الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

عصفوران على الشرفة

 

 

رنَّ الهاتفُ في قبوِ ظنُوني

وارتعشتْ أجفانُ الصُّبحِ الفضِّيِّ

وتلاشتْ همهمةٌ للصوتِ

القادمِ من خلف حنيني

- عمُّكَ قالَ

أَعرفُكَ

نبضٌ دخلَ على غير استئذانِ

وتَمكّنَ من غدوي ورواحي.

 

يومٌ ثالثُ يَكتنفُ البدنَ

ويسجنُهُ

خلف تلالٍ من وخزاتِ الإبرِ

وطنينِ الأجهزةِ الطّبيةِ

بالمشفى

روحٌ لمْ تعرف يومًا معنًى

لجمودِ الحدقِ في المحجرِ

لم تهبطْ يومًا فوق الأرضِ

عاشت بين حدائقِ شعرِ المنفى في الوطنِ

وغريبٌ حطَّ رحالَ الرِّحلةِ

بين الأوديةِ المقفرةِ والأوديةِ العمرانةِ بالشُّهُبِ

ما هدأت

يومًا خلف ستائرِ أزماتِ البدنِ.

 

-إِنِّي مكتئبٌ قالَ

لَو أنَّ الرِّيحَ بسطت للعربةِ كَفَّيها

كُنتُ أنا الأسبق

لو أنَّ الشَّمسَ تَدلَّتْ لي

كُنتُ أنا الأسبق

وحين تدقُّ السَّاعةُ بالمشفى

ثلاث دقَّاتٍ

يسكنُ ظلِّي في عينيكَ

بالشُّرفةِ تلقاني

كُنَّا كعصفورينِ في صندوقٍ طبّيٍّ

- قُلتَ:

(ما بالُ النِّيلِ لم يُعطِ أُبَّهةً للعينِ

ولماذا يختبأُ

خلف حماماتٍ بيضاءٍ من عسكرْ

كانَ يُواتيني عند نهوضِ الكاتبِ

من جلْستهِ

كي يرسمني فوق حوائطِ أَحْزَاني

صُبحًا من بهجةِ حلمي

ويُسلمني لشواطيءِ عينيها).

 

لست كشُعراءِ الجيلِ

وليس عليك أنْ تكتبَ

"صافيةً أراكِ

كأنَّكِ كَبُرتِ خارج الزمنْ"

حدُّ البلاغةِ من هنا قد بدأْ

حين كانَ العربيُّ

يكتبُ فوق الصَّهوةِ

أحصنةً لميلادِ النُّخبةِ

في عيدِ الميلادِ

ويَشقُّ لمعشوقتهِ دربًا

تحرسُهُ نجومُ الرَّغبةِ والرَّهبةِ

والأرضُ البكرُ

حدُّ بلاغتكَ ابْتدأ

من عشبِ المشفى

وتخطّى النَّخلاتِ نحو الأسفلتِ.

 

- أبغي كوبًا من شايٍ قلتَ

تلكَ الأمكنةُ تَضيقُ

والغرفةُ ما عادت تَحتَملُ مريضينِ

أحدهما شارتُهُ السيْفانِ

والآخرُ شارتهُ صقرُ قريش

وجائزةٌ قد حجبوها خلف الأسوارِ

ليعلمَ كلُّ خلائقِ ربِّي

أنَّ العذر أقبح من ذنبِ

ورجالٌ كلَّفهمْ ربِّي

قد حقُّوا الحقَّ في الملكوتِ

أشهدُ ياربِّي أنِّي نظرتُهُ خلف إمامي يصلِّي.

 

- الشَّايُ تأَخَّرْ!

وفتاةٌ في الزيِّ الأبيضِ تُعطيني

حبَّاتٍ بيضاء طعمِ العلقمْ.

 

ستمرُ سحبٌ فوق البلدِ

وتأتي أعاصيرٌ وستمضي

وبلابلُ جنَّتِنا ستُغنِّي

والعشقُ المكنونُ في جلبابِ الجدِّ

سيشرحُ للشُّعراءِ مكمنَ فرح الأُنثى

وغايتها الكبرى

وكيف اللَّحظةُ تمضي بين الكفِّ

والكفِّ على عاشقينِ

وشرابُ التوتِ

سينزفُ فرحًا فوق لوزاتِ القطنِ

وسنمشي تحملكَ عيوني

ويرفرفُ فوقكَ قلبي.

 

-حين يُعاودكَ الشِّعرُ

هل تكتب عنِّي؟.

 

ولأنِّي فيكَ

ولأنَّكَ فيَّ

ولأنَّكَ كُنتَ تقولُ ماقد كان عليَّ

ولأنِّي حين يعاودني حنيني للشِّعرِ

وجنون اللُّغةِ

أجري إليكَ

وأفُك رموزَ الشَّفرةِ

يربطُنا وريدٌ من حيث لا ندري

أفقهُ كُلَّ الأبعادِ

في الرَّمزِ

في فنِّ المعمارِ

وأَعجبُ من قولِ امرأةٍ

قد عشقتكَ

أنَّ الشِّعرَ يسكنُهُ

كهفٌ غامضُ التَّرتيلِ

وإنْ عشقَ

والنَّثرُ طريقٌ مفتوحٌ للوردةِ والشَّوكِ

وعُيونٌ بوَّاباتٌ

إمَّا لصعودِ التَّلِ

أَو لنزولٍ في قاعِ البئرِ

وموسيقى تترعُ ، تتراقصُ

فوق حروفٍ أبسطُ من وسطِ الدارِ

والختمِ المختبأ تحت وسادتكَ.

 

- فأَجبتَ: "سيكون الموتُ ربيبي وربابي".

 

مَنْ أكمل تأليفَ الكتب

وقصَّ حكايات كل نساء الوطنِ

حتمًا يرحلْ.

 

وأشرتَ عليَّ: سورُ الشُّرفةِ مُتكاٌ

وغروبُ الشمسِ حميمٌ في طلعتكَ

وعذاباتُ الصورة كانتْ

تبتدأُ من بسمتكَ.

 

- فلترحلْ قُلتَ

ولْتترك بابكَ مفتوحًا

لخروجِ النَّبةِ من تحت الإبطِ

ولتذكرْ في صفاءِ الدربِ

نحو البحرِ آياتي الكبرى

وترانيمي

فالسَّاعةُ إذْ تمضي نحو غروبِ الوطنِ

تلزمني "موطن إِسراري"

أوْ موجة إصراري.

 

- قُلتَ: "سيكون الموت ربيبي وربابي".

 

فتأَوَّهَ عودي

وترنَّمتُ

"تذكُرُكَ بناتُ الدّلتا

المريماتُ

وقصيدي".

 

د. السيد عبد الله سالم

المنوفية – مصر

23 يناير 2013

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 151 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

111,856