْ
فإذا الكونُ من جمادٍ وحسٍّ = خادعٌ لا يُزيل عنه بَرِيقهْ
***
أيها النائمون في غمرة الليْـ = ـل أفيقوا على سنا إشراقي
أنا روحٌ مجنّح الروح لولا = سجن أرضي خلدت في الآفاقِ
***
أنْكروا الحبّ طائرا وأغاروا = بقناهم على معاقل حبّي
إنها في السماء يا قوم ديرٌ = ناسكوهُ ملائك الله ربّي
***
أيها الأغنياء هل حرّم الله = عليكم مآدب الفاقاتِ
أطعموا البائس الفقير فإن جعتُـ = ـم فعيشوا على صدى الذكرياتِ
***
حدّثُوني عن آدم يوم ضاعت = من يديه قلادةُ التخليدِ
ليتهم حدّثوا عن المُنعمِ الغا = صِبِ يجزي عتيقه بالقيودِ
***
عبد القبط في صليبهم المبْـ = ـدع ذكرى الشهيد في أورشليما
ربما كان في النصارى يهودٌ = يحسبون الشهيد موسى الكليما
***
يا إلهي المشاعَ في النور والأنْـ = ـسامِ والرّوض والجمال الحنونِ
أنا يا رب عابد لك حتى = في شكوكي عبادتي في يقيني
***
طاف بي طائفٌ من الوهمِ زيّا = فٌ فشبّ النيران في أصغريّا
وطوتني ذكراهُ فاحتبسَ الدمْـ = ـع وأصلي بناره مقلتيا
***
أيها الشك يا بن أيّام عمري = ولياليّ في الشقاءِ الطويلِ
أنت حبّبت لي المنية والقبْـ = ـر فأمست لقياهما تأميلي
***
خبّلتني وشاية الآثم الفذّ = وأفنت صفاء نفسي وعُمري
فَلْيَشِ العالمون أللهُ يدري = أنّني ما صنعتُ غير الخيرِ
***
بين جنبيّ طائرٌ في السماوا = ت ولكنّهُ كسير الجناحِ
كلمّا رفرف النّسيمُ عليه = ظنّ فيه تنهّدات الرّيَاحِ
***
يا صديقي أبا العلاءِ سلامًا = رطّب اللهُ نفحهُ بالودادِ
أنت أُنسِي في وحشتي ويقيني = في شكوكي ويقظتي في رُقادي
***
فلسفاتُ الأنغام أعمق غورا = في خيالي من فلسفات الأنيسِ
وهي خرساءُ ليس تنطق إلا = بلُغاتٍ من أرجلٍ ورؤوسِ
***
أيُّها السّامرُ الملّوحُ بالنّشْـ =ـوة من سكرهِ بخمر الأغاني
إبكِ مثلي على أغانٍ تلاشتْ = في حنايا الصدور و الأفنانِ
***
قال شيخٌ لزوجه ذات يوم = داعيًا ، صانك الإله القديرُ
فتوالى دعاؤها أن تراهُ = مثلما كان والشّبابُ نضيرُ
***
بينما كنت سائرًا في طريقي = إذ بشيخٍ قد حطّمته السنونُ
قلتُ يا شيخُ هل سئمت؟ فعيّتْ = شفتاهُ وجاوبتني العيونُ
***
قال لي ميتٌ يسير به النّا = سُ: أَرِحني من ضجّةِ الأحياءِ
قلتُ: هل أزعجتكَ نائحةُ القو = مِ وفي نوحها حياةُ الفناءِ
***
قلتُ يوما لشاعر أنت مثلي = قال في الحظّ ؟ قلتُ بلْ في الأماني
قال يا صاحبي معانيك مثلي = قلت لا قال فالْمُنَى كالمعاني
***
صمتُ يوما عن الطعام فما جُعْـ = ـتُ لأنّي أردتُ هذا الصياما
وأكلتُ الطعام يوما بلا شوْ= ق فما زلتُ لا أحبّ الطعاما
***
قال نثري يوما لشعري سلاما = يا أخي يا بن والدي ووليدي
فرددتُ السلام شعرًا فألْقى = فوق وجهي السلامَ كالمردودِ
***
قلت يوما لطائرٍ عبقريّ = هل تمنّيت مرّة أن تطيرا
فرأى في الجواب عبئا يسيرا = لم يكلّف جناحه تفكيرا
***
عجمتني الأيّام طفلا فما لِنْـ = ـت لأنّي ما كنت أدري الهموما
ثمّ شاءَ الزمانُ أن يتمنى = فتمنّى لِعودِيَ التّحطيما
***
بَرحتْ بي الآلامُ يوماً فأعولْـ = ـتُ كأن الآلام بنت الخلودِ
ليتني ما خُلِقتُ نفسي = خُلقت من حجارة أو حديدِ
***
بِتّ ليلي مُسهّدًا بعد أن أنْـ = بئتُ أنّي مسافرٌ في الصباحِ
أترانا نعصي لأنّا جَهِلنا = أنّ للموتِ مَوعدًا كالرّواحِ
***
حدثونا عن ابن آدم لمّا = قتلته الأحقادُ من هابيلا
ليتهم حدّثوا عن القاتل الأخْـ = ـرق يبكي شقيقه المقتولا
***
مكث الفيلسوفُ خمسين عاماً = باحثاً عن حقيقة لحياته
ورأى النّاسُ بحثه فرموهُ = بالجنون المشاعِ في خطراته
***
ما تكونين يا أماني شبابي؟ وأنا = من أكون بين صحابي
أنت ذاتي المجهولة الذات عنّي؟ = وأنا منك مثلُ لمْح السرابِ
***
كان عندي خدّامة كايدتني = ذات يوم فمزّقتها عصايا
ثم غمغمت أعذر الله لمّا = طرد الجدّ لارتكاب الخطايا
***
بين عيشي وبين موتي فُروقٌ = هي عندي يسيرةُ العرفانِ
غير أنّي أرى حياتيَ هانتْ = وهوانُ الحياة سرُّ هواني
***
وهب الله لابن آدم أرضاً = باركتها السماءُ بالأمطارِ
وأرى الأرضَ لم تكن غيرَ قبرٍ = جمّلته الأقدارُ بالأشجارِ
***
يا يدَ الله باركي في يد الفتـ = ـنةِ سهماً مجنّحاً دَمَويّا
لم يَدَع في جوانحي نبع حُزْنٍ = لم تفجّرهُ بالبكاءِ شجيّا
شعر: صالح الشرنوبي