نسمات مديحة حسن

شعر / خواطر / قصة قصيرة / وطنيات

حـســــن زايــــــــد .. يكتب :

الإخـــوان والـمـصـــالـحــــة
القاعدة التي لا خلاف عليها ، هي أن الصلح خير . الصلح الذي ينهي حالة الخصام بين شخصين أوبين مجتمعين أو بين دولتين . وهو خير لأنه يتعلق بتوحيد القوة وإطلاقها في اتجاه واحد هو خير الإنسان ، ويوقف التبديد في هذه القوي الناجم عن الخصام .
وهنا يبرز السؤال عن جواز الصلح بين مجتمع وفئة أو طائفة أو جماعة أعلنت عصيانها وشرودها ، وحمل السلاح في وجه المجتمع ومجابهنه ، فلما تبين لها عجزها ، وعدم قدرتها ، وفشلها في المواجهة ، وأن إحنمالات إبادتها والقضاء عليها قائمة ، عرضت الصلح إنقاذاً لما يمكن إنقاذه مما يمكن به الحفاظ علي البقية الباقية من وجودها .
ولما كانت الدولة الوطنية يمتنع عليها المصالحة مع إحدي الجماعات المارقة ، لأنه لا تصالح مع من يخرج عن طوع دولته ، وإنما هناك قانون يستوجب النفاذ والإعمال في مواجهته ، التزمت الدولة الرسمية الصمت ، والرفض لأي عروض ظاهرة أو ضمنية تأتيها من جانب هذه الجماعة . خاصة وأن المصالحة تضع الدولة والجماعة الضالة عن ثوابت المجتمع علي قدم وساق ، وكذا علي مسافة واحدة ، وهو لا يجوز قبوله ، أو التسليم به . ثم القت الدولة الرسمية الكرة في ملعب الشعب ، إن شاء تصالح ، وإن لم يشأ الصلح أصبح هو والعدم سواء ، والكلام فيه مجرد لعبة عبثية يتسلي بها الأولاد في حواديتهم .
وقد حدث ذلك في مصر ، الدولة والشعب ، مع جماعة الإخوان في أعقاب ثورة 30 يونية .
فقد طرحت العديد من مبادرات الصلح بين الدولة والجماعة ، بعد الصراع المسلح الذي التجأت إليه الجماعة ، في أعقاب الإطاحة بنظامها من سدة الحكم . بعض هذه المبادرات كانت مفخخة إذ يعقبها عمليات إرهابية تستهدف شخصيات عامة ، أو شرطة مدنية ، أو قوات مسلحة . وبعضها غير جادة تسنهدف من مقدميها الشهرة ، وبعضها نوع من المزايدة علي الدولة المصرية ـ وهي تعد من باب الخيانة ـ لأتها تمثل نوع من التحريض عليها .
وقد كانت من ضمن الدعوات ، الدعوة التي أعلنها راشد الغنوشي ـ عضو التنظيم الدولي للإخوان وزعيم حركة النهضة التونسية ـ ونشرها في إحدي الصحف الموالية للجماعة ، ولا تدري إن كانت هذه الدعوة جادة أم مجرد بالونة إختبار ، أم تستهدف وضع النظام المصري في موقف الرافض للحلول السلمية في مواجهة الرأي العام والمؤسسي الغربي ، لتدعيم فكرة طبيعة النظام التي يروجون لها ، وهي أنه نظام عسكري انقلابي ، لايعرف سوي لغة الضغط والمطاردة .
وقد كان كذلك من ضمن تلك الدعوات تلك الدعوة التي أطلقها يوسف ندا ـ وزير مالية الجماعة في التنظيم الدولي ـ وينطبق عليها ما ينطبق علي دعوة الغنوشي .
ثم كانت الدعوة التي اطلقها عماد أديب ، تلك الدعوة التي لا يعرف أسباب إطلاقها ، كما أنها لم تأخذ فرصتها في النشر ، وقتلت في مهدها . وقد كانت تقوم لا علي الصلح مع الجماعة وإنما التصالح مع المتعاطفين مع الجماعة من غير الأعضاء من الجماعة . وقد لاقت الدعوة هجوماً ضارياً أفضي إلي وأدها في المهد .
ثم جاءت في نهاية المطاف دعوة كمال الهلباوي ـ المتحدث الرسمي باسم التنظيم الدولي للإخوان سابقاً ، والذي أعلن انشقاقه عن الجماعة في 2012م ـ وقد أطلقها الهلباوي وهويطلق علي حسن البنا ، وسيد قطب لقب الأئمة . ويعلن في ذات الوقت أن زوجته وأولاده ما زالوا إخواناً . وهذا مما يدعو للعجب .
وقد اعترض من اعترض علي المصالحة لأسباب عدة من بينها أنها فرصة للجماعة لإلتقاط الأنفاس ، وإعطائها فرصة لإصلاح نفسها ، فضلاً عن إجراء حوار سياسي شامل مع المتعاطفين معها في محاولة لجذبهم إليها ، وجعلهم أكثر التصاقاً وقرباً وحميمية مع الجماعة .
واعنرض البعض الآخر علي المصالحة باعتبار أن الجماعة ذات أيادي ملوثة بالدماء منذ نشأتها وحتي تاريخه ضد الشعب المصري . هذا فضلاً عن كونها محظورة بموجب القانون وبالتالي فهي خائنة لا يؤمن لها جانب خاصة أنها لا تزال تحمل في أحشائها ذات الأفكار الإرهابية المتطرفة .
وأيا كانت الأسباب التي دعت إلي الرفض ، فهناك سبب جوهري يدفع الدولة والشعب إلي رفض مبدأ التصالح من حيث المبدأ وهو حمل ذات البذور وأفكار التطرف والأرهاب في كيان الجماعة وذلك علي مستوي أجيالها منذ الرعيل الأول حتي الأجيال الحالية .
صحيح أن القوة الغاشمة التي إلتجأت إليها الدولة في مواجهة الجماعة بإرهابها لن تقضي علي الجماعة ، لأن الجماعة فكرة ، والفكرة لا تموت إلا أنه السبيل الأوحد للقضاء علي حركية هذه الفكرة . حتي تذوب الفكرة وتموت داخل أدمغة حامليها ، وتنتهي الفكرة كما انتهت أفكار ودعاوي تمتليء بذكرها كتب التاريخ .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 41 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2018 بواسطة nsmat

مديحة حسن كاتب وشاعر

nsmat
شعر / خواطر / وطنيات / قصة قصيرة / اخري »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

186,112