عندنا في الشمال الفلسطيني نقول : (خد معوّد عاللّطام ) , وفي الوسط يقولون (عاللّطم ) , وفي لهجة اهل السلط معوّد (عاللّطيم) . وأيا كانت التسميات فالنتيجة واحدة ؛ وهي ضرب الخد بباطن الكف , مع اختلاف الوسيلة قليلا . كيف ؟ اقول واجري على الله فيما اقول : لطم يلطُم بضم الطاء تعني ضرب خديْه بكفيْه هو , ولطم يلطِم بكسر الطاء : تعني ان احدا اخر هو الذي قام بعملية الضرب . والأولي تستخدم عند المصائب والكوارث , وخاصة للنساء اذا مات لهن اخ او اب او زوج او ولد . اما اذا مات زعيم او قائد كبير , فيخرُجن او يُجرَجن الى الساحات العامة نادبات , شاقات جيوبهن , هاتكات استارهن , حافيات حاسرات , يضربن وجوههن ياديهن ويهلن التراب على رؤوسهن , حزنا على ذلك الفقيد الذي لم تُنجب مثله الولّادات , ولن يتكرر على مر عهود التاريخ , وان وفاته خسارة كبرى للوطن , ومن ذا الذي يمكن ان يقوم مقامه ويسد غيبته , وقد تركهن حافيات عاريات , جائعات ضائعات . اما اذا كان المتوفى قد قتل غدرا او في معركة , فيصبح للندب مسمى اخر : (المٌوَثّبات ) وهي اشعار تنوح بها النساء لحثّ الرجال على الاخذ بالثأر . وقد كان الزير سالم صاحب الملحمة العربية الشهيرة ( حرب البسوس) يرسل النساء التغلبيات للبكاء والنحيب على قبر اخيه كليب (الذي قتل غدرا على يد ابن عمه جساس) كلّما احس بفتور همة الرجال في المطالبة بالثار لدم كليب .
كثرت المصائب على الامة وكثر خروج النسوة على هذه الحالة ؛ من الاستعمار الحديث الى هزيمة 48 ثم نكسة 67 و وكْسة عاصفة الصحراء , وليس اخرها وكوارث ما يسمى بالربيع العربي . فاذا ما نزلت طامة اخرى قلنا : كف معود عاللطم او اللطام او اللطيم , ولن نختلف في التسميات , فالنتيجة كما قلنا واحدة . اما لطم يلطِم بكسر الطاء : اذا ضرب احد الاخر على خده مرات ومرات , حتى ظهرت مقولة (من ضربك على خدك الايمن فأدر له الايسر ) وهذا دليل التسامح ؛ يعني يضربك احدهم على خدك الايمن فتدير له الايسر وتقول : (سامحتك سامحتك ) , على راي طيبة الذكر اصالة نصري , يضربك على الايسر فتدير الايمن وهكذا الايمن فالايسر , ايمن ايسر ... فتصبح رايح جاي مثل المكوك او بندول الساعة , منظر بشرح الصدر تعودنا عليه كثيرا . يعني : تنهض من نومك صباحا على صوت كروان ادمي ينبعث من المذياع ليعلن لك خبر ارتفاع اسعار المشتقات النفطية , فتقول : يا الله خد معود .... هي المسالة واقفة فقط عند ارتفاع الاسعار, فما خفي كان اعظم . او يقال عندما يحرق طفل في فلسطين على يد عصابات المستوطنين او تشنّ إسرائيل غارة على مصنع في السودان , او في سوريا او العراق او مدرسة بحر البقر في مصر , او ساحة عامة في بيروت , وان الحكومات العربية تحتفظ بحقها في الرد على العدوان , في الزمان والمكان المناسبين . يا حلاوة , والله وزغردي يا انشراح . وأيا كان الامر فخدودنا اعتادت اللطم , والن يضير المبتل شوية مطر ف( خد معود .......) . طبتم وطابت اوقاتكم