التوحيدي
بيديّ وليس يديْ عمروٍ أحرقتُ الكتبَ،
أنا جَدُّ المنبوذينَ،
ولكنْ كلماتي لم تُصلِحْ شأنَ الوزراءِ ،
ولم تمنحني غيرَ الموجدةِ وذلَّ المسألةِ ،
برغم وجود السيد كامو بفراشي كلَّ غروبٍ ،
يقضمُ من خبزي ثم يصيح :
الحريّةُ لأهالي قسطنطينيةَّ .
ألمحُ بعضَ بذوري في صفحات الغثيان ،
وفى مصيدةِ الجسر الواصل بين الكاتبِ والسلطةِ ،
فلماذا ظفروا بالكعكة وتماثيلِ الشمعِ
ولم أظفر إلا بالنُكران ؟
سأمشى بين أجانب طولونَ وأعلنُ :
ثمَّ غريبٌ لم يتزحزحْ عن مسقطِ رأسه
فغريبُ الغرباءِ الرجلُ إ ذا صار غريباً في الوطنِ.
سأحرق كتبي لأسجِّلَ سابقة في الغمِّ،
وأمنح َ للأجيالِ الشّابةِ نبراساً في مدح العَدَم .
محاطٌ بالعمليّينَ:
فلستُ أرى العاشقَ إن سَكَتَ فحيرانَ،
وإن نطقَ فحزنانَ ،
ارتُجَّ علىَّ
ففتشتُ عن الناجين من المحرقة يشيلون ملامح وجهي،
لكنى لم ألقَ سوى لافتةٍ واحدةٍ:
يمتنع دخولُ الطَمَّاعينَ ،
محاطٌ بسلاطينَ ومخبوطيَن،
محاطٌ بأساطيلَ وحَشْدِ مساطيلَ ،
ورغم وجود السيد كامو بفراشي طولَ الليلِ ،
سأنهضُ من إغفاءةِ قومي ،
أحرقُ كتبي وأراقبُ سُرَّاقَ رمادِ الكتبِ ،
ليبنوا منه النظرياتِ المستحدثةَ،
ويضعوا منه الكحلَ الأسودَ،
بعيونِ شراميطِ الليلِ أمام كنيسة يوحنا ،
ويصوغوا نُصبَ الميدانِ،
المذهبُ كان يقرِّر : يلزمُ بعضُ القولِ ،
كما يلزمُ بعضُ الصمتِ.
الليلةَ صار المذهبُ: يلزم كلُّ الصمتِ،
ليعلو صوتُ حريقِ الورقِ المطبوع .