<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->
حمار الشعراء
(بيان صادر عن نادي الشعراء الحمير)
صادق الطريحي
لا أدري بالتحديد ، من هو الشخص البليد الذي أطلق أسمي على بحر الرجز(مستفعلن مستفعلن مستفعلن) ، زاعما أنه لايبقى على حال واحدة، لكثرة إصابته بالزحافات والعلل والشطر والنهك والجزء ، حتى عد من أقرب الأبحر إلى النثر، فركبه كل من هب ودب من الشعراء ، حتى أن الشاعر أبا العلاء المعري ، جعل بيوت الرجاز المغفور لهم في الجنة أقل سموقا من بيوت بقية الشعراء ، بحجة أن الله يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها ، وأن الرجز من سفاسف الشعر، متناسيا أنه (المعري) يمثل ذروة التصنع في الشعر العربي كما يرى شوقي ضيف .
ولأن هذا المصطلح مازال يطلق حتى اليوم على هذا البحر، فقد دعاني بعض الأصدقاء من نادي الشعراء الحمير، للكتابة في هذا الموضوع ، للتحقق من مدى صحة انطباق هذا المصطلح على بحر الرجز ، ومدى انطباقه على جنس الحمير، وطبيعة العلاقة بين الجنس البشري وجنس الحمير، ومن الذي أطلق هذا المصطلح أهو ناقد أم شاعر أم عروضي؟
وبعد التوكل على الله كتبت بعض ما جرى به القلم على اللوح ، فقلت :
لقد لاقى جنس الحمير من الجنس البشري ، ضروبا شتى من التهم الباطلة ، والافتراءات التي لا صحة لها، مع كثرة اعتمادهم عليه وشدة اتصالهم به ، في السلم والحرب ، فقد زعموا مثلا ، أن حليب الأتان يورث الغباء! مع أنه وصفة طبية فرعونية ، فأنقذنا العلم التجريبي ـ والحمد لله ـ من هذه التهمة ، حين أثبت التحليل المختبري أن نسبة المواد الغذائية في حليب الأتان هي نفسها في حليب البقر إن لم تزد عليها في نسبة الدهون ، وثبت أيضا خلال احد اختبارات الذكاء أن الحمار أكثر ذكاء من البقرة ، ولولا سوء حظه ، لحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية ، كما حصل عليها رجال حماية الدكتاتور في العراق ، أو الدكتوراه الفخرية على الأقل ، كما حصل عليها الدكتاتور نفسه.
ومن سوء حظ جنس الحمير أيضا ، أن الشعر الذي رواه بعض أهل الأدب ، عن أحد شعرائنا هو من الشعر الضعيف ، على الرغم من أنه كان في غرض الغزل العفيف (قاتل الله السجع)، ويبدو أن الراوي لم ينتبه أبدا إلى أن هذا الحمار الشاعر كان يعارض قصيدة احد الشعراء من البغال التي كانت أضعف منها كثيرا ، ويبدو لي أن هذا هو السبب في تسمية بحر الرجز بحمار الشعراء ، لأنه من أقرب الأبحر إلى النثر، ومن الواضح للعيان أنها تهمة باطلة ، بل من أكثر التهم إضحاكا للرأي العربي العام ، ولو أنها عرضت على محكمة الجنايات العليا ، لحكمت فيها بنصف عدد الجلسات التي تعقدها لمحاكمة الدكتاتور، حتى لو تطوع كل المحامين العربان (يشترط في المحامي العربي أن يحسن اللغة العربية قراءة وكتابة). ومع ذلك سأحاول الرد على هذه التهمة ، بما لدي من معلومات قليلة ، في العروض والأدب ، سمعتها من الشيوخ الذين كانوا يصحبونني في بعض الطريق إلى الديار المقدسة ، للحج وللاستماع البريء إلى قيان الحجاز.
أولا ـ ليست تفعيلة (مستفعلن) وحدها هي التي يصيبها الخبن أو الطي، ليتغير شكلها كثيرا ، فتتحول إلى (متفعلن) أو (مستعلن) ، ويكون النظم بها أقرب إلى النثر!، فـ (فاعلن) تتحول في البحر المتدارك إلى (فالن) و(فـَعـِلـُن) والى (فاعـِلُ) في الشعر الحر، كما زعمته الشاعرة نازك الملائكة ، وتابعها فيه الشعراء الرواد والستينيون واللبنانيون و...و... وأنا طبعا. و(متفاعلن) في البحر الكامل تتحول إلى (مستفعلن) ولولا وجود تفعيلة واحدة من (متفاعلن) في البيت لعد من الرجز. و(فاعلاتن) في بحر الرمل تتحول إلى (فعلاتن) و(فاعلن).
فلم ألصقت هذه التهمة بالرجز وحده دون غيره من البحور؟
ثانيا ـ لقد أثبت النقد الأدبي الحديث ، أن البحر الخفيف (فاعلاتن مستفع : لن فاعلاتن) هو من أقرب البحور إلى النثر، وقد سقط في مطبه جمع من الشعراء الكلاسيين ، حين جعلوا من شعرهم هتافات سياسية وخطب وعظية ونصائح وطنية (قاتل الله السجع) ، فلم يطلق عليه لقب حمار الشعراء!؟.
ثالثا ـ إن نسبة النثرية إلى الرجز وذلك لأضطرابه ، وعدم بقائه على حال واحدة ، يثبت جهل من أطلق هذه التهمة بمفهوم الشعر، حين حصر النثرية بالإطار الخارجي للشعر( البحر) ، ناسيا أن أي بحر هو في طبيعته شيء محايد ، لامزية له من حيث مناسبته لغرض شعري ما أو لانفعال ما، كما اثبت لنا ذلك احد النقاد من الجنس البشري ـ عز الدين إسماعيل ـ (لايوجد نقاد في نادي الشعراء الحمير) ، وأن الشاعر وحده هو المسؤول عن ركوب البحر، ويبدو إن الذي اتهمنا ، قد انطلق في مفهومه للشعر من أنه القول الموزون المقفى ، غافلا ما جاء في كتاب الشفاء لأبن سينا ، من إن الشعر، ليس هو وحده القول الموزون المقفى ، فليس بالوزن وحده يحيا الشعر.
رابعا ـ يبدو أن للشعر الحر أثرا في شيوع استعمال بحر الرجز، وقد ضرب الشعراء عرض الحائط ، مقولة إن الرجز حمار الشعراء ،حين كتبوا قصائد إبداعية ، وقد قرأنا مثلكم قصيدة (النهر والموت) فعددناها من المعلقات. ويجب أن لاننسى أن شعراء كبار ، كبشار بن برد مثلا ، نديم المهدي، قال ارجوزة مبدعة جعلت عقبة بن رؤبة ينسحب خجلا من مجلس الأمير، بعد أن اتهم بشارا ، انه لايحسن قول الرجز!.
رابعا ـ إن مجيء الرجز مشطورا ومنهوكا ومجزوءا، وحتى بتفعيلة واحدة في البيت أو الشطر أو السطر، يثبت أن للشعر الحر جذورا حقيقية في العمود الشعري العربي، وأن تقسيم التفعيلات على الأسطر بحسب المعنى المراد من الجملة / السطر / البيت ، وليس العكس، لم يكن من ابتكار الشعراء الرواد وحدهم.
خامسا ـ لم لا نقول عن قصيدة النثر الشائعة والذائعة اليوم ،أنها حمار الشعراء ، وقد امتطوها للحاق بركب الحداثة ، وبقصيدة النثر البودليرية ، وبشكل حياة رامبو البويهمية (قاتل الله السجع) ، فوصلوا إلى ما بعد الحداثة وهم يلهثون!.
سادسا ـ إن مصطلح حمار الشعراء ، لم يطلق على بحر الرجز فقط، بل أطلق على ظاهرة شائعة في الشعر العربي ، هي اتكاء الشعراء على ايدلوجيا سياسية ما أو منظمة ثقافية متمكنة أو سلطة سياسية قوية أو حزب سياسي/ ديني ، ترعى الأدب لغرض خاص بها... الخ، للوصول إلى أهدافهم التي من المستحيل تحقيقها ، دون الاتكاء على بعض ذلك.
فلقد اتهم مثلا الشاعر فاضل العزاوي ،أحد خصومه الستينيين من الذين لم يغادروا العراق، أنه جعل من السلطة السياسية الدكتاتورية حمارا له ليحقق شهرته أو ذاته الشعرية، واتهم بعض الكتبة والشعراء الشاعر ذو الاسم اليوناني ـ ادونيس ـ انه لم يتجاوز نمطية الحداثة ، وان سر شهرته وذيوعه يرجع إلى دعم بعض المنظمات الثقافية الفرنسية له ، وقال البعض الأخر، أن مرض السياب ، وموته المفاجىء كان هو الحمار الذي حمل له الشهرة بعد موته ،أما ما قيل في اتهام نزار قباني ، فكثير جدا نعرض عنه اليوم ، وقيل أيضا ، إن بعض الشعراء اليوم قد امتطوا ظهور الأحزاب السياسية والحركات الجديدة والوظائف المرموقة ، التي حصلوا عليها عن طريق المحاصصة الديمقراطية، ليستولوا على الأمكنة الشاغرة التي تركها الشعراء السابقون ...الخ.
سادسا ـ لقد ثبت لنا بالدليل العقلي القاطع الذي لايرقى إليه الشك ، أن العروضيين هم الذين أطلقوا هذا المصطلح على الرجز لولعهم في إطلاق التسميات على البحور لاغير، ودليلنا النقلي على ذلك، أن مصطفى جمال الدين وهو شاعر عراقي كبير، لم يطلق هذا المصطلح على الرجز، حين كتب كتابا في العروض ، يعرض فيه ما يراه من انتقال الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة.
سابعا ـ يحيّ النادي الشاعر موفق محمد ، وهو أحد الشعراء العراقيين الكبار، الذي قبل بالتعايش السلمي بين الجنسين ، وضرورة تبادل الأدوار بينهما، ليستطيعا تجاوز الأزمات ـ أشك في ذلك ـ وقد أعلن ذلك صراحة وعلى رؤوس الأشهاد ، قبل سقوط الدكتاتور، وبعده أيضا ، أنه قد تحول إلى حمار!، قال في قصيدة مؤرخة في العام 1998 :
" إن كان رأسي عاطلا
والقلب مذوبحا بهاتين اليدين
فعلام سيري في الطريق على اثنتين
جرب قوائمك الجديدة
واسترح من صخرة الإنسان
من سيزيف
وابدأ بالنهيق..."
وقال في قصيدة مؤرخة في العام 2006 :
" ألم ترَ أن لا حمار في العالم يشبه موفق محمد
فهو الوحيد الذي يسير على قدمين اثنين
عابرا الشوارع من المناطق التي يشم فيها
جلد أخيه الوحشي
لاعنا من دجنه ..."
فسبحان من جعلنا بشرا وحميرا في العهدين !.
وبعد انتهائي من كتابة المقالة ، عرضتها على الهيأة العامة لنادي الشعراء الحمير، فقررت إصدار البيان الأتي :
(بيان رقم 1)
بما إننا نعيش اليوم في عصر الحرية والديمقراطية والتعددية الأثنية والتسامح الديني والمذهبي والفكري و...و...و... ، نعلن عن تأسيس (نادي الشعراء الحمير) ليشارك في الحياة السياسية والثقافية للبلد ، ويدعو إلى نبذ العنف وضرورة التعايش السلمي بين البشر وجنس الحمير في العراق.
2ـ يدعو النادي السادة الراغبين في الانضمام إليه ملاحظة شروطه الآتية:
أ ـ لا يقبل النادي عضوية المتقدم إذا كان وزيرا أوكيلا في الوزارة أو مديرا عاما فيها .
ب ـ أن يجيد المتقدم الكتابة في قصيدة النثر والقصيدة العمودية وشعر التفعيلة ، ولا يقبل النادي كتاب الأراجيز التعليمية والمنظومات ، ومداحي الأصنام البشرية، ومروجي الآيديولوجيات النسبية أوالمطلقة .
ج ـ أن يكون المتقدم من المستقلين ، ولا يقبل النادي عضوية من كان يعمل في إحدى فضائيات المافيات السياسية .
د ـ أن يتعهد المتقدم من الجنسين كليهما ، بعدم إكراه الجنس الآخر على إتباع أفكاره ومعتقداته ، وطريقته الشعرية ، وأن يوضع الكائن المناسب في المكان المناسب.
هـ ـ يرجو النادي من السادة رؤساء تحرير الصحف والمجلات ، عرض إعلانات النادي الثقافية بلا مقابل ، لأنه لا يملك تخصيصات مالية من الحكومة أو أي من المنظمات الداعمة للثقافة والسلام في البلاد .
3 ـ أنتخب كاتب هذه السطور رئيسا للنادي ، وأمينا لسر هيأة الأمناء ورئيسا لمجلس الإدارة ، ومتحدثا رسميا باسم النادي ، وخول صلاحية قبول الأعضاء أو رفضهم ، وذلك خلال انتخابات حرة نزيهة وديمقراطية خالية من المحاصصة الجنسية أوالطائفية.
4 ـ نعتذر عن تقديم عنوان ما لمكان النادي، لأننا لانملك مكانا حتى اليوم، كما هو حال اتحاد الأدباء والكتاب في الحلة، ولا نعلم بالتحديد أي إقليم أو محافظة سيقبل بوجودنا فوق أراضيه المقدسة ! .
كتب بالحلة السيفية بتأريخ
24/06/2006
ساحة النقاش