الوحدة العربية .. هل هي ممكنة ؟
1- مقدمة
الوحدة العربية عبارة تطرب الآذان الجاهلة عند سماعها وتتلذذ الألسنة الكافرة عند النطق بها، أما إذا تسائلنا عن أسمها الحقيقي فهو "القومية العربية"، ولكن دست تحت اسم منمق هو الوحدة العربية؛ وترجع الجذور التاريخية للقومية العربية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ دمشق وبيروت مقرا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس، فظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينية غير مسلمة وفي عدد محدود من أبناء المسلمين؛ ولم تصبح تيارا شعبيا عاما إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري جمال عبدالناصر.
2- التعريف:
لغة: هي صلة اجتماعية عاطفية تنشأ من الاشتراك في الوطن والجنس واللغة والمنافع، وقد تنتهي بالتضامن و التعاون إلى الوحدة. أما اصطلاحا: فهي حركة سياسية فكرية متعصبة، تدعوا إلى تمجيد العرب إقامة دولة موحدة لهم على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ لإحلالها محل رابطة الدين.
3- مقومات الوحدة العربية و الوحدة الأمريكية:
يرى دعاة الوحدة العربية أن أهم المقومات التي تقوم عليها هذه القومية هي (اللغة، الدم، التاريخ، الأرض، الآلام و الآمال المشتركة) أما الدين فإنه مستبعد من هذه المقومات، بل يحارب لأنه بضنهم يفرق العرب ولا يوحدهم.
إذا أردنا التحدث عن اتحاد الولايات المتحدة الأمريكية لرأينا أن المستعمرات البريطانية في أمريكا والبالغة 13 مستعمرة استطاعت سياساتها وتضافر جهودها ضد حكومة التاج البريطاني، إذ أنه نتيجة للاحتكارات الاستعمارية والتشريعات الصارمة انعقد أول مؤتمر لهذه المستعمرات وقادت حربا من إنجلترا، ورغم الفوارق الكبيرة بين هذه المستعمرات من حيث تباين الظروف الجغرافية واختلاف الأصول الاجتماعية وتغاير المورثات التاريخية خصوصا بين الشمال والجنوب، وجدت نفسها مضطرة أمام الخطر الاستعماري إلى التضامن فعقدت ميثاقا بينه نمى عنه اتحادا تعاهديا؛ وبعد انتهاء حرب الاستقلال برزت التيارات الانفصالية وازدادت حدة الخلافات بين الولايات، لكن إزاء تغلب التيارات الاتحادية وتنامي الشعور القوي بعد الاستقلال بضرورة تدعيم الروابط بينها وتوثيق الأواصر اجتمع ممثلو الولايات وبمقتضى هذا الاجتماع تحول الاتحاد التعاهدي إلى اتحاد فدرالي، واصبح عدد الولايات خمسين ولاية بحيث يكون للدولة الاتحادية وحدها ممارسة كافة مظاهر السيادة الخارجية والكثير من مظاهر السيادة الداخلية؛ ويلاحظ أنه في ظل هذا النظام تتمتع كل ولاية بقدر كبير من الاستقلال في ممارسة الشؤون الداخلية الخاصة بها ولكل منها دستورها الخاص.
و من نفس الطريق الذي قام عليه اتحاد الولايات المتحدة الأمريكية وهو الخطر الاستعماري البريطاني، فقد وضعت الدول العربية منذ زمن بعيد في نفس ذلك الوضع، حيث أنها في بادئ الأمر كانت أمام الخطر الاستعماري العسكري الذي تحول بعد ذلك أكبر وأعظم وهو استعمار الفكر.
4- النظرة الإسلامية إلى الوحدة العربية:
الدعوة إلى القومية العربية دعوة باطلة وذلك من عدة وجوه:-
الوجه الأول: ان هذه الدعوة تفرق بين المسلمين، إذ تقسم المسلمين إلى عرب وعجم، بل إنها تفرق بين العرب أنفسهم، فمن العرب منهم من يرضاها ومنهم من يمقتها، وكل فكرة تفرق بين المسلمين وتزعزع كيانهم وتجعلهم فرق وأحزاب هي بلا شك فكرة باطلة هدامة تخالف مقاصد الإسلام، وما يرمى إليه من وحدة الصف، فقد قال تعالى في كتابه العظيم ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ).
الوجه الثاني: أن الإسلام نهى عن دعوى الجاهلية وحذر منها، ولا ريب أن الدعوة إلى القومية من أمور الجاهلية لأنها دعوة إلى غير الإسلام ومناصرة لغير الحق.
الوجه الثالث: ومن الوجوه الدالة على بطلان الدعوة إلى القومية العربية هو أنها سلم إلى موالاة كفار العرب واتخاذهم بطانة والاستبصار بهم على أعداء القوميين من المسلمين وغيرهم ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ).
5- أسباب اهتمام الغربيون بدعوة العرب إلى الوحدة العربية
وما سبب عقد المؤرخ أرنولد تويمي هذه المقارنة وإمكانية الوحدة العربية؟
إنه ليس من الغريب أن يتردد نداء الدعوة إلى الوحدة العربية من قبل أعدائنا الغربيون، فقد فعلوا ذلك في القديم عندما دعو إلى القومية العربية على أيدي بعثات التبشير في سوريا ليفصلوا الترك عن العرب و ليفرقوا بين المسلمين؛ فهل هم يسعون لمصالحنا بارتيادهم هذه الدعوة؟ و ما المصلحة التي سوف يجنونها من ذلك؟ لماذا لم يدعوا الغربيين إلى الوحدة الإسلامية؟ ربما لأنهم يخافون من هذا التكتل الأكبر والأهم، ولذلك يحاولون تحفيز العرب إلى الوحدة العربية ليتمكنوا من شغلهم بها عن الإسلام وليقطعوا بها صلتهم بالله سبحانه وتعالى، لأنهم يعلمون أن ليس للمسلمين نصر إلا بتمسكهم بإسلامهم.
فعندما عقد المؤرخ أرنولد تويمي هذه المقارنة لم يضع الدين كعنصر من المقومات التي تقوم عليها الوحدة العربية، لكي يشجع العرب على هذه الوحدة عن طريق الإغرار بقوة الولايات المتحدة الأمريكية، راغبا في جعل الدول العربية صورة طبق الأصل منها، وبنفس الطريقة التي وصلت إليها و هي الكفر والإلحاد.
6- هل الوحدة ممكنة وهل هناك بدائل لها ؟
إن إمكانية الوحدة العربية مستحيلة، إذ أن قيام هذه الوحدة يعني وجود عرب يهود، وعرب نصارى، وعرب مجوس، وعرب ملاحده يشاركون العرب المسلمين، فكيف ننادي بالوحدة لكي نناصر الاستعمار بجميع أشكاله. فهل هناك بدائل للوحدة العربية؟ نقول أن الدين الإسلامي قد نزل بلسان عربي وهذا ما يجعل كل مسلم عربي، لأنه يحفظ مبادئ وأصول دينه بالعربية المتجسدة في كتاب الله، ولكن ليس فقط عربي مسلم.
وبالتالي فإن البديل يكون الوحدة الإسلامية، لأن مقومات هذه الوحدة أقوى وأبقى خصوصا إذا ما علمنا أن تلك المقومات ترتكز على كتاب الله وسنة نبيه، قال تعالى (إن هذه أمتكم أمة واحدة أنا ربكم فاعبدون)؛ فإن الوحدة الإسلامية ليست مجرد حلم صعب المنال بل هي حقيقة نستطيع أن نحققها إذا تمسكنا بديننا الإسلامي الحنيف وسنة نبينا وجعلنا العدل أساس مجتمعنا.
المصدر: موقع اعرف الاسلام
نشرت فى 25 مايو 2011
بواسطة ramadan2012
يارب
الى كل من يعجبه الموقع ومحتوياته عليه مراسلتى على الايميل التالى:
[email protected]
ملأ الله قلبك بالانوار
وحفظك من الاخطار
واسعدك ما دام الليل والنهار
[email protected]
ملأ الله قلبك بالانوار
وحفظك من الاخطار
واسعدك ما دام الليل والنهار
وجعل حياتك حياه الصالحين الابرار
ساحة النقاش