أن يكون المرء باحثاً يعني أن يكون منتجاً للعلم في حقل تخصصه. بمعنى آخر، أن يكون مبدعاً يضيف الجديد والمفيد. وبالتالي فالباحث ليس الضليع المتبحر في تخصصه، وحسب. وليس هو من تخرج بمعدلٍ عالٍ، وكفى. وليس قارئاً نهماً أو مثقفاً يعرف شيئاً عن كل شيء، وكل شيء عن شيء، ويقف. فكل هؤلاء هم مستهلكون للعلم أو مخزنون له.
الباحث الحقيقي الذي يستحق هذا اللقب هو شخص يتمتع بصفات كل هؤلاء مضافاً إليها صفة الإبداع العلمي في حقل معين. وفرق كبير بين الثلاجة التي نخزن فيها الفاكهة، والشجرة التي تثمر بها، وبين النملة جامعة الحَب، والنحلة جامعة الرحيق صانعة العسل.
لابد أن تتحلى أو تدرّب نفسك لتتحلى بخصالٍ ومهارات عدة.
أولاً: أخلاق الباحث :
أ- الأمانة العلمية:
وأهم ما فيها:
- ألا تنسب لنفسك ما هو لغيرك. ومن هنا نرى أهمية الإحالة إلى المراجع التي استندت إليها.
- أن تقتبس من غيرك تماما كما هي مقاصد الكاتب بلا تحوير أو تبديل أو إضافة أو إنقاص من حيث المعنى إذا كنت تعيد صياغة ما اقتبسته بأسلوبك. وأيضا بلا اجتزاء أو إضافة أو إنقاص من كلامه يؤدي إلى تبديل ما يرمي إليه حقيقة، إن كنت تقتبس اقتباسا مباشرا.
ب- الموضوعية:لا بدّ أن تتجرد عن أهوائك الشخصية وتذكر وجهات النظر جميعها.
ج- المصداقية: لا بدّ أن تكتب ما تراه صحيحاً من خلال تجاربك أو استباناتك أو بحثك، وحسب.
د- التواضع: أن تحترم وجهات نظر غيرك من الباحثين وتنسب الفضل لأهله. واحذر من التعالي والتكبر.
ثانياً: صفات شخصية البا حث:
أ- عشق العلم والتعلم والتعليم.
فالباحث الناجح يعد نفسه دائما طالب علم يتعلم باستمرار ولا يضن بتعليم غيره.
ب- الصبر والتأني والهدوء.
الباحث لا يمل ولا يتسرع؛ وإلا فلن يصل إلى شيء ذي قيمة.
ج- التفكير الناقد:
الباحث لا ينبهر بكل ما يقرأ أو يرى. هو يتفحص ويختبر ويدقق وينقد بموضوعية.
د- التفكير الإبداعي "الجانبي" الخلاق:
الباحث الناجح لا يفكر بطريقة رتيبة اعتيادية، بل بطريقة خارجة عن المألوف. وهذا ما يدعى التفكير خارج الصندوق.
ه- التفكير المنطقي "المتسلسل":
يمتاز الباحث بمقدرات على الاستقراء والاستنتاج والتحليل والتركيب والحدس وقوة الذاكرة. وحتى هذه المهارات العقلية يمكن صقلها وتنميتها.
ثالثاً: مهارات الباحث :
أ- إتقان مناهح البحث العلمي في حقله، والتمكن من طرق البحث وأدواته.
ب- إتقان اللغة الإنجليزية:
الباحث ليس ناجحاً إن كان لا يستطيع أن يقرأ إلا بلغته الأم. لأنه سيحرم نفسه من الكثير الذي لم يترجم؛ فقرابة 80% من العلوم منشور باللغة الإنجليزية.
ج- إتقان لغته الأم:
تخيل باحثاً لا يجيد الكتابة والكلام بلغته الام بصورة صحيحة. كم سيخسر من أسهمه في أعين الناس، مهما كان مخضرماً في تخصصه.
د- إجادة ما يتصل بتخصصه من علوم متداخلة أو مساعدة أو تقنية تعتمد عليها أبحاثه.
ه- إجادة الكتابة الأكاديمية ومهاراتها مثل إعادة الصياغة والتوثيق وتجنب الانتحال... والتزام معاييرها.
و- الاطلاع المتواصل: الباحث الناجح يطلع على آخر مستجدات تخصصه وأبحاث غيره. ويتابع أهم المجلات العلمية في تخصصه.
ي- النشر العلمي: لا يمكن تخيل باحث لا ينشر بحوثا في مجلات محكمة، وإلا فتعريفه لنفسه أنه باحث ليس إلا تبجح فارغ!
ويبقى دليل نجاح الباحث هو ما ينشره من بحوث أو كتب وما يضيفه من جديد ومفيد في مجاله.