خلود الحسن
سقى ربعك المأنوس فيض الغمائم = وجادته أفواه الغيوث السواجمِ
فكم ليَ فيه من غرام وصبوة = نقضت فمالي غير زفرة نادمِ
أبثك ما ألقاه من ألم الجوى = ومن لوعة بين اللهى والحيازمِ
ومن جذوة لليأس أية جذوة = تدب بأحشائي دبيب الأراقمِ
أضيئي لنا وجه الحياة وجددي = زمانا مضى كالحلم في عين حالمِ
إذا الهم أبدى صفحتيه اطّرحتِهِ = وأبْتِ إلى عهد الهوى المتقادمِ
فأخلس من ذكراه ما النفس تشتهي = على مضض من كل لائح ولائمِ
مقيلي من عصف الرياح السمائم = وهَدْيي في داج من العيش فاحمِ
فيا لك من أمن وليد المظالم = ويا لك من صفو نتاج العلاقمِ
أضيئي لنا وجه الحياة فإنها = معودة ألا تضيء معالمي
نتوق إلى الغيب الخفي فلا نرى = سوى وجه مُغْبَرِّ الأسرّة ساهمِ
كأني ضرير يعشق الكون سمعه = ويرمق ما يخفى بألحاظ واهمِ
أضيئي لنا وجه الحياة وأشرقي = شروق الأماني في الصدور القواتمِ
فلا الشمس تهديني و لا أنجم الدجى = إذا غاب عني ضوء تلك المباسمِ
لَفِيكِ حياة النفس فهي خميلة = فلا تبخلي بالعارض المتراكمِ
فكم نفس إن جادها القطر أمرعت = وبعض نفوس الناس مثل المخارمِ
فلا تمنحي لألاء ضوئك أخرقا = فكم غاض قَطْرٌ في الرمال الصرائمِ
أضيئي لنا وجه الحياة و أجزلي = عطاياك فالأيام في كف عارمِ
فليتك روض مونق كلما ذوى = تجدَّد فيه النَوْر زاهي الكمائمِ
ويا ليت شمس الحسن كالشمس لا تني = إذا غربت أن تستبين لشائمِ
ولكن إذا ما بزك الحسن ثوبه = وأصبح للأيام إحدى المغانمِ
سيخلد في شعري جمالك آمنا = خلود الرسوم في صحائف راسمِ
شعر: عبد الحميد السنوسي