في دنيا الإنسان مخدرات وخمور ، وفي دنيا النمل أيضاً مخدرات وخمور وإن اختلفت المشارب والأمزجة بين النمل والإنسان .. وأصحاب مصانع الخمور من الناس يتفننون في الإعلان عن هذه السموم بشتى الوسائل كي يخدعوا بإعلاناتهم إخوانا لهم في الإنسانية .. هذا يحدث في دنيا الإنسان العاقل المتمدين ..ونفس هذه الصورة موجودة في عالم النمل ، ففيه موزعو خمور ومخدرات لا يملكون من طرق الدعاية ما يملكه الإنسان .. ولكن هناك عائلات أخرى في دنيا الحشرات لا تتمي من قريب أو بعيد لعائلات النمل ، وهي التي تخدع بعض أنواع النمل دون البعض الآخر .. ونقدم هنا صنفاً من بائعي الخمور والمخدرات في دنيا النمل ، فهناك أسماء علمية لخنافس صغيرة تستطيع أن تتسلل داخل بيوت النمل بما تحمل من سموم وإفرازات .. وهذه الخنافس الصغيرة لا تحمل خمورها في كؤوس ولكن كؤوسها عبارة عن شعيرات صغيرة عليها إفرازات حلوة من مادة معطرة تجذب إليها النمل ، فتراها تتوجه إلى بيوت أنواع خاصة من النمل دون استئذان لأنها تعرف سلفاً ما ستقابل به من حفاوة وتكريم ، وقد يقابلها النمل في الطريق فيسرع إليها ويلعق ما على شعيراتها الحلوة العطرة ، ولشد ما يحس هذا النمل بالراحة والانسجام ، فلعقة واحدة من هذه الشعيرات تساوي عنده الدنيا وما فيها ، ولا نظن أن هذه الخنفسة تجود بهذا الرحيق المخدر دون أن تطالب بالثمن ، فالمعروف عن النمل انه رحيم بصغاره ، إلا ان هذه المخلوقة الخبيثة بما تحمل في شعيراتها من رحيق تفقد النمل غريزته الرحيمة نحو صغاره حيث يقوم بتقديمهم إلى هذا الوحش الذي يلتهمهم وكأن النمل بهذا قد أكرم هذه الخنفسة وأرضاها لتفيض عليه من رحيقها الملعون .. إلا أن كل أنواع النمل ليست لها كل هذه الصفات .. وفي وقت معين تتسلل هذه الخنافس من بيوت النمل الأحبر الذي أكرمها وآواها وتنتقل إلى بيوت أخرى يملكها نمل الخشب ، وهنا تتدخل الطبيعة وترسي قواعد التوازن بين المخلوقات حيث يهجم نمل الخشب على هذه الخنافس المتوحشة ويلتهم اغلبها لتستمر هذه الدورة من الحياة متوازنة عبر ملايين السنين ، وبمثل هذه البساطة يقوم نمل الخشب بالدور الذي تقوم به الهيئات الحاكمة بمعاونة بوليس المخدرات وينتقم للنمل الأحمر وهم أبناء عمومته من جيوش الخنافس ، فالعين بالعين والحياة قصاص .