الخطأ والسلوكيات غير السوية لم تأت فجأة أو في خلسة زمانية . السلوكيات التربوية عبارة عن جبل تراكمي عبر الزمان نتج من تربية خاطئة خبرات معوجة توجيهات في غير محلها ثم بعد هذا التراكم الزمني يأتي المربي ( أب - معلم - شيخ - مؤسسة ) ليحل محل السلوكيات الواهية سلوكيات جديدة مرغوبة في غمضة عين بل ويتأفف ويشكو من عدم استجابة المربى ونسي ما كان هو عليه سابقاً منذ كان طفلاً أو مراهقاً يقول صاحب الحلية أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دخل على أبيه عمر بن عبد العزيز فقال : (يا أمير المؤمنين ! إن لي إليك حاجة ، فأخْلِني وعنده مسلمة بن عبد الملك فقال له عمر : أسِرٌّ دون عمك ؟ فقال : نعم ! فقام مسلمة وخرج ، وجلس بين يديه فقال له : يا أمير المؤمنين ! ما أنت قائل لربك غداً إذا سألك فقال : رأيتَ بدعةً فلم تُمِتْها ، أو سنة لم تُحْيِها ؟ فقال له : يا بني أشيء حَمَّلَتْكَهُ الرعية إليَّ ، أم رأي رأيته من قِبَل نفسك ؟ قال : لا ، واللهِ ، ولكن رأي رأيته من قِبَل نفسي ، وعرفت أنك مسؤول ؛ فما أنت قائل ؟ فقال أبوه : رحمك الله وجزاك الله من ولد خيراً ؛ فوالله إني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير . يا بني ! إن قومك قد شدُّوا هذا الأمر عقدة عقدة ، وعروة عروة ، ومتى ما أريدُ مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليَّ فتقاً تكثر فيه الدماء ، واللهِ لَزوالُ الدنيا أهون عليَّ من أن يهراق في سببي محجمة من دم ، أَوَ ما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيي فيه سنة ، حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين ؟ ) ومن هنا نفهم فقه عمر التربوي التدرجي في التغيير وفي الإصلاح وهذا لا يعني أن التدرج التربوي منهجية التسويف أو تكأة التعطيل لا ولكن منهجية لا بد أن تكون في ذهنية المربي وعقليته يقول عمر بن عبد العزيز"لو كان كل بدعة يميتها الله على يديَّ، وكل سُنّة ينعشها الله على يديّ ببضعة من لحمي حتى يأتي آخر ذلك على نفسي، كان في الله يسيرًا " غير أن حماسه للتغيير واللإصلاح واستعداده للفداء والاستشهاد في سبيله لم يدفعه إلى محاولة إتمامه فجأة وطفرة، وإنما سلك إليه سبيل التدرج ودافع عن هذا المنهاج في التغيير في حواره مع ابنه عبد الملك الذي كان يتعجل التغيير والإصلاح فقال لأبيه: "يا أبت، ما لك لا تنفذ في الأمور؟! فوالله لا أبالي في الحق لو غلت بي وبك القدور!". فرد عليه عمر بن عبد العزيز، بحكمة رجل تربوي وخبير مصلح والفقيه في سنة التغيير التدريجي قائلاً: "لا تعجل يا بني! فإن الله تعالى ذم الخمر في القرآن مرتين وحرّمها في الثالثة، وأنا أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدَعوه وتكونَ فتنة". يقول البنا رحمه الله (فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها، فلست معه في ذلك بحال، وخيرٌ له أن ينصرف ، ومن صبر حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله) نحتاج كمربين أن نتعامل مع شببانا وأبنائنا بل وأنفسنا من هذا الفقه التربوي الرشيد في التدرج لمعاجاتنا التربوية والسلوكية .
مع تمنياتي بتربية راقية
أ . نزار رمضان
محبكم دوماً الخبير التربوي والكاتب الصحفي بجريدة عكاظ
مجلة رؤى - مجلة الدعوة الإسلامية
والمشارك التربوي بقنوات دليل - الرسالة- السعودية الأولى
فور شباب - عيون جدة -إذاعة جدة -الشباب
مدرب تنمية بشرية ومستشار أسري
مخطط استراتيجي أسري ومعالج سلوكي للطفل والمراهق
بانتظار أفكارك وآرائك
للتواصل التربوي والاستشارات
المملكة العربية السعودية
شمال جدة حي الشاطئ
ج السعودية/ 00966508705124 موبيل مصر /0020124277270
ايميل / [email protected]
[email protected]
[email protected]
ساحة النقاش