قبل تقديم ورقة للنشر في مجلة علمية، ينبغي أن تضع في اعتبارك عاملين اثنين: الأول هو الحاجة إلى التأكد من امتلاكك رسالةً واضحة ومنطقية؛ والثاني هو تنسيق ورقتك بالتنسيق الصحيح للمجلة التي تنتوي أن تتقدّم بالورقة إليها. بيد أن أول هذين العاملين هو أكثرهما أهمية. فمهما كان التنسيق مُعتنى به وجميلاً، فلن يتم نشر الورقة ما لم تكن استنتاجات واضحة وسليمة ( يسعد محررو المجلات الشهيرة دائما بتقديم النصح للباحثين الذين يرون أن استنتاجاتهم العلمية تستحق النشر، لكنهم يجدون صعوبة في عرض هذه الاستنتاجات بلغة أجنبية، على سبيل المثال).
ولذلك، تأكد قبل تقديم ورقتك، من امتلاكك لموضوع مهم وجدير بالنشر. ولمعرفة ذلك، عليك مناقشة نتائج أبحاثك مع غيرك من العاملين في هذا المجال، سواء في المؤسسة التي تعمل بها أو في غيرها. وأفضل طريقة للقيام بذلك هي عرض نتائج أبحاثك في الملتقيات العلمية -إذا أمكنك الوصول إليها. وهناك استراتيجية إضافية (أو بديلة)، تتمثل في الانضمام إلى إحدى قوائم البريد الإلكتروني ذات الصلة الوثيقة بمجال عملك، ومن ثم استخدامها في الحصول على تعليقات زملائك حول خططك البحثية، وفي التعرف على نتائج أبحاث المتخصصين الآخرين في هذا المجال.
ناقش أفكارك حول الورقة المقترحة مع الزملاء الذين تحترم أبحاثهم وتُعجب بها. وقد يكون من الملائم إرسال ملخص موجز لورقتك إلى واحد أو اثنين من كبار العلماء، وأن تطلب منهم تزويدك ببعض التعليقات غير الرسمية حول ما إن كان الموضوع يستحق أن تكتب عنه ورقة كاملة، أو ما إذا كان يتوجب عليك القيام بمزيد من العمل أولا (وإذا كان الأمر كذلك، ما هو؟).
استخدم شبكة الإنترنت والبريد الإلكتروني إذا لم تتمكن من التحدّث إلى الناس مباشرة في الملتقيات. وإذا كان بوسعك مناقشة أبحاثك عن طريق الهاتف، فافعل ذلك؛ لكن عليك أولاً أن تُرسل للمتلقي ملخص ورقتك المقترحة أو مسودتها، بحيث يكون لديك شيء ملموس تناقشه معه.
🔸كتابة المسودة
عندما تتأكد من استعدادك لكتابة الورقة، ابدأ بإعداد المسودة الأولى، بما في ذلك الأشكال التوضيحية، ومن ثم تكرار عملية التشاور. وعند هذه المرحلة، اسأل الزملاء عن المجلة التي يرون أنها الأنسب لنشر بحثك . وعندما تشعر بأن لديك استنتاجا متينا يمكنك طرحه، ستحتاج إلى إعداد المسودة النهائية لورقتك (انظر دليل "كيف تكتب ورقة علمية") بالصيغة الملائمة للمجلة التي تنوي أن تقدم ورقتك إليها.
أثناء اختيارك للمجلة، يجب أن تضع في اعتبارك النصائح التي تلقيتها من المتخصصين الآخرين في المجال العلمي المعني (والذين قد يعمل بعضهم محررين أكاديميين أو محكمين لدى تلك المجلات، وبالتالي يمتلكون خبرة في تحديد أنسب المجلات لنشر بحثك). وعليك أيضا أن تكون مُطلعا على المجلات التي تقوم بنشر مقالات مشابهة لورقتك ، وعلى دراية بما إذا كانت المجلة التي اخترتها لديها أية قواعد تزيد من سهولة -أو صعوبة- تقديم ورقتك للنشر فيها.
وعلى سبيل المثال، تفرض بعض المجلات رسومًا على النشر (برغم أن العديد منها لا تفعل ذلك)، التي تتراوح عادة بين 50-100 دولار أمريكي للصفحة، لكنها تتباين بصورة كبيرة. تقوم بعض المجلات بذكر رسوم النشر التي تتقاضاها في تعليماتها للباحثين. وإذا لم يكن بوسع مؤسستك دفع هذه الرسوم، فعليك أن تسأل المجلة -قبل أن تتقدم بورقتك إليها- عما إذا كان بالإمكان أن تعفيك من دفع الرسوم- وهو ما تفعله العديد من المجلات في مثل هذه الظروف.
هناك عامل آخر عليك أخذه بعين الاعتبار، وهو أنه برغم أن بعض المجلات تسمح بتقديم الأوراق إلكترونيًّا عن طريق الإنترنت أو عن طريق البريد الإلكتروني، فإن البعض الآخر لا يسمح إلا بتقديم "نسخة مطبوعة" من الورقة عن طريق البريد العادي. قد يؤثر هذا الأمر على قرارك المتعلق باختيار المجلة التي ستعرض ورقتك عليها.
تمتلك معظم المجلات أو ناشروها (إحدى الجمعيات العلمية، على سبيل المثال) مواقع إلكترونية تحتوي على معلومات من شأنها أن تساعدك على اتخاذ هذا القرار. وبدلا من ذلك، بوسعك إلقاء نظرة على المجلة التي تختارها في مكتبة المؤسسة التي تعمل بها.
🔸اتّبع الأدلة الإرشادية
قبل أن تقدم ورقتك للنشر، تأكد من القراءة المتأنية لسياسة المجلة التحريرية، والأدلة الإرشادية التي وضعتها للباحثين، وأية معلومات أخرى ذات صلة- مثل وجود باحثين في نفس تخصصك العلمي ضمن هيئة التحرير. عادة ما تكون إرشادات الباحثين من هذا النوع متاحة على الأقسام "المجانية" من مواقع تلك المجلات، حتى لو لم يكن محتوى المجلة متاحا إلا للمشتركين. ولكن إذا لم تكن مكتبة مؤسستك مشتركة في المجلة التي اخترتها، وكان لهذه المجلة نسخة إلكترونية منشورة على الإنترنت، يجدر بك إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى المجلة تُخبر المحررين فيها بأنك تعتزم تقديم ورقة، وأن تطلب من المجلة أن تتيح لك وصولا مجانيا لمحتوياتها عبر الإنترنت لفترة محدودة. ومن شأن هذا أن يسمح لك بإلقاء نظرة على مستوى وصياغة المقالات المنشورة، وهي معلومات ستفيدك عند إعداد النسخة النهائية من ورقتك.
🔸تقديم ورقتك
فور الانتهاء من قراءة إرشادات الباحثين الخاصة بالمجلة، ومن ثم إعداد ورقتك ، يجب عليك تقديمها وفقا لتعليمات المجلة المعنية. تمتلك المجلات المختلفة قواعد مختلفة حول عدد النسخ المطلوب تقديمها من المقالات، وكيفية إعداد الأشكال التوضيحية والجداول، وما إن كان عليك تضمين مزيد من المعلومات بالإضافة إلى ورقتك، وما إن كان يتوجب على جميع الباحثين أن يوقّعوا على خطاب التقديم (المعروف باسم "رسالة التعريف") أم أن واحدا منهم يكفي، وهلم جرا.
عند إرسال ورقتك ، يجب أن تحتوي رسالة التعريف على:
- اسمك وعنوانك، ورقم الهاتف والفاكس وعنوان البريد الإلكتروني؛
- بيانات الاتصال البديلة إذا كنت ستغيب عن عنوانك لأية فترة زمنية؛
- بيان موجز، في جملة أو اثنتين، عن سبب اعتقادك بأهمية الورقة ولماذا يجب على المجلة نشرها (بعبارة أخرى، اذكر الاستنتاجات الرئيسة للورقة)؛
- أسماء الأشخاص العاملين في نفس التخصص، والذين قاموا بالتعليق على الورقة، وخصوصًا إذا كانوا أفرادا من ذوي المكانة العالية في المجال و/ أو إذا كانوا ضمن أعضاء هيئة تحرير المجلة؛
- اقتراح اسم باحث معين تود أن يقوم بتحكيم الورقة (برغم أنك يجب أن تكون على ثقة من أن هذا الشخص مستقل، وبعبارة أخرى ألا يكون من العاملين معك أو لديه أي سبب آخر ليتحيّز لجانبك)؛
- بيانات أي شخص لا تود أن يقوم بمراجعة ورقتك لأنك تعتقد أن تقييمه لن يكون موضوعيًّا؛
- أية تفاصيل أخرى ترى أنها ذات صلة.
من المهم أن تكون رسالة التعريف هذه قصيرة قدر الإمكان، فمن المرجّح أن المحرر الذي سيقرأها يتلقى العديد من البحوث، وبالتالي سيجد أنه من الأسهل تقييم ورقتك إذا كنت بارعًا في الإيجاز.
🔸الاستجابة لرد المجلة
عند تقديم ورقتك، من المرجّح أن تُخطرك المجلة باستلامها. وإذا لم تتلق أي رد من المجلة خلال بضعة أسابيع، عليك إرسال رسالة قصيرة بالبريد الإلكتروني إلى المحرر تطلب فيها إقرارا باستلام ورقتك، ورقمها المرجعي، واسم المحرر المسؤول عنها. استخدم هذا الرقم المرجعي في أية استفسارات لاحقة. عادة ما توفر المجلات عنوانا للبريد إلكتروني في قائمة محرريها (تُعرف باسم "الترويسة")، والتي تُنشر في كل عدد، عادة على الصفحة الأمامية أو الخلفية.
عندما تنتهي المجلة من تقييم ورقتك (عادة بمساعدة المحكّمين، الذين هم علماء مستقلون في مجال تخصص المجلة، والذين يتم اختيارهم من قبل المحررين)، سيقوم المحرر بالكتابة إليك لإبلاغك بالقرار الذي تم اتخاذه حول نشر ورقتك، مع إرفاق تقارير المحكّمين.
في بعض الأحيان، تكون رسالة المحرر واضحة، يُرشدك فيها بوضوح إلى كيفية تنقيح ورقتك لإعادة تقديمها. وإذا كانت الرسالة غير واضحة، قُم بالرد على المحرر (عن طريق البريد الإلكتروني) موضحا له أنك لم تفهم فحوى رسالته، واطلب منه تفسيرا- على سبيل المثال، إذا كان من الصعب عليك فهم تعليقات المحكّمين، أو إذا لم تكن متأكدا مما يعنيه المحرر في إرشاداته لتنقيح الورقة.
🔸ماذا تفعل إذا رُفضت ورقتك؟
إذا رفضت إحدى المجلات نشر ورقتك، يُستحسن عادة أن تناقش هذا القرار مع أحد الزملاء العاملين في المجال، وأن تُطلعه على تقارير المحكّمين ورسالة المحرر، قبل أن تقوم بأي إجراء. قد يستحق الأمر أن تطعن في القرار، أو قد يكون من الأفضل أن تقدم ورقتك للنشر في مجلة أخرى. وإذا قررت الطعن في قرار المجلة، فعليك إرسال رسالة تشرح فيها موقفك، مع الاقتصار على توضيح النقاط العلمية (على سبيل المثال، تلك الأجزاء من استنتاجاتك التي أسيء فهمها، أو لم تنل حقها من التقدير). لا تقم بإرسال رسائل غاضبة أو مسيئة، فهذا لن يفيد موقفك.
🔸ما يتوجب القيام به في حال قبول الورقة
في حال قبول الورقة للنشر، اسأل المحرر على الفور، وبالتأكيد قبل نشر الورقة، عن سياسة المجلة المعنية بحق النشر وإعادة الطبع، وعما إذا كانت هناك شروط أخرى للنشر. قد تزودك المجلة بعدد من النسخ مجانا إذا لم يكن لديك ما يكفي لدفع ثمنها. ولكن من المهم أن نسأل عن هذا قبل نشر ورقتك، فقد لا تستطيع المجلة تزويدك بنسخ مجانية بعد النشر، إذا كان إنتاجها أكثر تكلفة بكثير من النسخ التي تُطبع في وقت نشر ورقتك. وبدلا من ذلك، فقد تكون مجلة مستعدة للتنازل عن القيود المعيارية التي تفرضها بشأن حقوق الطبع والنشر. لكنك ستحتاج على الأرجح إلى طلب مثل هذه التنازلات، شارحا ظروفك.
عندما يتم إبلاغك بموعد نشر ورقتك، أخبر مؤسستك بحيث يمكنها إدراج هذه المعلومات في تقريرها السنوي أو غيره من الوثائق التي تروّج فيها لأبحاثها.
وأخيرا، تذكّر أن تتقدم بالشكر شخصيا لكل من ساعد في إعداد ورقتك، وإبلاغهم بأنه سيتم نشرها، وباسم المجلة التي ستُنشر فيها.