مجلة جماعة الإبداع الجميل

مجلة مختصة بأخبار الثقافة والادب وتبنى المواهب فى كافة مناحى الحياة

 

 

قال لي صاحبي وهو يحاورني : فعلا نحن شعب ( كشر ونكد) . قلت : وكيف اكتشفت ذلك يا رعاك الله ؟ قال : يا اخي تذهب الى السوق تريد ان تتجول فيه , تحاول ان تدخل محلا , فتجد عمودا يقف على الباب ؛ ضخم الجثة , راسه بحجم البطيخة الكبيرة , وجهه يشبه وجه الفرزدق , عيناه غائرتان بين حاجبيه وخديه , انفه يبتلع نصف وجهه وفتحة فمه بطول حفرة الانهدام الكبير, تحتاج الى رافعة لترفع احدى شفتيه عن الاخرى , يقول لك بصوت يخرج من حنجرته مباشرة : ماذا تريد يا اخ , اقول : اريد ان اتفرج ربما يعجبني شيء . يقول : لو سمحت ؛ المحل ليس للفرجة , حابب تشتري اهلا وسهلا , مش حابب مع السلامة , قلت : أريتـَك هذا الذي تصف ! لو انك صبية عشرينية , بيدها اليمني شنطة خفيفة لطيفة , وبيدها اليسرى خلوي احدث طراز , تضع نظارتها الشمسية فوق شعرها , وكعبها 20سم , لكان ابرد من نسمة صيف مرت تحت شجرة خروب معمرة , وارطب من سحابة تشرينية . قال ولكنني رجل ولا اعتراض على خلق الله , يعني يُمنَع التسوق على الرجال ؟ قلت : يعني عليك ان تتحمل وتصبر قليلا . قال : اقارن هذا بأصحاب المتاجر في الاقطار الشقيقة المجاورة , قلت : لم تعد هناك اقطار مجاورة . قال : يا سيدي على اعتبار ما كان , تجد صاحب المحل يحاول اجتذابك بكل السبل ( اتفضل يا اخي لا تشتري بس فوت اتفرج , يمكن يعجبك شي , كل المحل على حسابك ) . يا رجل ليس هذا فقط . بل تمشي في الشارع فترى الناس فتقرأ على وجوههم سورة (عبس ), قلت : ومع ذلك فانا اراهم احيانا يضحكون . قهقه صاحبي وقال : الم تسمع بالمثل( شر البلية ما يضحك ) , يا رجل : عندنا عقدة اسمها عقدة الضحك , قلت : كيف ؟ قال : اما تسمعهم يقولون بعد كل ضحكة يضحكونها : الله يسترنا من هذا الضحك , 
بعد ان غادر صاحبي خطر ببالي السؤال التالي : هل( النكد) جزء من طبيعة تكويننا , أي عنصر اساسي في الجينات , يتوارثه الخلف عن السلف ؟ ام هو سلوك مكتسب نتيجة للواقع اليومي الذي نعيشه ؟ وليكون حكمنا علميا يجب ان يُبنى على المنهج العلمي اي (الملاحظة والاستقراء ثم استخلاص النتائج) , فتعالوا اذن نتابع بعضا من شرائح المجتمع , فيكون حكمنا اكثر دقة:
الشريحة الاولى : موظف في القطاع الحكومي في العاصمة , يضطر الى الوقوف على الشارع قبيل الساعة السادسة كل يوم , في مارثون فريد خلف حافلة تنقله الى مجمع الحافلات في العاصمة , خرج بالأمس و(روحه في مناخيره ) سالته عن السبب اجاب ابو ماهر : والله ماهر تعب بالليل واخذناه على الطوارئ عليه توجيهي هالسنة , وانت عارف (البير وغطاه ) , انا لا اقدر على تدريسه في الجامعة فهو يبذل قصارى جهده ليحصّل منحة , ومن كثرة الدراسة اصيب بالإعياء واغمي عليه , تصور يا رجل مستشفى حكومي لا توجد به ابرة مسكن , تضطر لشرائها على حسابك , (انا مش عارف شو فائدة التامين اذن) . والمصيبة الاكبر صبّحنا ما فيه ولا نفطة ماء في الخزان ودَوْرنا في الماء بعد يومين , صرت مضطرا لان اشتري تنكا بعشرين دينار , او ادور على الجيران اشحد من كل بيت دلوا . يصل ابو ماهر المجمع ليركب في حافلة يطلق الناس عليها اسم (جحش الدولة) , فهي حافلات ملك مؤسسة النقل العام التي هي ملك للدولة , تسير بسرعة السلحفاة , وتحمل حمل سفينة نوح . طول الطريق : قف نزّل ركاب , قف حمّل ركاب فيصل الرجل عمله متأخرا , فينفجر المدير في وجهة ويلقنه درسا في احترام المواعيد , ولا يقبل أي عذر له . في المقابل فالمدير مضطر ان يتملق رئيسه الذي يدوره مضطر لينافق رئيسه , طول اليوم حاضر يا بيك , امرك يا باشا , والله كلامك حكم يا بيك , نظريتك في فن الادارة يجب ان تدرس في الجامعات لتستفيد منها الاجيال يا باشا . يعود الى المنزل فيجد زوجته تنتظره بشوية طلبات على شوية اوامر ومع شوية تساؤلات وخاصة عن السكرتيرة فينام وهو يتميز من الغيظ , ينفجر أي اول موظف يقوده سوء حظه الى الخطأ.
الشريحة الثانية : موظف في القطاع الخاص يجلس على مكتب فخم , حسدْته اول ما رايته , فلما وصلت اليه وجدت بيده الة حاسبة , يضرب ازرارها بعنف (ولك ازبطي ولك ازبطي ولك يلعن اختك واخت اختك ولك ازبطي ) , قلت : سلامة عقلك يا بُني مع من تتحدث ؟ قال : والله يا عم (اشي بحط العقل بالكف ) انا موظف جديد ب300دينا اصرف في الموصلات 100, واصرف على نفسي 100 واستطيع ادخار 100, اريد بناء شقة فوق منزل والدي والزواج خلال خمس سنوات , مش راضية تزبط , المقاول طلب 20الف دينار لبناء الشقة واحتاج 10 الاف للزواج يعني 30 الفا , والالة تعطيني ان توفير المبلغ هذا يحتاج لا كثر من 20سنة , يعني بكون عجزت . قلت يا بني ابحث عن عروس تعمل فتساعدك قال يا عم هذا كان على زمانكم اما على زمانا فهي تحتاج 10سنوات حتى تطمئن اليك وتأمنك وتثق بك , خاصة في عصر الخلويات والفيس , قلت وما دخل الفيس بالزواج يا بني فضج الشاب بالضحك فتركته وغادرت.
الشريحة الثالثة : المزارع الذي يقترض ثمن البذور والادوية والاسمدة من احد تجار سوق الخضار المركزي , بالمقابل يجب ان يبيعه المحصول , وما ان تصل الخضار الى السوق حتى يفتعل التجار ازمة تنخفض الاسعار بموجبها , فيشتري التاجر بالرخص وبعد يومين يفتعلون ازمة اخري يبيعون بموجبها للمستهلك باسعار عالية , يعني المزارع والمستهلك ضحية تلاعب تجار السوق دون رقابة او مساءلة من احد . ما رايكم ناخذ شريحة العمال ام يكفي . انا بقول كفاية فضايح . الحكم لكم . طبتم وطابت اوقاتكم

samirahmedelkot

جماعة الابداع الجميل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 24 مايو 2015 بواسطة samirahmedelkot

مجلة جماعة الابداع الجميل لشعراء القمر والنيل

samirahmedelkot
جماعة الابداع الجميل واحة لكل ابداع اصيل معاً نرحب بالمبدعين في كافة فروع الابداع (موسيقى - شعر - غناء -فنون تشكيلية - انشاد دينى - ابتهالات - ثقافة - صحافة - تمثيل - اخراج ...الخ ) ...نرحب بكل صاحب موهبة وكل ابداع حقيقى يقف على الطريق لنأخذ بيده ..نقيم انتاجه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

101,802