المدونة الخاصة ب د/ رشــا محمد بهنســى عمر

أستاذ التغذيه وعلوم الأطعمة المساعد

الجزء الأول أكتب هذه الذكريات من وحي منشور كتبته الصديقة العزيزة الكاتبة الصحفية والأديبة المتميزة Somaia Abd Elmonem عن لماذا لا يتوفر لدينا حكاءاً من الرجال وأن معظم الحكايات والقصص كانت ترويها لنا الأمهات والجدات ..كتبت تعليقاً على المنشور عن أبي رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه أعلى درجات الجنة ..حيث كان أبي حكاءاً عظيماً يمتلك أسلوباً ساحراً في السرد كذلك كان خفيف الظل يمتلك روح الدعابة ولا يمكن الشعور معه بالملل ابداً ..أوحت لي صديقتي سمية بأن أكتب عن ذكرياتي مع أبي ولعلي كنت انتظر هذه الفرصة ..فكرت كثيرا في السابق أن أكتب عن أبي ولكني تحيرت من أين أبدأ ..أبي شخصية ثرية جدا ..حصل أبي على الثانوية العامة ثم التحق بالكلية الفنية العسكرية وأصيب بكسر في الساق أثناء تواجده فيها تسبب في خروجه منها و التحاقه بكلية العلوم جامعة طنطا وتخرج فيها من قسم الكيمياء عام ١٩٧٦ بتقدير جيد جدا ..عمل معلما للكيمياء ثم ترقى في الوظائف الإدارية من مدرس أول ثم وكيل مدرسة ..مدير مدرسة ..موجه ..موجه أول الكيمياء حتى وفاته عن عمر يناهز ٥٦ عام وذلك في عام ٢٠٠٩. وعلى قصر مدة بقاءه معنا في هذه الحياه..ككل الأخيار والطيبين الذين يرحلون سريعا ... إلا أن له عظيم الأثر في حياتنا أنا وأخوتي.كان أبي شخصية استثنائية بالنسبة لي كزوج وأب .أبي معلمي وملهمي الأول وصديقي المقرب منذ نعومة أظفاري..اتخذت علاقتي بأبي شكلا خاصا فأنا ابنته الكبرى وأميرته المدللة ..كثيراً ما كان أبي يسمع تعليقات بشأن اهتمامه واحتفاءه الكبيرين بي من المقربين له وأحيانا من إخوتي وكان دائما يردد ..رشا أول فرحتي وأول ما شافت عيني ..ذكرت لي أمي أنه منذ ميلادي وهو يشاركها في الاعتناء بي حيث كان يعود من عمله ويتولى الاعتناء بي ريثما تقوم هي أيضا بعد عودتها من العمل بمشاركة زوجات أعمامي في تدبير أعمال المنزل ..كنا نقطن بمنزل العائلة.. منزل ريفي ضخم لأسرة مركبة تشمل ثلاثة أجيال ..هو من اختار لي اسمي بمشاركة جدتى لشيوع الاسم آن ذاك بسبب أغنية شهيرة للمطرب محمد ثروت ..حبيبة بابا رشا ..وأنا في الثالثة من عمري أحضر عمي جهاز تسجيل صغير وأحضر أبي شريط كاسيت لأغاني محمد ثروت للأطفال حبيبة بابا رشا ..وجدو على ..ويا طيور النورس وغيرها لعلمه أني أحب هذه الأغاني وأشاهدها في التلفاز ..أذكر في سنوات عمري الأولى تشجيعه لي ومدحه في نباهتي وذكائي وقدرتي على الحفظ والفهم .. لم يكن أحد يسمع وقتها عن أساليب التربية الإيجابية .. كان أبي يطبقها معي ومع إخوتي بكل بساطة ..علمني الحروف والأرقام العربية وكذلك الإنجليزية وحفظت بعض سور القرآن في سن مبكرة جدا ..كنت ملازمة له معظم الوقت أذكر وانا في الرابعة من عمري اصطحابه لي داخل المنزل وخارجه ..لدرجة أنه كان يحملني أثناء تحضيره للدروس وكتابة عناصرها في دفتر التحضير الخاص به (كان أبي يمتلك خطاً غاية في الجمال والروعة مازلت احتفظ بأوراق مكتوبة بخط يده..لعلي ورثت منه جزء من جمال ذلك الخط) ..كان لأبي دراجة زرقاء اللون اشتراها ليستخدمها في الذهاب إلى المدرسة الثانوية في القرية المجاورة لقريتنا والتي كان يعمل بها معلما للكيمياء ..حيث لم تكن الطرق ممهدة ولم تكن وسائل المواصلات متوفرة آن ذاك ..وقد قام أبي بصناعة كرسي خشبي صغير ثبته في هيكل الدراجة ما بين الجادون وكرسي الدراجة حتى أتمكن من الجلوس عليه أثناء قيادته لها ..كان يصطحبني معه في كل مكان يتحدث معي كصديقة ويستمع لكلامي وحكاياتي ويجيب عن كل أسئلتي دون ملل كان لديّ فضول شديد وأكثر من الاستفسار عن أي شئ وكل شئ ..كان هادئاً صبورأً يسعد بكلامي ويعتبره ناجما عن الذكاء والفطنة ولعل حديثه معي في سن مبكرة أكسبني لباقة جعلتني واثقة من نفسي ولا أخشى الحديث مع من هم أكبر مني سناً ولا مواجهة الناس والتحدث إليهم ..جلعني ذلك أيضاً متميزة في الإذاعة المدرسية شاركت بها خلال مراحل التعليم من الابتدائي وحتى الثانوي ..كل معلومة تلقيتها عن أبي في طفولتي المبكرة مازلت أذكرها حتى الآن...كنا نعيش في منزل العائلة بصحبة جدي وجدتي رحمة الله عليهم وأعمامي وزوجاتهم وأبنائهم ...تجلت قدرة أبي على السرد حين كنا نجتمع في منزل العائلة بعد العشاء في ليالي الشتاء مع انقطاع الكهرباء وسهرنا على ضوء لمبات الجاز ونار ودفء الكوة (الراكية من الخشب وقوالح الذره)..كان قادراً على جمع أطفال العائلة حوله يروي لهم القصص والحكايات ويلقي على أسماعهم أسئلة على هيئة فوازير وألغاز في الرياضيات وغيرها وقد يكون اللغز عبارة عن قصة قصيرة ..جمعت القصص بين ذكرياته في الطفولة وأثناء سنوات دراسته وكفاحه خلال هذه السنوات...وقصص أخرى من التراث مثل على بابا والأربعين حرامي وغيرها الكثير.لازلت أذكر هذه الأيام وكأن الزمن قد توقف عندها ولم تمر السنوات..استعملت أنا نفس القصص والحكايات وقصصتها على أبنائي وإن كنت لا أملك نفس طريقته المميزة وخفة ظله.#للحديث_بقية

rashaomar

"إذا بلغت القمة فوجه نظرك إلى السفح لترى من عاونك فى الصعود إليها وانظر إلى السماء ليثبت الله أقدامك عليها".

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 27 أغسطس 2022 بواسطة rashaomar

د/ رشا محمد بهنسى عمر

rashaomar
أستاذ التغذيه وعلوم الأطعمه المساعد - كلية اقتصاد منزلى - جامعة الأزهر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

66,895

حياتى كلها لله

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

أيها الناس احتسبوا أعمالكم .. فإن من احتسب عمله .. كُتب له أجر عمله وأجر حسبته


سُئل الإمام أحمد :

متى يجد العبد طعم الراحة ؟

فقال : عند أول قدم يضعها في الجنة !!


قال مالك إبن دينار :

اتخذ طاعة الله تجارة تأتيك الارباح من غير بضاعة ..


قال وهيب بن الورد:

إن استطعـــت ألا يسبقـــك الى الله أحـــد فافعــــــل


قال عمر بن عبد العزيز :

إن الليل والنهار يعملان فيك

فاعمل أنت فيهما .


قال الزهري رحمه الله :

مــا عُـــبـِد الله بشيء أفضل من العلم