authentication required

طريقة دخول وتضاعف الفيروس داخل خلايا النبات

 

أولاً - عدوى النباتات بالفيروسات:


       العدوى هي دخول الفيروس إلى خلية النبات العائل والتضاعف فيها لانتاج جيل جديد من الفيروسات التي قد تبقى في الخلية او تنتقل الى الخلايا الاخرى وان مجرد دخول الفيروس الى الخلية لايعني العدوى الكاملة. وتختلف طبيعة الفيروسات في تكاثرها عن الميكروبات الخلوية التي تتضاعف بانقسام الخلية الناضجة. فمثلاً خلايا البكتريا تكون عادة كاملة في جميع مراحل انقسامها من حيث شكلها وحيويتها بينما نجد الحالة تختلف بالنسبة للفيروسات، حيث انها بعد دخولها إلى خلية العائل تتجزأ كلياً أو جزئياً إلى مكوناتها الأساسية وهي الحامض النووي والبروتين ثم تترجم العوامل الوراثية للفيروس بواسطة جهاز الترجمة الخاص بخلية العائل إلى بروتينات جديدة تتضمنها الانزيمات الضرورية لتضاعف الفيروس. ومن ثم يتم تصنيع الحامض النووي الخاص بالفيروس، ويتحد البروتين الخاص بغلاف الفيروس مع الحامض النووي مكوناً فيروسات جديدة.


       لقد كانت دراسة تضاعف فيروسات النبات حتى وقت قريب تجري على اوراق النبات الملقح (المعدى) ميكانيكياً، أو سلخات من بشرة الأوراق، أو أقراص تقطع من الأوراق، أو حتى اوراق منفصلة عن النبات. إلا أن كفاءة هذه الدراسات من حيث دقة النتائج والمعلومات التي توفرها كانت ضعيفة. ومن العوامل التي كانت السبب في عدم دقة هذه الدراسات نذكر مايلي:

 1- إن عدد الخلايا التي تحدث فيها العدوى أثناء التلقيح الميكانيكي في الدراسات أعلاه لايتعدى 0.01% من مجموع خلايا الورقة أو النسيج الملقح. ومن هذه الخلايا تنتشر الاصابة أو العدوى إلى الخلايا الاخرى.


 2- للحصول على عدوى خلية واحدة في نسيج الورقة بواسطة التلقيح الميكانيكي، يجب أن يحتوي اللقاح المستخدم على 100.000 جزئ  فيروس فعالة على الأقل للخلية الواحدة وحيث أن العدوى لاتحتاج إلا لجزئ واحدة من الفيروس، فأن البقية الباقية من اللقاح تبقى على سطح النسيج الملقح ولتعذر إزالة هذا اللقاح المتبقي على سطح النسيج فانه يؤثر تاثيراً سلبياً على الدراسات التى تجرى على متابعة العمليات أو الخطوات الاولية للعدوى في النبات لذا فإن التفاصيل الدقيقة لعملية تضاعف فيروسات النبات داخل الخلايا المصابة غير معروفة رغم مرور اكثر من ثمانون عاماً على إكتشاف اول فيروس عام 1886م من قبل ماير. بينما نجد هذه التفاصيل أكثر وضوحاً بالنسبة للفيروسات التي تصيب البكتريا Bacteriophage والفيروسات التي تصيب الفقاريات. والسبب في ذلك بالاضافة إلى العوامل التي سبق ذكرها هو صعوبة التعامل مع خلايا النبات مقارنة بخلايا البكتريا وخلايا الفقاريات. إلا أن الصورة بدأت تتغير في الآونة الاخيرة حيث تمكن العديد من الباحثين من تربية أو زرع فيروسات النبات في بروتوبلاست خلايا بعض النباتات،أو خلايا الكالوس المزروعة في بيئة غذائية(Separated  leaf cells) أو في خلايا منفصلة من الاوراق ومزروعة في بيئة غذائية أو في خلايا الحشرات الناقلة للقيروسات وتدل النتائج لهذه الدراسات بان عملية عدوى هذه الخلايا أاكثر كفاءة بكثير من عملية عدوى الورقة الكاملة على النبات حيث وجد بأنه 50% - 90% من الخلايا الملقحة تنجح فيها العدوى، كما وجد بأن تركيز فيروس موزاييك التبغ (الدخان) في البروتوبلاست الواحد يصل إلى مليون جزئ  خلال 24 ساعة بدرجة حرارة 35°م ويؤمل أن تؤدي هذه التطورات إلى كشف النقاب عما لايزال مجهولاً في سلسلة الاحداث التي تؤدي إلى عملية عدوى النبات بالفيروسات. ومع ذلك فأن المعلومات المتوفرة في الوقت الحاضر تشير إلى أن عملية تضاعف الفيروسات في النبات قد لاتختلف عما هي عليه بالنسبة لفيروسات البكتريا والحيوان.

ثانياً - دخول الفيروس إلى الخلية:


في الطبيعة تدخل الفيروسات إلى الخلية من خلال جروح دقيقة تحدث إما بواسطة الكائنات الناقلة للفيروسات مثل الحشرات ، النيماتودا، أو الفطريات أو عن طريق الاحتكاك الذي يحدث بين النباتات المصابة والسليمة بسبب الرياح أو مرور الانسان أو الحيوانات من خلال الحقل. ومن المعروف أن العدوى لاتحدث عند رشق لقاح الفيروس بطريقة هادئة على سطح الورقة النباتية. حيث لابد من جروح تنفذ الفيروسات خلالها إلى الخلية. أما عند إستخدام التلقيح الميكانيكي لعدوى النبات وذلك بمسح سطح الورقة بواسطة مادة خادشة مثل مسحوق زجاجي أو (الكاربوراندم) مع قطعة شاش مشبعة بلقاح الفيروس فتحدث العدوى من خلال الجروح التي تتسبب في خلايا البشرة أو الشعيرات نتيجة لعدوى سطح الورقة بالمسحوق. ومعروف أيضاً أن معظم هذه الجروح تصبح مقاومة للعدوى خلال ساعة واحدة من حدوثها، ربما بسبب التئامها. وهناك بعض البحوث التي تشير لدور الاكتوديزماتا Ectodesmata وهي بلازموديزماتا Plasmodesmata  تحدث في الجدر الخارجية لخلايا بشرة أوراق النبات وهي خيوط بروتوبلازمية تربط بين سيتوبلازم الخلية وطبقة الكيوتكل في دخول الفيروسات إلى خلايا النبات أثناء عملية التلقيح الميكانيكي للورقة غير أن هذه الادلة غير قطعية، حيث أنه لم يمكن رؤيتها في شرائح الأنسجة التي درست بالمجهر الالكتروني، بل كان الاستدلال عليها بواسطة الصبغات المرئية وبالمجهر الضوئي ومن الطرق الاخرى التي يعتقد بأن الفيروسات قد تدخل عن طريقها إلى الخلية هي الشعيرات الموجودة على سطح الاوراق لبعض النباتات كالتبغ والطماطم مثلاً حيث لوحظ بأنه عند جرح شعيرة بطريقة ما تفرز منها قطرة صغيرة جداً من البروتوبلازم التي لاتلبث لحظة حتى تنسحب مرة أخرى إلى خلية الشعيرة دون أن يؤدي هذا الجرح إلى موت الخلية، فاذا كانت جسيمات الفيروس موجودة في منطقة الجرح فانها ستلتصق بقطرة البروتوبلازم وتدخل معها إلى الخلية وفي مجال دور هذه الشعيرات أيضاً يعتقد بأنه عند كسر الشعيرة قرب قاعدتها أثناء التلقيح الميكانيكي يتعرض بروتوبلازم الخلية المكسور إلى لقاح الفيروس فتلتصق بعض جسيمات الفيروس بالبروتوبلازم، ولما كان هذا البروتوبلازم متصل مع خلية القدم Foot cell للشعيرة بواسطة القنوات البلازمية فمن المحتمل أن تمر الفيروسات من خلال هذه الخيوط إلى خلية القدم حيث تتكاثر وتسبب العدوى.


      من المعروف بأن الخلايا تستخدم عملية الالتهام البينوسيتوسز Pinocytosis في إدخال الجزيئات الكبيرة من المركبات العضوية إلى داخلها . وتحدث عملية البينوسيتوسز هذه بالتصاق جزيئات هذه المركبات على الغشاء الخلوي ويتبع ذلك تكون إنبعاج في الغشاء إلى داخل الخلية ثم تحول هذا الانبعاج إلى مايشبه بالكيس الذي يحتوي بداخله جزيئات المركب، ثم إنفصال الكيس بمحتوياته من الغشاء الخلوي وتحركه إلى داخل الخلية وبالتالي تحلل غشاء الكيس وتحرر جزيئات المركب إلى داخل الخلية. وقد لوحظت عملية الالتهام البينوسيتوسز هذه عند دراسة عدوى خلايا الحيوان بفيروسات شلل الأطفال Polimylaitis أما بالنسبة لأهمية هذه العملية في عدوى النبات بالفيروسات فقد لوحظت من قبل كوكنك عام .197 عند دراسته عدوى بروتوبلاست خلايا ثمار الطماطم بفيروس موزايك الدخان TMV. وفيروس البطاطا X، وفيروس موزايك الخيارCMV لعدوى بروتوبلاست خلايا نبات الدخان . وقد لاحظ كوكنك وآخرون فيها بعد بأن مادة Poly-L-Ornithine تحفز أو تساعد على حدوث عملية الإلتهام البينتوسيتوسز في الغشاء الخلوي لبروتوبلاست الخلايا، وبذلك تزيد من كفاءة عدوى هذه الخلايا بالفيروسات وبعد أن يصل الفيروس إلى داخل خلية النبات العائل باحدى الطرق التي سبق ذكرها تبدأ الخطوة الثانية المهمة جداً في عملية العدوى وهي عملية تكاثر الفيروس داخل الخلية.

ثالثا- تضاعف الفيروسات داخل خلايا النبات العائل :


أ) نزع الغلاف البروتيني عن الحامض النووي للفيروس:


لقد اصبح من المتفق عليه بأن أول خطوة لتضاعف الفيروسات بعد دخولها إلى الخلية هي نزع الغلاف البروتيني عن الحامض النووي. ويعتقد بأن هذه العملية تحدث بصورة تدريجية وذلك بازالة الوحدات البروتينية Protein subunit من الغلاف بخطوات متعاقبة. ونظراً لعدم إحتواء فيروسات النبات على إنزيمات فان عملية نزع الغلاف البروتيني تتم بمساعدة خلية النبات العائل في سيتوبلازم الخلية.


ب) تضاعف الحمض النووي للفيروس:


إن معظم التجارب والدراسات في هذا المجال اجريت على بعض فيروسات البكتريا من مجموعة الرايبوفاج مثل QB, MS2, R17 وبعض فيروسات الحيوان من مجموعة البكورنا Picornaviruses مثل Encephalomyocarditis, Polioviruses وهي جميعاً من الفيروسات التي تتكون عواملها الوراثية من RNA أحادي السلسلة. أما بالنسبة الى فيروسات النبات فقد تركزت الدراسات على فيروس موزاييك التبغ TMV وهو أيضاً من الفيروسات التي تكون العوامل الوراثية فيه من نوع RNA  احادي السلسلة.

ونظراً لكون العوامل الوراثية لمعظم فيروسات النبات هي من نوع RNA الاحادي الخيط أيضاً، عليه نلخص فيما يلي الخطوات والمعلومات المتوفرة عن تضاعف الحمض النووي لهذا النوع من الفيروسات في خلايا العائل:


1- ترجمة العوامل الوراثية على جزء معين من الحمض النووي التي تؤدي الى تصنيع الانزيمات الخاصة بتضاعف الحمض النووي وأهمها RNA Replicase .

2- إستنساخ خيطى سالب يسمى بالخيط الشقيق السالب Minus complementarystrand  على خيط الحمض النووي الكامل للفيروس الذي يسمى عادة بالخيط الموجب +RNA بمساعدة الانزيم RNA Replicase وربما إنزيمات وعوامل مساعدة أخرى ونتيجة لذلك يتكون RNA ثنائي الخيط احدهما الحمض النووي الاصلي للفيروس +RNA والثاني هو الخيط الشقيق -RNA ويطلق على هذين الخيطين معاً الشكل التناسخي Replicative form RNA (RF) .


3- ينفصل خيطا الشكل التناسخي RF عن بعضهما، ويعمل الخيط السالب -RNA كقالب Template لانتاج العديد من الخيوط الموجبة +RNA عليه بمساعدة الانزيمات وبذلك يتم تضاعف الحمض النووي للفيروس. أما موقع العمليات الكيمائية المذكورة أعلاه داخل خلية العائل تختلف من فيروس لآخر فبالنسبة لفيروس موارييك التبغ TMV تشير التجارب بأن موقع تضاعف الحمض النووي هو النواة وبصورة خاصة النوية. كما تشير هذه التجارب بأن الحمض النووي الذي يصنع في النوية ينقل إلى السيتوبلازم.


ج) تصنيع البروتينات الخاصة بالفيروسات:


تصنيع بروتينات الفيروسات في الخلية المصابة بواسطة رايبوسومات الخلية التي تقوم بترجمة المعلومات الخاصة بنوعية البروتين من جزء معين من الحمض النووي للفيروس، وهذه العمليات لاتختلف في الأساس عن عملية تصنيع البروتين في خلايا النبات إلا أنه من المعروف بأن داخل الخلية النباتية هنالك أكثر من موقع واحد لتصنيع البروتينات منها السيتوبلازم والكلوروبلاست والميتوكوندريا وكل من هذه المواقع توجد رايبوسومات خاصة بها تمثل الهيكل الأساسي لجهاز تصنيع البروتينات ويستدل من التجارب التي أجراها العلماء بأن عملية تصنيع أو تمثيل البروتينات الخاصة بالفيروسات سواء منها البروتينات الخاصة بالغلاف البروتيني أو الانزيمات تصنع في السيتوبلازم. والدلالة على ذلك هو أنه يمكن تثبيط أو منع تصنيع هذه البروتينات عند إستخدام السايكلوهيكسمايد وهو مضاد حيوي يمنع تصنيع البروتينات بواسطة رايبوسومات السيتوبلازم، بينما لايمنع تصنيع هذه البروتينات المضاد الحيوي كلورامفينيكول الذي يثبط أو يمنع تصنيع البروتينات بواسطة الرايبوسومات الخاصة بالكلوروبلاست أو المايتوكوندريا.

د) تركيب وتجميع البروتين مع الحامض النووي للفيروس:


لازالت الطريقة التي تتجمع وتتحد فيها اجزاء الفيروس المصنعة (البروتين والحامض النووي) داخل الخلية لتكوين فيروسات متكاملة غيرمعروفة بالتحديد. إلا أنه يستدل من المعلومات التي سبق ذكرها بأن الاجزاء المصنعة لفيروس موزايك التبغ تتجمع في السيتوبلازم، كما هو معروف أيضاً أن جسيمات الفيروس المتكاملة تتجمع أيضاً في السيتوبلازم. وقد أقترح أن الكيفية التي يتم فيها اتحاد الحامض النووي والوحدات البروتينية لهذا الفيروس هو ان تتحد مجموعة من الوحدات البروتينية لتكوين قرص ثم يتحد او يتفاعل هذا القرص مع قواعد النيوكليوتيدات في إحدى نهايتي الحمض النووي للفيروس وهذا الاتحاد يحول قرص الوحدات البروتينية الى دورتي حلزونيتين حول الحمض النووي وتستمر هذه العملية باندماج او اضافة اقراص أخرى بصورة متتالية إلى القرص الاول، وهكذا حتى يتم تغليف الحامض النووي باكمله وتنتج جسيمات فيروس متكاملة.

 

المصدر: منقول
  • Currently 45/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
15 تصويتات / 3267 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2011 بواسطة plantvirus

ساحة النقاش

د. على حسين حامد Dr. ALI Hussein Hamed

plantvirus
د. على حسين حامد من مواليد محافظة قنا جنوب مصر باحث أول بقسم بحوث الفيروس والفيتوبلازما – معهد بحوث أمراض النباتات – مركز البحوث الزراعية-الجيزة بكالوريووس علوم زراعية - أمراض النبات-كلية الزراعة -جامعه الازهر 2000 ماجستير فى أمراض النبات-كلية الزراعة -جامعه الازهر 2006 دكتوراة فى أمراض النبات-كلية الزراعة -جامعه القاهرة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

424,479

انشىء هذا الموقع فى اكتوبر2011