صوت يصافح الآذان تعزف خلفه فرقة ماسية03-05-1432 06:48
القاهرة : نهى جمال طاهر – خاص " فنون الخليج "
إلى أعز الناس .. إلى عبد الحليم حافظ .. فى الثلاثين من مارس 1977 ودعنا وودعناه .. ودعناه جسداً .. ولكنه بقى معنا روحاً .. وفناً خالداً .. وتراثاً كل يوم يجدد .. نذكره ولا ننساه .. نذكر كل نسمات الحب التى عطر بها حياتنا .. نذكر نفحات الأمل التى غمر بها دنيانا .
ونستلهم كل نبضات القلب التى حيا بها كفاح ونضال أمته . فمع انطلاقة ثورة يوليو 1952 بدأ الصوت الجديد يصافح الآذان ثم ينساب صافياً ليستقر فى كل وجدان .. وليعرف الناس عبد الحليم حافظ .
فى صدره عاشت الأمانى والأحلام التى عاشت فى صدور كل المصريين وفى عروقه جرت دماء الثورة التى جرت فى عروق كل مصرى .
ويشق الصوت الجديد طريقه بكل نبرات الصدق والإيمان يؤرخ للأحداث الكبار التى تشتهدها الساحة الوطنية . وهكذا بقيت أعماله سجلاً أميناً لمرحلة من مراحل تاريخ مصر الحديث إذا لم نخطئ التعبير أو نبتعد كثيراً عن الحق والواقع .
هذه هى الكلمات التى كتبها مجدى العمروسى - الأمين على تراث عبد الحليم حافظ – فى تقديمه لكتاب « أعز الناس » الذى كتبه بعد وفاة العندليب الأسمر ، والذى أشرف عليه الكاتب الصحفى عادل البلك ، ليسجل فيه رحلة هذا الفنان العملاق الذى عاش فى قلوب كل المصريين .
الكاتب الكبير مصطفى أمين كتب عن « أعز الناس » فى عموده الثابت فى أخبار اليوم « فكرة » : كانت حياة عبد الحليم أسطورة اقترب منها مجدى العمروسى عندما كان عبد الحليم تحت الصفر ! يغنى عبد الحليم أغانيه فيطلب الجمهور أن يغنى أغانى محمد عبد الوهاب ! كسروا قلبه . انفضوا من حوله . اضطر أن يخاطب الجماهير ويقول لهم اسمعونى !! اعطونى فرصة ! ورفض الناس أن يسمعوه وفى تلك اللحظات الحرجة عرف مجدى عبد الحليم . وعاش معه كل أيامه السوداء . وهو يشق طريقه من تحت الصفر إلى الصفر ثم إلى المجد . شاركه التعاسة والبؤس والشقاء والحرمان . رأى الجماهير التى كانت تهرب من حفلات عبد الحليم وهى تقبل عليه وتحمله على الأعناق . شاهد الشمس الغاربة وهى تشرق من جديد .
ويقول مجدى العمروسى : إن عبد الحليم عندما بدأ مشواره الفنى ، بدأه برفقة محمد الموجى ، وكمال الطويل ، ومنير مراد ، وعلى إسماعيل ، ثم انضم إليهم الأستاذ محمد عبد الوهاب ، وبليغ حمدى ، وكل من أعطى لعبد الحليم حافظ نغمة حلوة ، أو لحناً جميلاً ، دعم خطاه عند الناس . وكذلك بدأ مشواره مع سمير محجوب ، ومحمد حلاوة ، ومحمد على أحمد ثم انضم إليهم مرسى جميل عزيز ، ومأمون الشناوى ، وأحمد شفيق كامل ، وصلاح جاهين ، وإسماعيل الحبروك ، وعبد الرحمن الأبنودى ، ومحمد حمزة ، وصلاح أبو سلم ، وكل من كتب له كلمة حلوة أو أغنية جميلة ، دعمت طريقه ، وأكدت مكانته فى أذان المستمعين واتفقوا جميعاً ، وأجمعوا فيما بينهم على أن يكون رسولهم وواجتهم الفنية لدى الجماهير هو عبد الحليم حافظ . لم يتصارعوا على من يمثلهم ، أو من يتكلم باسمهم أو يقدم فنهم للناس ، ولكن كان هناك إجماع على أن يقدم فنهم للناس . إنه : عبد الحليم حافظ . وكذلك بدأ مشواره مع أحمد فؤاد حسن والفرقة الماسية التى عزفت خلفه من البداية إلى النهاية ، وأخلصت فى تعاملها معه .
إنها الأسطورة التى اسمها عبد الحليم حافظ ، الواجهة التى تحملت أمانة رفاقه جميعاً ، وقدمتها بل وخلدتها لدى العالم العربى بلا استثناء ، رحم الله عبد الحليم حافظ الغائب الحاضر ، الباقى فى قلوب الناس ، كل الناس ، كل الناس .. الأسطورة .. والمثل .. والقدوة .. وقمة العطاء . هل أتى كل ذلك من فراغ ؟ .
ولكى نعرف الحقيقة يجب أن نبتدى الحكاية من البداية ، وأخيراً أرجو أن يقبل القارئ عذرى فى أننى فيما أكتب لن ألتزم الأسلوب الأدبى الرصين ، أو اللغة العربية الفصحى ، لأننى لست من الأدباء ، ولن أعطى كتابى لمن هو أقدر منى على صياغته . ولكننى سوف أحكى كل شئ ببساطة كوقائع حدثت ، وأحداث حصلت ، دون تذويق فى الكتابة ، أو تنميق فى الأسلوب محاولاً أن أصل إلى بعض الصدق الذى كان ميزة عبد الحليم حافظ الكبرى ، ولنبدأ من البداية .
كان دخول عبد الحليم الرسمى إلى الساحة الفنية فى القاهرة ، ومن أوسع الأبواب ، وفى مناسبة من أهم المناسبات ففى يوم 18 يونيو سنة 53 كان إعلان ميلاد الجمهورية ، وأقام الأستاذ جلال معوض حفل أضواء المدينة فى هذه المناسبة ، أشرك فيه عبد الحليم حافظ .
بدأ نجم عبد الحليم يسطع بقوة وتألق ، خصوصاً بعد ما قدمه يوسف وهبى فى الحفل الذى أقامته ( أضواء المدينة ) وفى أكبر مناسبة ( ميلاد الجمهورية ) بل أكثر من ذلك ، أن الذى قدمه للناس كان فنان الشعب يوسف وهبى ، والذى قال : ( اليوم أزف لكم بشرى ميلاد الجمهورية ، وأقدم لكم الفنان عبد الحليم حافظ ) ، وفتحت الستارة على عبد الحليم ، الذى حرص فى تلك المناسبة أن يظهر فى مظهر مشرف ، وحوله أكبر حشد من الموسيقيين ، وكان ميلاده الرسمى من أوسع الأبواب .
يقول العمروسى : قد تنبأ كامل الشناوى بمستقبل عبد الحليم الفنى ، نظراً لما وجد به من طاقات فنية وصفات شخصية ، وهو الذى أطلق على أغنية ( على قد الشوق ) الطبق الطائر ، وكتب عن عبد الحليم كثيراُ ، بقلمه ، بل دفع الكثيرين كى يكتبون عنه ، وكان كامل الشناوى يأخذ عبد الحليم من يده ، ويصحبه معه إلى غرف المحللين والكتاب ، ويقول عنه عبارات التذكية والتنبوءات بأنه نجم المستقبل الصاعد فوق صاروخ .
يضيف العمروسى : كان إحسان عبد القدوس أول صديق صحفى ، وأول مدرسة تعلم فيها عبد الحليم ، ونقل عنه كثيراً واستفاد منه كثيراً جداً . كان عبد الحليم يسهر مع إحسان فى المجلة ليالى بطولها ، ويذهب مع إحسان إلى منزله ، وتعرف بزوجته العظيمة وبأولاده ، وحضر احتفالات إحسان ومناسباته المفرحة ، سواء بالنسبة للمجلة ، أو بالنسبة لإحسان شخصياً .
وقد قام عبد الحليم بتحويل بعض أعمال إحسان الأدبية إلى أفلام ، وقام ببطولتها .. " الوسادة الخالية " إخراج صلاح أبو سيف ، " البنات والصيف : إخراج صلاح أبو سيف وعز الدين ذو الفقار وفطين عبد الوهاب ، وقام ببطولة الجزء الذى أخرجه فطين عبد الوهاب ، وأخيراً " أبى فوق الشجرة " ، والتى كانت سبباً فى حالة الخلاف الوحيد الذى نشأ بين إحسان وعبد الحليم ، والذى زال سريعاً بمجرد أن رأى الإثنان الفيلم فى صالة العرض الخاصة فى استديو مصر .
وعن حكاية سعاد حسنى يقول العمروسى : لا شك أنه كانت لسعاد حسنى وعبد الحليم أكثر من حكاية تكلمت فيها الصحف ، ولا شك أن عبد الحليم ساعدها فى خطواتها الأولى ، ورشحها لتكون بطلة القصة الثالثة من فيلم البنات والصيف ، كما رشحها لتشاركه بطولة أحد أفلامه ، ولكن لم يتحقق ذلك .
الكتاب صدر عن وكالة إبكا للدعاية والإعلان ويقع فى 380 صفحة من
ساحة النقاش