هل عانيت من مشاعر تراجيدية أم من الشعور بالإحباط أو الظلم أو اليأس خلال العقد الأخير من حياتك؟ إذا كان الأمر كذلك بالنسبة لك. فماذا قررت أن تفعل بهذا الشأن؟ هل قررت أن تندفع إلى أقصى الحدود، أم اكتفيت بالاستسلام؟ وكيف شكلت هذه القرارات مسار حياتك الحالي؟.
إن قراراتنا، وليست ظروف حياتنا هي ما يقرر مصيرنا أكثر من أي شيء آخر. فهناك من ولدوا وهم يتمتعون بامتيازات خاصة، امتيازات جينية أو بيئية، أو عائلية أو امتيازات أخرى. غير أننا، نلتقي أو نقرأ أو نسمع عن أشخاص عبروا - بالرغم من كل شيء- كل الحدود التي تفرض عليهم ظروفهم باتخاذ قرارات جديدة حول ما سيفعلونه بحياتهم. وقد أصبحوا أمثلة للقوة اللامحدودة للروح البشرية.
إذا قررت، فإنك تستطيع أن تجعل حياتك أحد هذه الأمثلة. ولكن كيف؟ ببساطة، باتخاذ قرارات هذا اليوم حول الكيفية التي سنعيش فيها في العقد المقبل، وما بعده من حياتك. فإذا لم تتخذ أي قرارات حول كيفية تسيير حياتك، فإنك ستكون في الواقع قد اتخذت قراراً، أليس كذلك؟ ستكون قد اتخذت قراراً بأن يوجهك محيطك بدلاً من أن تتولى أنت تشكيل مصيرك. فإن لم تحدد مقاييس أدنى ما يمكنك أن تقبله في حياتك فستجد أنك ستنزلق بسهولة إلى أنماط سلوك ومواقف، أو نوعية حياة هي أدنى بكثير مما تستحقه في الواقع. عليك أن تحدد تلك المقاييس وتعيش بموجبها مهما واجهك في حياتك. وحتى لو انقلبت أمورك رأساً على عقب، وحتى لو انهار سوق الأسهم المالية، أو هجرك من تحبهم، أو حتى إن لم تحصل على الدعم الذي تحتاجه فعليك أن تبقى ملتزماً بقرارك بأنك ستعيش حياتك على أعلى مستوى لها.
غير أن معظم الناس لا يفعلون ذلك قط، لأنهم يقضون وقتهم وهم يحاولون ابتداع الأعذار لأنفسهم. أما السبب في عدم تحقيقهم لأهدافهم أو في عدم ممارستهم نوع الحياة التي يرغبون فيها، فيعود -حسب زعمهم- لأن والديهم عاملوهم بطريقة معينة، أو بسبب عدم توفر الفرص أمامهم أثناء فترة شبابهم، أو بسبب عدم تلقيهم التعليم المناسب، أو لأنهم تقدموا في العمر، أو لأنهم ما زالوا حديثي السن. كل هذه الأعذار ما هي إلا ما يمكن أن نطلق عليه تعبير "أنظمة معتقدات"، وهي لا تمثل عوائق فقط تحد من الفرص المتوفرة لك في حياتك، بل إنها في الواقع أعذار مدمرة.
إن استخدام قوة القرار يعطيك القدرة على تجاوز أية أعذار تحول دون إجرائك تغييرات في أي جانب من جوانب حياتك في التو واللحظة، إذ يمكنها أن تبدل علاقاتك، وبيئة عملك، ومستوى لياقتك البدنية، ودخلك، وحالتك العاطفية. وهذه القوة هي التي ستقرر إن كنت سعيداً أم حزيناً، إن كنت محبطاً أم تنفجر حيوية ونشاطاً، تستعبدك الظروف أم تعبر عن حريتك. إنها مصدر التغيير في داخل أي فرد وعائلة ومجموعة ومجتمع، بل وفي عالمنا كله.
هناك ثلاث قرارات تتخذها في كل لحظة من حياتك تتحكم في مصيرك، وهذه القرارات هي التي تقرر ما ستلاحظه، وكيف تشعر، وماذا ستفعل، وفي المحصلة الأخيرة ما الذي ستساهم به في حياتك ومن ستصبح! فإن لم تسيطر على هذه القرارات الثلاثة فإنك في الواقع لن تتحكم في حياتك. أما إذا سيطرت عليها فإنك ستبدأ في تشكيل طراز لتجربتك في الحياة. والقرارات الثلاثة التي تسيطر على مصيرك هي :
1). قراراتك حول ما ستركز عليه.
2). قراراتك حول معنى الأشياء بالنسبة إليك.
3). قراراتك حول ما الذي ستفعله لتحقق النتائج التي تتوخاها.
لذلك عليك أن تدرك أنه إذا كان هناك من يستمتع بنجاح أكبر مما حققت في أي ميدان من الميادين فإنه إنما يتخذ هذه القرارات الثلاثة بطريقة مختلفة بمعنى ما أو بوضعية ما.
وهناك عائق يحول دون استخدام قدرتنا على اتخاذ القرار، وهو التغلب على مخاوفنا من اتخاذ القرار الخاطئ، ولا شك بأننا سنتخذ قرارات خاطئة في حياتنا، سنرتكب أخطاء حتماً، لكن تذكر بأن النجاح هو في الحقيقة نتيجة الحكم السليم، والحكم السليم هو نتيجة تجربة، والتجربة كثيراً ما تكون ناتجة عن حكم خاطئ!. فتلك التجارب التي تبدو ظاهرياً سيئة أو مؤلمة هي الأهم في بعض الأحيان، فالناس عادة يحتفلون حين ينجحون، أما حين يفشلون فإنهم يلجؤون إلى إعادة التفكير، ويبدؤون في اتخاذ قرارات جديدة من شأنها أن تعزز نوعية حياتهم، وعلينا أن نلتزم بالتعلم من أخطائنا بدلاً من أن نلطم وجوهنا، وإلا فإننا سنرتكب نفس الأخطاء في المستقبل ولا شك.
وهناك ستة مفاتيح سريعة تمكنك من التحكم في قدرتك على اتخاذ القرار، وهي القدرة التي تشكل خبرتك وتجربتك في الحياة في كل لحظة من لحظات حياتك :
1). تذكر القوة الحقيقية لاتخاذ القرارات.
2). عليك أن تدرك بأن أصعب خطوة على طريق تحقيق أي شيء هو الالتزام الحقيقي الصادق – اتخاذ قرار صادق.
3). اتخذ قرارات عديدة.
4). تعلم من قراراتك.
5). التزم بقراراتك ولكن احرص على المرونة في اتجاهك.
6). تمتع باتخاذ القرارات.
ولابد لك من أن تعرف بأن اتخاذك قراراً في أية لحظة قد يغير مسار حياتك إلى الأبد، فالشخص الذي يقف خلفك في الصف، أو ذلك الذي يجلس إلى جانبك في الطائرة، أو المكالمة الهاتفية التي تتلقاها أو تقوم بها، أو الفيلم التالي الذي تراه، أو الكتاب التالي الذي ستقرؤه، أو الصفحة التي تقلبها، قد يكون أي من هذه الأمور هو الشيء الذي يفتح الأبواب أمامك، وبالتالي ستنتظم كل الأمور التي كنت بانتظارها في المكان المناسب لها. وبرهن لنفسك أنك قررت الآن. اتخذ قراراً أو اثنين كنت تحاول إرجاءهما: قراراً سهلاً، وآخر أكثر صعوبة. اثبت لنفسك مالا تستطيع تحقيقه. افعل ذلك الآن، قف! اتخذ قراراً واضحاً واحداً على الأقل كنت ترجئه حتى الآن – واتخذ أي إجراء نحو تنفيذه – وتمسك به! وبعمل ذلك فإنك ستبني تلك العضلة التي ستمنحك الإرادة لتغيير مجمل حياتك.
ساحة النقاش