هجرة وميثاق
(إلى شمس اليوم الأول من العام الهجري الجديد)
(كانت إحدى القصائد التي ألقيت في احتفالات معهد طنطا بالعام الهجري).
أبنجواي من رقيق النشيد = ما أُغنّيه أم أحطّم عودي
أم أطيل السجود في معبد الليـ = ـلِ وحيداً فتشرقي من جديدِ
إيه يا ليل هل تنازلت عن عر = شك حتى ترقاه شمس الوجودِ
كبدي في دجاك كالأمل الخا = ئب والحرّ موثقا في القيود
لم أذق فيك غير سهد الثكالى = وأنين المعذب المفئودِ
* * * = * * *
أشرقي يا ذُكاء إنّ خيالي = كصدى الصوتِ في الفيافي البيدِ
رنّقت صفويَ الدنايا فجلِّي = صدأ الخوف من لقاءِ المجيدِ
يا بديع الجمال أطلق من القيـ = ـدِ ذُكاءً إلى الشقيّ الطريدِ
إن في نورها هداية حيرا = ن وبشرى الدنيا بعام جديدِ
* * * = * * *
أمل مشرق كضوء محيّا = ه وسحرٌ كَدُرِّهِ المنضودِ
وشعاع يرنو إلى عاشق النو = رِ بشيرا لقلبهِ المعمودِ
وصلاة الندى على الزهر كالقبـ = ـلةِ ترجو بقاءها في الخدودِ
ورضيع الكرى يُفيقُ من النشـ = ـوةِ والطير ساكر بالنشيدِ
وحبيبان يحدوان المطايا = مسئدات ما دام جرس القصيدِ
سّجّدا للذي له الخلق والأمــ = ـر سجود العبيد للمعبودَِ
ومَهاةٌ كبسمة الصبحِ لم تحفِلْ = بسوءٍ يصيبها من كَنُودِ
حملت رأسُها الطعامَ لجسمينِ = نحيليْ تذكر وهجودِ
لم تخف صولة الطغاة ولم = تجفل من الجمع صائحًا كالرعودِ
هي أنثى لكن لها عزم جبّا = رٍ وقلب كالصخرة الصيخودِ
فإذا مسّه الحنين إلى اللـــ = ـه تَغنّى بمِزهريْ داودِ
فخر حوّاءَ لم تزيّف جمالاً = بطلاءٍ فجوزيت بالخلودِ
همّها البيت والتقي ورضا البعلِ = وغوث الجرحى ودفن الشهيدِ
لا التغنّي بعاشقِ ينقض العهـ = ـدَ ويودي بمجدها المنشودِ
قبّلي يا ذُكاءُ أرضًا مشت = أسماءُ فيها وأقرئيها قصيدي
وأزيحي عن شرفة الغيب سجْفًا = أنظر الغار في مراقي السُّعودِ
فيه ملك ورائد طاهر ورائد طاهر القلب = وفيٌّ لا كالعدوِّ اللدودِ
أخلص الحبَّ للنّبيّ فمادا = هنَ أو حاك فريةً لحسودِ
لدَغَت رجله فَلَمْ يشْكُ وهنًا = فعليها ينام قلبُ الوجودِ
لم يكن كالصديق يغدر إن = أهلك جدبي أزاهري ووُرودي
أرخص الروح في الدفاع عن = الدّين بعزمٍ يفلُّ غُفْل الحديدِ
لم تغَرّر به الحياة ولم يعبأْ = بسيْف يرديه أو تهديدِ
لا يلبّي الأصنام حين تناديـ = ـه ولَبّى محمدا حين نُودي
ما أعزّ الهَوى طهورا عفيفا = و أذلَّ الهوى هوى العربيدِ
* * * = * * *
أيها الغار أنت أجدر بالغَارِ = نديًّا من فاتحين وَصِيدِ
فيك قلبان ضارعان إلى الله = بعيدان عن ضلال الجدودِ
فارقا الأهلَ والفراق عذابٌ = لينالا محبة الموجودِ
نَسَجَ العنكبوت أحلامه البيـ = ـض على جفنك الخليِّ السعيدِ
وهنت من صبابة فتفرّت = أم وهَت من ترنُّح الغِرِّيدِ
كشغافِ القلوبِ مزّقها الوجد = كجسم المضنى كثوب الشريدِ
سجدت فوقها الحمائم شكرا = وأضاعت حرص الأجير العنيدِ
* * * = * * *
يا بنات الهديل رتّلن ذكرا = ه عبيرا يزري بنشر العودِ
وأرِقْنَ الدموع من خشبة اللـ = ـه وزوّدننا بنصح سديدِ
قلن إن الذي يباركه اللـ = ـه قويٌّ معزّزٌ بالجنودِ
قلن إن الهدى هدى الله وانـ = ـن زمانًا مضيعًا في الجحودِ
قلن إن النبيّ جاهد في = الله جهاد المغلّب الصّنديدِ
لم يجاهد ليكنز المال أو = يبنيَ مجدًا على رقاب العبيدِ
قلن إن الذي له اهتزّت الأ = ض خشوعًا يرضى بأكل القديدِ
لم يبت ليلةً وفي الدار خبزٌ = من شعير أو لقمة من ثريد
كان يطوِي غطاءَه وأقلُّ النّا = س قدرًا مُنّعمٌ في البرودِ
يخصف النّعلَ باليمين التي تُفْـ = ـدي بروحي وطارفي وتليدي
لم ينم ليله وقد غفر الله له = بل أحياه بالتحميدِ
عجمت عوده الليالي فما لا = ن ولا خاف من أذًى أو وعيدِ
حارب الكفر والضلالة فانقا = د له كل عاقل ورشيدِ
عبدوا الله مخلصين له الديـ = ـن ففازت بهم جنان الخلودِ
لم تفرّقهم المطامع في الدنـ = ـيا فكانوا كحزمة من عضيدِ
ينفد المال والمكارم لا تنـ = ـفد والمجد للشجاع الصّمودِ
* * * = * * *
أشرقي يا ذكاءُ إن بقلبي = جمرةً ما لنارها من خمودِ
شنّها لاعجُ الحنين إلى مجـ = ـد قديم مضيّعٍ مفقودِ
حصدته مناجل الغرب والنّا = سُ سكارى بخمرة التقليدِ
لم يبالوا بالدين بل حفروا قبـ = ـرًا عميقا لغصنه الأُملودِ
فرّقت بينهم مطامع جوفا = ءُ فباءُوا بذلةٍ وركودِ
ذكّريهم يا شمس بالحسب الغا = لي وضِجِّي ببعثه و أعيدي
علِّميهم أن الحياة بدون السّلـ = ـم نارٌ مشبوبة في حصيدِ
ثم غيبي عنهم إلى يوم ألقا = ك فأحيي مواثقي وعهودي
* * * = * * *
يا ذُكاءَ العام الجديد السعيدِ = غِبْتِ عنّي فغاب عنّي وجودي
شعر: صالح الشرنوبي