( روح ياشيخ.. ربنا ينتقم منك ويخلصلى.. عشان م انا وحدانية مكسورة الجناح)!!
لم تخلع - روحيه - المنديل ابو قوية, لم تُمسك اطراف مقصوصها الطاهر وتعزف سيمفونية -الردح - المبجل.. اكتفت بضم اناملها المتسخة بفعل تعبئة الفاكهه وملّست فوق عقدة المنديل اعلى جبهتها, ثم انزلتها ببطء فوق وجهها.. توقفت اناملها عند وجنتيها الملتهبتين بمزيج من الاحمرار والسُمرة, فمنعت سيل شريطين من الدموع الطازجة, ثم فتحت عينيها الواسعتين العسليتين, وقليل من فمها الصغير, واقترضت نفساً عميقاً من الهواء المُغبّر, ثم ازفرته بتؤدة, فيما باقى اناملهاتعمل فى الخُصلات المتسخة لشعر صغيرها المستند على السور الخرسانىة يتصارع باسنانه اللبنية مع برتقالة كبيرة غير مقشورة ! * ارسلت - وجنات - صاحبة الوجه الدميم واللسان السليط , ايماءات الشكر الصامتة الى = خرشوم ابو شفة= البلطجى , وراحت تتغامز وتتلمّز تشفياً فى جارتها الحسناء-روحية-, ثم انحنت تداعب ربطات الفجل والجرجير وتزعق بصوتها الاجش: ( ياخضر, يامورور, يامستحمى , يافايق, ياعنب الكعايب, ياعنقود العوازل ياحمر وع المكسر ياحلو ), وقعت عيناها الجاحظتان على زوجها - طافح ابو فروة - وهو يرُص حبات الليمون, ويرسل بين الفينة والاحرى نظرات التعاطف الخبيثة الى - روحية- , صرخت بصوتها القبيح: ( خليك ف حالك ياصفر, يادبلان, ياعديم الميّة) تراجع -ابو فروة منكفئاًفوق مشنّة الليمون يتمتم لنفسه!! انتبهت -روحية- لصوت خافت يُلقى التحية,انفرجت اساريرها وقسمات وجهها ببشاشة ممزوجة بمسحة من الحزن والحياء قالت:( فينك يابيه محدش شافك من اسبوع؟).. لم تلحظ وقوفه منذ فترة, ومشاهدته لسخافات - خرشوم - البلطجى وهو يعبث بحبات الفاكهه ويلتهم اكبرها بنهم وحشىّ, ثم يباعد ما بين شفتين غليظتين سفلاهما تتدلى ببلادة مقززة , ويضحك كشيطان, فتظهر لوحة قبيحة لصفين من اوتاد متنافرة ما بين عظمية وفضية وذهبية يحملهما فكان غامقان!! اشار بوجهه الغاضب ناحية خرشوم البلطجى, ايقنت ما يرمى اليه, قالت( المفترى عليه ربناو م تشغلش بالك يابيه, ده راجل محرم م عندوش ضمير) .. راحت تنتقى حبات الفاكهه ببطء,, تضعها فى -الكيس- ثمرة ثمرة, لم تسأله اى صنف يريد, وبين كل ثمرة واخرى, ترشُقه بسهم من عينيها الساحرتين.. تنفلت خُصلة من شعرها اسفل عقدة المنديل ابو -قوبة - , فينفلت معها مقود الدفّه لقلبه, يشرُد قليلا, تسقط عيناه على ثمرات الرمان, تتضخم احدى الثمرات, تنفلق نصفين, تنفرط حباتها البلورية, تنتفخ احدى الحبات, تتعاظم, تتقشر عن فرس شاب جموح, يحمل روحية وصغيرها فوق الفرس وينطلق بهما, يشقُّ عباب السوق وسط تصفيق الجموع, ودهشة -خرشوم ابو شفة-, يترجل عند شاطئ البحر, ينطلق الصغير لاصطياد القواقع الصغيرة, فيما -روحية- تُلقى بنفسها فى الماء, تداعب افواج الموج الودود, تغطس مع كل موجة اّتية, تتركُ بين طيّاتها خرزة من عقد احزانها!! فرغت روحية, نفضت الماء عن شعرها المتدلى حتى اسفل ردفيها, هرولت اليه, فتح ذراعيه, احتواها فى صدره العريض, راحا فى سبات عميق.. أفاق على صوتها وهى تناوله كيس الفاكهه( بنتك أمورة قوى يابيه, وفيها كتير منّك, هيه اسمها ابه؟) أحس كمن وخزه برمح مسنون على غرّة, كمن سرقه عمره وانتزع جنته, خامرته رغبة ملحّة فى الانقضاض على خرشوم البلطجى وتمزيقه اربا قال: اسمها نادية.. قالت( الله.. اسم جميل قوى, ربنا يخليها لك يابيه .. ويخليك لنا) * راحت الزوجة تُفرغ محتويات الكيس وهى تتمتم بامتعاض: كل يوم رمان كل يوم رمان؟ بينما راحت - نادية- تفتح لُفافة صغيرة متسائلة: ايه دول يابابا؟.. التفتت الزوجة, تناولت اللفافة من الصغيرة و قالت: غريبة, دول مناديل - بقوية -, عشان مين؟!!! (من مجموعة كان يشبهه تماما نشرت بجريدة الجمهوربة فى 24/8/95!!
ساحة النقاش