أبثّ إليك خالقي
نجواي والتّرانيم
رمتني الأقدار في زمن
لم أكن أفقه شيئا
صغيرا بائسا مسكين
تتقاذفني الأحلام
وتطعمني العيون
صنوف السّعادة
والمجاز مباركا ولعين
أرى نفسي بطلا خارقا
,ملكا ,
طائرا
’مسافرا
في الكون
مئات السنين
جنديّا فنّانا
شجرة خلد,
وعلا ,
بدرا
,شمسا
غولا أو تنّين
وكلّ صنوف العجز
أذعنت لإرادتي
في لحظة هيام
تسرح بي
تدمّر المحال
بالنّجاح تكلّلني
بقدرة مطلقة
لا ضعف
لا فشل
لا أنين
نشأت حالما
أجتاز أرضي بلا أجنحة
أبني آلاف القصور
بين نجوم السّماء
وأرصّع أسوارها
بالشّهب والأقمار
شمالا ويمين
وأعمر حدائقها فلاّ وريحانا
وردا وياسمين
بأشهى شهد أنهارها تسيل
من السّماء إلى الأرض
ينسلّ الضّياء جارفا
في كلّ فيء
يطارد الدّيجور
لا يستكين
وأغدق على الفقراء
من رزق حلال ثمين
وأشفي المرضى من كلّ سقام
بقطرة ماء من يد ي تهديني
إلى سرّ العلل في الجسم
سمين وبدين
والبحر إذا يمّمته اصطّفت
أمواجه خاضعة
وتعانقت مرحّبة
قروشه والدّلافين
تناثر درّه تحت أقدامي
موشّحا رمل الشّواطئ
ينبجس من أعطافه
ماءا زلالا يسقيني
سنين وسنين
وتلين الصّخور
لموطئ قدمي
وثير المكان تحميني
خوفا عليّ
من المجهول
من المردة
والشّياطين الملاعين
والجبال إذا راودتها
عن نفسها استسلمت
بلغت منها القلب
معقلا وعرين
في قممها عرشي
تاجها القمحيّ أنا
شاهد على تاريخها
المنحوت على صخرها
منذ انبلاج الزّمن الجنين
شعابها و وعرها وسفوحها
حضيضها ريحها
العرعر و الإكليل
تخضع لي كما سجد
الملائكة
لجدّي آدم بادئ التّكوين
أنا ابن آدم
هذه الأرض هديّتي
من منشئ الأكوان
وهذه الصّحراء عروس
تجلّت تستقبلني
بقبلة الفجر
الصّامت على الجبين
وسامق نخلها ينحني
ليبلغ أقدامي
ثمرة النّور تهبني
في غير شحّ ولا ضنين
توصيني بغزلان الفلاة
خيرا
و بحلمات الماء العذب
تحت الكثبان دفين
وريحها ورملها
طوع يدي
وحرّها وبردها
طلحها ورتمها وسدرها
ذئابها وضباعها والثّعابين
تلك جناني
حيث العدم فراديس
تلك جنّتي مشرّعة
أبوابها واو الزّمان
ملاذ الحيارى التّائهين
...................
أبثّ اليك خالقي
نجواي والتّرانيم
حطّمت الأقدار
حلمي اليافع
أبدلتني جنّة السّعادة
فيها لحظة عابرة
والشّقاء دهرا
والعزّ فيها ضرب محال
والذلّ فيها قرارا مكين
والنّقاء فيها أنشودة
والعتم لحن حزين
الوفاء نادر والقلب سادر
الحبّ ضباب
والحقد سحاب
عصارته الأسى
نبته ضريع
لا يسمن الجائعين
..............
إليك خالقي أبثّ
نجواي والتّرانيم
أحتمل مظالم
خلقك صابرا صامتا
يدي عاجزة
واللبّ ملتهب
والقلب عليل مستكين
أقربهم إلي ّ يدفنني كره
وهزءا يلفّني
بشاحب البسمة
مرتشفا دمي وعصارتي
شرّ العناكب ينخرني
قشرا أجوف
على الأغلال يتركني
سجين
غياهب السّجن تترصّدني
إن نشرت راية
الحريّة والعدل
بين خلق معذّبين
فاسق كافر متآمر
خارج عن القوانين
أرى بلادي صارت
كرة ترمحها
حوافر بغال مجانين
و إخوتي في أرض
العرب صاروا
شارات للرّماية
يخترقها الرّصاص
في الرأس والصّدر
والقلوب يفتّت
أوردتها والشّرايين
...................
إليك خالقي أبثّ
نجواي والحنين
للحظة أمتلك فيها قراري
والمصير
وأبني جنّتي على الأرض
شجرا وبساتين
السّعادة فيها جداول
ينهل منها خلقك
عقّّالا ومجانين
والغلّ مفقود
والحبّ موجود
في كلّ خطوة
يمتدّ إلى السّماء
بنيانا شاهقا
بأساس متين
لا جوع
لا عراء
لا خوف
لا وجع
لا أنين
طيب الرّوائح عابقة
أنفاس الصّبح
زهر نحل حور
فراش بالملايين
يسبّح كلّ فيها بحمدك
يصلّون على رسولك الأمين
خالقي سموت وتعاليت
عن ضعفي
وعجزي المستديم
ومازلت أصبو
إلى ما وراء الحجب راغبا
إلى وطني الأول
قبل العقاب
حكمة الحاكمين
جنّتي خيال
وجنّتك يقين اليقين
بشير عجالة 13/ 8/2011
ساحة النقاش