كيف نحول العمل إلى متعة؟؟ سؤال ما زال يطرح نفسه.. يمكن إجابته من عدة محاور وهذا ما حاوله "ريتشارد كارلسون" مؤلف كتاب "لا تهتم بالصغائر في العمل"، حيث حدد "كارلسون" محاور بعينها نحول بها عملنا إلى متعة وجهدنا إلى راحة وسعادة.
جاء على رأس هذه المحاور: الإيحاء للذات؛ فكثير من مشاكلنا تبدأ - ويمكن أن تنتهي - من داخلنا. أما المحور الثاني - وهو موضوع هذا المقال – فهو: الابتعاد عن المثالية الزائدة. نحن ننصح دائما بالتحلي بالأخلاق العظيمة، وإيثار الغير والبعد عن الأنانية والتعاون..الخ. ولكن يبالغ كثيرون منا في ذلك، فيحملون أنفسهم فوق طاقتها، وهو ما لا ندعو إليه بالمرة.
كونك إنسانا يعني بالتبعية أنك معرض للخطأ. فنحن لسنا من الأنبياء المعصومين ولا من الملائكة المنزهين. ولكن كثيرين منا ينسون هذه الحقيقة، ويعاقبون أنفسهم أشد العقاب كلما أخطؤوا، وهو أمر متكرر الحدوث بالطبع. وفي مجال العمل بوجه خاص يعتبر الخطأ وارد بشكل مؤكد. فالأمر فيه كثير من التجارب والمحاولات والتحديث، وكلها أمور ذات نتائج غير مؤكدة النجاح.
- لا تبالغ في التمسك بالمواعيد:
من أثقل ضغوط العمل التي نتعرض لها مواعيد التسليم أو الانتهاء من المشروعات، أياً كان نوعها. والالتزام أمر جميل ومطلوب. أما أن يتحول إلى عبء إضافي عليك، فليس بالأمر المطلوب على الإطلاق. ومن أكبر مضيعات وقت من يدمنون عادة التسليم في الموعد المحدد بشكل مرضي، هو التفكير في كيفية تسليم الأعمال المطلوب إنجازها، ومتى…. وهكذا. ولو أنهم لم يفكروا بهذا الأمر بتلك الكثافة لأمكنهم إنجاز المطلوب منهم في الموعد المحدد فعلا. والأهم من ذلك هو أنهم يصابون بالتوتر والعصبية في سبيل الالتزام بالموعد، مما قد يؤثر على علاقاتهم بالغير، ويؤثر حتى على جودة العمل المطلوب تسليمه.
- لا تلتزم بقاعدة 20/80:
تبعا لهذه القاعدة ينجز 20% من الأشخاص 80% من المهام. فإذا كنت من المؤمنين بهذه القاعدة، فستجد أنك تحمل نفسك فوق طاقتها، لأن الإنسان عادة ما يوقن بأنه من الـ20% المقدر لهم تحقق الإنجازات على يديهم. فأنت لن تعتمد على الزملاء مثلا في إنهاء العمل على الوجه المطلوب أو في الوقت المطلوب. لكنك ستتحمل كل شيء في صمت واستسلام، إيمانا منك بأنك من الـ20% المختارين لهذه المهمة. والحقيقة أن هذه القاعدة يمكن أن يقال بشأنها تعليقان: الأول أنها متشائمة بعض الشيء. والثاني أنها بعيدة عن الواقع تماما. فالاعتماد على الآخرين ليس أمرا معيبا. ومجموعات العمل أثبتت أنها من أفضل أساليب الإنجاز، سواء من حيث السرعة أو الأداء أو كم الإنتاج. فلا تتوقع الإنجاز من نفسك فقط، لأنك بذلك توتر أعصابك وتفسد على نفسك متعة العمل. إنما كن واقعيا، وارسم خريطة لتوقعاتك من الآخرين. وإذا استلزم الأمر، غير القاعدة، واضعا النسب الصحيحة التي تستقيها من الواقع.
- توقف عن حسبان كل الأمور:
وهي من أسوأ عادات العمل. فكثيرا ما نسمع من موظف ما مقولة: "إن مديري يستفيد مني أكثر بكثير من الراتب الذي يمنحني إياه". فإذا كنت من هؤلاء، فقد وضعت نفسك في صراع. فأنت تظن أنك تذهب للعمل لكي تستغل من صاحب العمل لأقصى درجة، وأنه هو بدوره يقوم بنفس الشيء. وأن الفائز منكما هو من يخدع الآخر ويستغله بشكل أكثر دهاء. ومعنى ذلك أنك تؤمن أنه لا يوجد في العمل مجال لفوز الجميع. بل إن الفوز دائما يتحقق دائما لطرف على حساب الآخر. وهذا النوع من التفكير لا يناسب مجال العمل بالمرة. فأنت وصاحب العمل شريكان يعملان معا من أجل نجاح المؤسسة. أما حسابات المكسب والخسارة فيجب أن تقتصر على أداء الشركة، وليس على حسابات شخصية بينكما. فبجانب سوء العلاقة بينكما وعدم إنتاجيتك في العمل، يؤدي ذلك الموقف إلى توتر أعصابك طوال الوقت، لمجرد تذكر العمل والزملاء. فهوِّن على نفسك ولا تحسب كل كبيرة وصغيرة، ولا تذهب لعملك حاسباً المكسب والخسارة. فليس هكذا تسير الأمور.
- ما الذي يخيفك؟!.
الإجابات الشائعة على هكذا سؤال قد تكون الخوف من الطيران أو الظلام أو الأماكن المرتفعة أو الثعابين أو الرقم 13 ..الخ. ولحسن الحظ فإن هذه الأنواع من المخاوف لا تستطيع أن تؤثر في حياتك أو مستقبلك. ويمكن التغلب عليها باتباع الخطوات الصحيحة. وتوجد مخاوف أخرى بداخلك وغالباً لا تكون مدركاً لها، تؤثر على حياتك وتحول دون تحقيق طموحاتك وتجذبك دائماً للخلف، والتغلب عليها أمر أساسي من أجل الارتقاء على سلم النجاح والتطور، وفي التالي المخاوف الخمسة الأبرز:
(1). الخوف من التغيير :
الغالبية العظمى من الناس تحب الراحة وترغب في أن تبقى الأمور على ما هي عليه، وخصوصاً مع وجود قاعدة تقول أن "الإنسان عدو ما يجهل" وبمعنى آخر، إن كانت الأمور جيدة، فلماذا أغيرها ... حسناً ... سيكون لديك الحق ان كانت حياتك تسير كما تحب، أما إذا أردت أن تتقدم فستحتاج إلى التغيير، لأنك إن بقيت في مكانك ستجد الدنيا والأشخاص من حولك يتقدمون، بينما أنت ثابت في موقعك، وهذا معناه التأخر أو السير للخلف. وإن أردت أن تكون حياتك أفضل مما هي عليه الآن، فستحتاج حتماً للتغيير سواء كان تغييراً في طريقة التفكير أو في العادات ويجب ألا تخاف من ذلك.
(2). الخوف من الفشل :
وهذا الخوف أحد أهم الأسباب التي تمنعك من الإقدام على خطوات جديدة، وذلك قد يكون بسبب اعتقادك بأنك غير مؤهل أو ليس لديك المهارات والمعرفة اللازمة، أو بسبب تجارب سلبية حدثت في الماضي، ويساعدك على ذلك تلك المعتقدات التي ترسخت في عقلك الباطن منذ الطفولة والتي تقدم لك الكثير من المبررات والأعذار لعدم التقدم مثل "ارضَ بالنصيب" وغيرها. لذلك فأنت بحاجة دائماً إلى العودة إلى مخزون إنجازاتك ومهاراتك وحجم معلوماتك لتكتسب المزيد من الثقة بالنفس وتتجاوز مخاوف الفشل، كذلك ينبغي لك اتباع بعض العادات الجديدة مثل التحدث للنفس بصوت مرتفع وتوجيه اللوم أو المدح في حالة الخطأ أو الإنجاز وكذلك التعود على مكافأة نفسك عند كل نجاح تحققه.
(3). الخوف من الرفض :
كل إنسان يريد أن يشعر بأنه محبوب ومقبول ويحظى باهتمام الآخرين، لذلك فمعظم الناس يفضل أن يسير ضمن المنظومة مع التيار بأن يقول ما يقوله الناس ويفعل ما يفعلونه، وقليلون هم الذين لديهم الاستعداد للوقوف بمفردهم ومجابهة رفض أو استغراب الآخرين. وعموماً الرفض لن يأتيك من الذين تحترمهم وتعجب بهم لكن سيأتيك من الذين يخافون أو يغيرون من نجاحك.
(4). الخوف من النجاح :
قد يكون هذا غريباً لكن يحدث، فالكثير من الناس يعتقدون أن النجاح يعني مزيداً من المسؤوليات وأنه سيأخذهم بعيداً عن الأشياء والأشخاص الذين اعتادوا عليها، لدرجة أن الكثير من الناس حينما يقتربون من النجاح أو من تحقيق إنجاز مهم تجدهم يترددون ويهابون تحقيق الإنجاز لا لشيء إلا لأنهم مبرمجون على أنهم غير مؤهلين للنجاح أو أن النجاح لغيرهم وليس لهم حتى أنهم قد يضعون أمام أنفسهم العراقيل ويقدمون المبررات والأعذار لكي يتراجعوا في اللحظة الأخيرة.
(5). الخوف من نفسك :
إنه الصراع الأزلي بين ما تشعر به في نفسك وبين ما نشأت عليه وأخبروك به، وفي النهاية غالباً ينتصر ما زرعوه بداخلك من مخاوف وإحباط، في حين أنك لو وضعت ثقتك في نفسك وفي قدراتك وعملت على تطوير مهاراتك ومعلوماتك فإنك ستفعل الكثير، لأنه ببساطة أنت الوحيد القادر على تغيير نفسك. لذلك كن صادقاً وأميناً وتحلى بالأخلاق العالية وضع ثقتك في نفسك ونمي مهاراتك وافعل ما تعتقد أنه صواب وكن نفسك ولا تعيش تحت عباءة شخص آخر.
ساحة النقاش