الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

أشعار الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

حديث سليمان

 

سيكون الموت ربيبي وربابي

هذا الرمل يخمن لي مغزى أوردتي

ويعين للقلب مجال الخفق

ويربط علاّت الدم بأسبابي

 

يتبدّى فوق الربوة جسدي المكتوم

أنا الجنديّ المكظوم

المتلظى بتواريخي المتماثلة:

التاريخ المهزوم يليه التاريخ المهزوم

المخطوف بندهة ندّاهٍ كمن لعمري ما بين السترة والرئتين

 

الناده يهمس لي

الغسق اقترحك للرقص الخالص في الزمن العكسي

ارقص حتى تكمل آيتك الناقصة

فأرقص رقصتي الخالصة

أغوص وحيدا في طينة أهلي

حتى استخرج منها اللؤلؤة الغائصةَ

فيهجس لي الرمل المتوجس

يقترب عليك الدهر المصريّ

وبعد رحقيقين ستعتنق السنبلة القانصةَ

الجسد المندوه يتمتم في:

اخلص ، واقنص ، وارقص ، غصْ

أرقص رقصتي الفاحصةَ

أنا الجندي الراقص بلباس الحرب

وسنواتي شاخصة في الكفين

وغامضة بشبابي.

 

سيكون الموت ربيبي وربابي

قال النداهُ: سليمان

أجبت: ألا للناده صحوي وغيابي

فتساءل: كيف توصّف حالتك الحربية؟

قلت: أنا المخدوع الظمانُ

فصاح: سليمان

فكيف تحدد موقعك الراهن بين الأجنادِ؟

أنا أول من سيكونون وآخر من كانوا

وثرى الأرض: الإيمانُ

 

اقترب قليلا صاح: سليمان

بماذا تعرف صوتك بين الأفئدة المجروحة؟

قلتُ: هو الصوتُ الهيمانُ

فسأل: وما الأغنية سليمانُ؟

فغنيت لنفسي:

"في الأفق عصافير معادية

في الأفق طيور سودٌ

في الأفق دمٌ ورعودٌ"

صاح: فكيف نذيع الوردةَ؟

قلت: الوردة ينشرها الكتمانُ.

سليمانُ:

فما سعة البارودة؟

يدخل منها الشعب الآتي بذهابي.

 

واسعة هذي الصحراء

وضيقةُ كوات الكون على زندي

تختلط الحلكة بفتاها

فيواعد ماسورته بالمنديل الأبيض

ينكش رقم التتك على منحدر الربوة

يقرأ في دستور الجرح المفتوح سطوراً:

 

هي ملكي وصباي وأعشابي

لا يدخلها غير اتلخلصاء

ولا يطأ الكثبان سوى العشاق المنذورين.

هي المدية في الوجع الحي

وصدع البيت الريفي

فليس يتاخمها إلا من كشف الصدر عن الوشم:

اللوتس ، وسياط الجلادين.

 

الحلكةُ شعّت بفتاهاتدعوه أن يرقص ويغوص إلى اللؤلؤة الفردةِ

ويشبه نوبته بالوردة،

 

ينخرط الجندي على الإيقاع المخبوء

أنا سأسمي العابر سيرةَ أجيالي

وأسمي السفح شجوني

مرات كنت قتيلا

لكني في ملكي وصباي وأعشابي

سأخالف في الغسق تراثي وفنوني

وأقيم الوردة في الزمن الفاصل بين حميمي وغريمي

لأواصل وشوشتي لزنادي:

كن لي حداً بين السلم وبين التسليم

وكن لي قنديلا بين العتمة والتعتيم

احفظ لي الفارق بين بلادي وبلادي

سأسميك القابلة المقبلة على أرحامي

وأسمي الوطن جنوني.

 

صاح النداه: سليمان

أجبت: أنا الشرقاوي على سبابته ترتهن الأزمانُ

تساءل: كيف تشخص في الصحراء التكليف؟

أجبت: بناء سياجٍ للسنبلةِ

اقترب قليلاً سأل:

وهل في الصحراء السنبلة؟

أجبت: بقلبي

صاح: وما عمل السنبلة على الكثبان؟

صيانة داري من عاري

سأل: فما الدار وما العار؟

الدار دمي والعار عدوي.

قال: فما صلتك بفضاء المنطقة، سليمانُ؟

فقلت: أنا النورس والسمانُ

سليمانُ

ومن أعداء سمائك وسمائي؟قلت: الشاري والبائع

غاصب نافذتي والراكعُ

خاطف فرحي: المتبوع وخاطف فرحي التابع

شاهد اوجاعي: الساكت والنّدمانُ

سليمانُ:

فما جذرك في الأرضِ؟

هو الجميز يخصبه الطينُ

وما عمرك؟

سنوات الواحات وحطّينُ

وما بلدك؟

أعرفها بالحد وحد البلد فلسطينُ.

 

النادهُ صار على رمش العينين،

وصاح: فمن أنت سليمان؟

أنا في صدر بنات الدلتا الرمانُ

فكيف تميز بين حميمي وغريمي؟

قلت: حميمي يدخلني من ضلعي بفراشته،

وغريمي يثقب كفّيّ وأبوابي

يسلب مني زينة عمري

ويزين لي أحلام خرابي

همس: فكيف تصنف طلقتك السيارةَ؟

كفارة كل المقهورينَ

وكيف تغني الأغنيةَ المختارةَ؟

فترنمت لأهلي:

سيكون الموت ربيبي وربابي.

 

ديسمبر / يناير 1986

saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2013 بواسطة saydsalem

الطبيب الشاعر/ السيد عبد الله سالم

saydsalem
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

131,735