رؤية الاحداث من منظور المستقبل
عندما يدرك المؤمنون أنهم يخضعون للاختبار في هذا العالم، يستطيعون رؤية الأحداث من منظور المستقبل. ماذا يعني ذلك؟؟؟
مهما كانت المخاطر التي تحيط بالإنسان، فالوضع يظل مؤقتا. على سبيل المثال، يمكن لشخص أن يعاني ظلما من اتهام خطأ لجرم لم يرتكبه، فلابد للحق أن يظهر. إن الظلم لا نهاية له في هذا العالم، والمحرضين على الظلم سيجزون عن أعمالهم يوم القيامة. وبالمثل ، فضحايا الظلم في انتظار هذا اليوم، لتتم مكافأتهم على صبرهم. وبالسرعة التي يمر بها الزمن، ستختفي جميع الاختبارات في رمشه عين. وعد الله باليسر كل مسلم عند انتهاء التقييم :
"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) " سورة الشرح الآيتان 5 و6.
كذلك المؤمنين الواثقين في العدالة الإلهية، يعتمدون على الوعد بالإغاثة الربانية ولا يفقدون الأمل أبدا. يتذكرون أن الخير يكسب في النهاية في هذا العالم أو الذي يليه. هذا هو معنى "رؤية الأشياء من منظور المستقبل".
المسلمون يعلمون أنهم هم المراقبون لقدرهم ولقدر الآخرين، ويتابعونه بثقة وصبر وطاعة. وعلاوة على ذلك، يدركون أنهم لايستطيعون التدخل أو منع أو وقف سيرورة أي حدث من الأحداث. ويرددون دوما كلام الله:
" وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ " سورة البقرة الآية 216.
وبعبارة أخرى، أن يمس المسلم مكروها، قد يكون في النهاية أمرا لصالحه، بشرط أن يظل صابرا ومؤمنا بالله. في الواقع، كل هذه الاختبارات ليست إلا وسيلة تساعد المسلم على تعميق إيمانه وتحسين أخلاقه لينضج روحيا وفكريا وترفع من منزلته في الجنة.
وحدهم المِؤمنون الصادقون الخاضعون لله يعرفون الأمن الروحي، أما الذين يكفرون بالله ويرفضون الدين لسوف يطغى عليهم الخوف واليأس ويتعذر عليهم ايجاد حل لمشاكلهم، فاقدين الامل في دنياهم وآخرتهم، يعيشون في حالة دائمة من اليأس والاحباط الروحي. كما توضحه الآية التالية:
"فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ" سورة الانعام الآية 125.
إن سبب عمق إحباط الكافرين هو من أنفسهم، لأنهم يرفضون مبدئ الإيمان بالقدرالذي خلقه الله. إن كون الله عز جلاله يوجه أقدارنا ويتحكم فيها، لنعمة عظيمة للمسلمين يجهل قيمتها الكافرون، الذين يعمهون في إحباطهم حتى الموت ، عقابا لهم على افتقارهم بالثقة بالله، وانجذابهم الى العذاب الروحي. قال تعالى :
"إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" سورة يونس آية 44. صدق الله العظيم
ساحة النقاش