ظن العلماء قديماً
أن النمل الأبيض يتبادل الإشارات بالأجهزة الحسية الموجودة على
الأرجل وقرون الاستشعار ولكن نظام تبادل للرسائل والاتصال والتخاطب
ليس من المنطقى أن يكون بالاشارات فى غرف ومساكن النمل ذات الظلام
الدامس.
ولقد اكتشف العلماء حديثا
أن نظام إيصال
المعلومات فى مملكة النمل يتم باستخدام مواد كيميائية متطايرة
فالنمل مزود بنظام متطور من الغدد التى تتوزع على أجزاء الجسم
تعتبر مصدر لتلك المواد الكيميائية والتى تستخدم فى تبادل
المعلومات.
وأهم تلك المواد الكيميائية ما يفرزها النمل
على الأرض أثناء سيرة والتى تستخدم دليلاً للشغالات على تحديد
اتجاهها أثناء السير لذلك سميت تلك المواد بمواد الأثر وهذه المواد
لم يعرف تركيبها للآن وفائدتها هى إرشاد مجموعات الشغالات على
مواقع الغذاء وتقوم النملة عند الرغبة فى إبلاغ رسالتها إلى باقى
أفراد مملكتها بأن تلمس الأرض بأبرة اللدغ الخلفية وتترك مادة
الأثر على الأرض على هيئة خط متقطع وهى تفعل ذلك لتوفير كمية
المادة المستخدمة من مواد الأثر بدلاًُ من وضعها فى خط مستمر. ولعل
ذلك ما يفسر لنا ظاهرة سير النمل فى مجموعات وراء بعضها على الأرض
أو الجدران.
وقد لوحظ أن زيادة تركيز مواد الأثر يؤدى
إلى حدوث الهجرة الجماعية. ويبدو أن زيادة تركيز مواد الأثر يعتبر
مؤشرا إلى زيادة أعداد سكان المستعمرة عما تستطيع أن تحتويه
المستعمرة فتحدث الهجرة. والعجيب أنه لا تتشابه مواد الأثر التى
تستخدمها أنواع النمل المختلفة بل يبدو أن كل نوع من أنواع النمل
له موادة الكيميائية الخاصة به.
هناك مواد أخرى للإنذار فلو لمسنا نمله
بقضيب زجاجى لتملكها الفزع ولكن الغريب هو انتشار هذا الفزع فيمن
حولها ويرجع السبب فى ذلك إلى أن النملة التى لمسها القضيب الزجاجى
فسبب لها فزعاً قامت بإفراز مادة عطرية انتشرت كرسالة لتنقل هذا
الفزع إلى باقى المجموعة القريبة منها وبذلك فهى مادة انذار ولقد
اكتشف العلماء صحة تلك الفرضية عندما اكتشف أن هناك غدة أخرى خلاف
الغدة التى تفرز مادة الأثر تقوم بإفراز مواد الإنذار واكتشف أنها
تتبع مواد عطرية مثل السترال والسترونيلال والدندرولاسين
والهبتانون.
ولا يقتصر الإنذار على وجود خطر أو حشرة
دخيلة فى مستعمرة النمل بل يكون الإنذار دالاً على حدوث حالة وفاة
فى المستعمرة فتحس النمل الميت يطلق إنذاراً خاصاً بعد موته حتى
يدعوها إلى الإسراع فى التخلص منه فتقوم الشغالات بالتجمع حول
النملة الميتة فتحملها فى موكب جنائزى وتلقيها خارج المستعمرة.
ومن الشواهد أن شغالات النمل تستقبل مواد
الأثر والإنذار بقرون الاستشعار فى تجاويف خاصة.
ومن المعتقد أن هناك عديد من المركبات
الكيميائية تستخدمها النمل لتنظيم جميع أعمالها الأساسية. والسؤال
من ألهمها هذا النظام الدقيق ومن حاباها بتلك اللغة الكيميائية
الدقيقة أهذا النظام صدفة أم من ورائه عقل مُدبر أحسن الصنعة
وسبحان الله... سبحان الله. |