ورمضان بركة اقتصادية وتربية استهلاكية يتسم شهر رمضان بمضاعفة الخيرات، وحلول البركات؛ فهو بحق شهر البركة الاقتصادية للأمة الإسلامية، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في قوله :
"أتاكم رمضان شهر بركة" رواه الطبراني. "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر يزاد فيه رزق المؤمن" رواه ابن خزيمة .وهذا مبدأ اقتصادي مهم جداً له أن يرسخ بذهنية المسلم فمع الأخذ بالسبب هناك بركة بالرزق والمتدبر لآيات القرآن الكريم يجد أن هناك ربطا جليا بين التقوى والبركة ظاهر في الربط بين قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} (الأعراف)ورغم البركة الاقتصادية في هذا الشهر الكريم؛ فإن الزيادة في البركة تتحول إلى الاستهلاك لا الادخار؛ فنحن أمة -للأسف الشديد- أصبح الاستهلاك ديدنها، حتى صدق فينا قول الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون: "إن العرب لا يعرفون كيف يصنعون الثروة، ولكنهم يعرفون جيدا كيف ينفقونها" .
ولغة الإحصائيات مرعبة ومحزنة على وطننا العربي بنظرة فاحصة إلى دول جنوب شرق آسيا، نجد أن نسبة الادخار في تلك الدول تصل إلى 40%، والاستهلاك 60%، وينطبق ذلك على كل الطبقات، الأغنياء والفقراء على حد سواء، أما في بلادنا فلم تتعد هذه النسبة 15%.
إن الاستهلاك المفرط لدى الأسر في رمضان يهدد حياتها الاقتصادية؛ حيث تشير بعض الدراسات التي أجريت عن دول الخليج أن 45% من الوجبات التي يتم إعدادها تذهب إلى صناديق القمامة .-لا حول ولا قوة ألا بالله - وتشير الإحصاءات إلى أن الاستهلاك في "شهر الصوم" يرتفع بنسبة تتراوح بين 10 و40% عنه على مدار السنة؛ فعلى سبيل المثال يمثل الإنفاق الاستهلاكي في مصر نسبة 20% من النفقات السنوية على الغذاء، بينما ترتفع تلك النسبة في السعودية لنحو 40%، وفي المغرب نحو 30%.يأتي هذا في وقت تبلغ فيه الفجوة الغذائية في العالم العربي ما قيمته 15 مليار دولار وفق إحصائيات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية للعام 2004م / إنه في أحد الأعوام قدر نصيب شهر رمضان من جملة الاستهلاك السنوي في إحدى الدول العربية بما نسبته 20%، أي أن هذه الدولة تستهلك في شهر واحد وهو شهر رمضان خمس استهلاكها السنوي كله، بينما تستهلك في الأشهر المتبقية الأربعة أخماس الباقية، وقد كلف شهر رمضان في ذلك العام الخزينة العامة للدولة حوالي 720 مليون دولار أمريكي.وتشير بعض الدراسات التي أجريت حديثاً إلى أن ما يلقى ويتلف من مواد غذائية ويوضع في صناديق القمامة كبير إلى الحد الذي قد تبلغ نسبته في بعض الحالات 45% من حجم القمامة.كما أجريت دراسة ميدانية عن الإسراف والتبذير في المأكولات الملقاة في مدينة واحدة في إحدى الدول العربية، فكانت النتيجة أن الإسراف اليومي نحو مليون دولار، أي أن الإسراف السنوي 365 مليون دولار.. وبالتالي المزيد من الاعتماد على الخارج؛ ذلك لأننا أمة مستهلكة أكثر منها منتجة. ولم نصل بعدُ إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي أو إلى مستوى معقول لتوفير احتياجاتنا الاستهلاكية اعتمادا على مواردنا وجهودنا الذاتية . إنه شهر الاقتصاد إن المنطق يشير إلى أن رمضان شهر الاقتصاد؛ فنسبة الاستهلاك في هذا الشهر ينبغي أن تنخفض إلى الثلث، باعتبار تخفيض عدد الوجبات من ثلاث وجبات في الأيام العادية إلى وجبتين في ذلك الشهر الكريم .فهذا الشهر فرصة ومجال لامتلاك إرادة التصدي لحالة الاستهلاك الشرهة التي تنتابنا في هذا الشهر الكريم، وتحقيق التربية الاستهلاكية من خلال القاعدة القرآنية الإرشادية المعروفة: )وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا) (الأعراف: 31) هذه القاعدة لا شك هي ميدان الترشيد على المستوى الفردي والمستوى العام . ويكأن رمضان يصحح لنا مفاهيم وأنماطنا الاستهلاكية ويقول لنا أن بإمكانك تجنب وجبة ثالثة بإمكانك تأجيل الاحتياج كما أمسكت من الفجر إلى المغرب مثل القاعدة العمرية بالترشيد "أكلما اشتهيت شيئا اشتريته "وجاء في الأثر عن يوسف عليه السلام : أنه لما صار أمينًا على خزائن الأرض ما كان يشبع قط؛ فلما سُئل عن ذلك قال: أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع.كثير من الدول تعلن عن حالات التقشف فمثلا الآن 2011 م تعلن اليونان عن أربعة سنوات من التقشف مبتدئة من تقشف الأسرة بنصيحة توفير وجبة لمدة شهر وأخرى خلال خمسة لعشرة أيام بالشهر مرورا بالمؤسسات وكذلك الدولة من تقليل النفقات فلو لجأ الشرق والغرب لروح الاقتصاد الرمضاني والتربية الاقتصادية للصوم لحلت الكثير من المشكلات الاقتصادية فأين نحن من تلك التربية الرمضانية الراقية فبصدق لو أتيح للأسرة أن توفر مقار الوجبة الثالثة وتتبرع بها على مستوى المجموع يمكننا القضاء على الفقر تماماً .
مع تمنياتي بتربية راقية
أ . نزار رمضان
محبكم دوماً الخبير التربوي والكاتب الصحفي بجريدة عكاظ
مجلة رؤى - مجلة الدعوة الإسلامية
والمشارك التربوي بقنوات دليل - الرسالة- السعودية الأولى
فور شباب - عيون جدة -إذاعة جدة -الشباب
مدرب تنمية بشرية ومستشار أسري
مخطط استراتيجي أسري ومعالج سلوكي للطفل والمراهق
بانتظار أفكارك وآرائك
للتواصل التربوي والاستشارات
المملكة العربية السعودية
شمال جدة حي الشاطئ
ج السعودية/ 00966508705124 موبيل مصر /0020124277270
ايميل / [email protected]
[email protected]
[email protected]
ساحة النقاش